الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الفعل التقدمي

وديان عثمان

2014 / 10 / 24
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


لقد خصصت هذه القراءة البحثية، لتعريف الفعل التقدمي، بعد ما لم أجد، أي تعريف جدّي للموضوع، و بالأخص للتمييز، بين ما يسمي نفسه تقدميا، و ما هو تقدمي بالفعل.
إذا و بعد البحث في المعاجم، و الحصول على كمّ هائل، من المعلومات غير المفيدة، وصلنا لتعريف يستحق السرد، تعرف مجموعة قاموسك الأميركية على الإنترنت، الفعل التقدمي بأنه: فعل تقوم به قوى سياسية، لإصلاح كافة المجالات،الحكومية، النظرية،الطبية، التأمينية و الإقتصادية.
و تضع المجموعة نفسها، مجموعة من الأهداف، لكي تكون القوى، بالفعل تقدمية.
أولاً: القضاء على الفساد الحكومي، و تأثيراته القوية.
ثانياً: تفعيل العمل السياسي، من خلال زيادة المشاركين، من عامة الناس.
ثالثاً: تحقيق إلزام الدولة، بتأمين إقتصاد عادل، و إيجادها حلول للمشاكل الإجتماعية.
رابعاً: التخلص من السلطة السياسية لرجال الأعمال، و إدخال النساء في العملية السياسية، و تغيير النظام الإنتخابي.
وتعرف المجموعة الرئيس الأميركي، أندرو ويلسون، بأنه رئيس تقدمي.
لكن فلنتوسع ضمن المبادئ، القضاء على الفساد الحكومي.غالبا ما يطرح هذا البند بشكل عمومي، و كأنه لا يحتاج، لآلية عملية، تكون بحجم تعقيدات الواقع، لتغييره بشكل فعّال، يعتبر "التقدمييون" الأمريكيون، بأن القضاء على الفساد الحكومي، يكون بإنتخاب الأشخاص "الأصح" للمهمة، و إذا ما أدخلنا البنود الأخرى، سنخرج بصورة، أنه من الضروري أيضاً، زيادة عدد المشاركين في العملية السياسية، للحد الأقصى الممكن، و تفعيل دور النساء أيضاً، و منع إقصائهن، للوصول بفعالية مع العدد الكبير اللاحق بالعملية السياسية، للتخلص من سلطة رجال الأعمال، و تحقيق إلزام بالدولة، بتأمين إقتصاد عادل، و إيجاد حلول للمشاكل الإجتماعية.
لو كان هذا التسلسل صحيحاً، لكان نجح و لو لمرة، و بخاصة كون الموقع يعتبر الرئيس، أندرو ويلسون، رئيساً تقدمياً، لكن كل ما ذكر، يبقى أضغاث أحلام، لكون العقدة الأساسية، هي مسألة ما لم يتم الإجابة عليه، هي كيف يمكن لأحد، أن يجري تغييراً تقدمياً، ما لم يكن يحمل وعياً و فكراً تقدمياً؟
ما أصبح واضحاً للناس اليوم، أن الفكر التقدمي، يحمله أصحاب الإختصاص، هم الذي يملكون ملكة الإبداع و أدواته، في حين يسيطر على الإمكانية الفعلية، رجال الأعمال بشركاتهم، و غاياتهم الربحية، و التي يمكن أن تحوي ما هو في قمة الرجعية، و في أبسط الأمثال، كأن تقوم شركات الأدوية بتطوير، فيروسات و إطلاقها، للتسويق لأدوية باهظة الثمن، و كأن تقوم بتأخير إستثمار تقدم تكنولوجي معين، بغية إستثماره في المجالات العسكرية حصراً، كونه المجال التي تصرف فيه أعظم الإمكانيات، و أكبر الموازانات، و يحقق أهم عائدات ربحية، فنكتشف أن الإنترنت ظهر للوجود عام 1960 لكنه لم يظهر لعامة الناس حتى عام 1990.
إذاً من هو الأكفأ، بمواجهة سلطة رجال الأعمال، و أصحاب الشركات المتعددة الجنسيات؟
للإجابة عن هذا السؤال علينا إيجاد، من يحمل الفكر و الوعي التقدمي، و من يملك القدرة الفعلية، للتغيير في الواقع، و بالتالي إتمام الفعل التقدمي.
في واقع سيطرة الشركات، و سلطة رجال الأعمال على العملية السياسية، و على جوانب الحياة كافة، و في ظل التحول من الإقتصاد المنتج، إلى الإقتصاد الريعي، في ظل نفاذ الحلول، امام الإقتصاد المنتج بشكل أعمى، للتعامل مع فائض الإنتاج، قد يقول البعض إن المهمشين هم الأولى بالمهمة، لكن كيف قد يستطيع هؤلاء التغيير؟و هم بلا تأثير على العملية الربحية، الجانب الأهم في العملية الإقتصادية، لكن هل يمكن للطبقة العاملة أن تغيّر؟و بخاصة أن الإقتصاد الريعي لا علاقة له بالإنتاج؟
غير صحيح، و أنه في أي مرحلة، توقف إعتماد الإقتصاد العالمي على السلعة، و على إنتاجها، لكن تهميش الربح العائد للإنتاج، تتطلب نقل مراكز الإنتاج إلى دول نامية، كالصين و فيتنام و الهند، حيث اليد العاملة الرخيصة و المتلهفة للعمل بأي ثمن، ليتركز الربح في البيع و إعادة البيع، و تكون الكلفة الأكبر ليس في الإنتاج، بل في التسويق، تعقيدات كبيرة و كثيرة، لا تغيّر شيئاً، في الواقع الذي كان دوماً حاضراً، إن القوى العاملة عموماً و المنتجة خصوصاً، هي المعنية بتنفيذ الفعل التقدمي، وحمله إلى حيز التغيير، لكونها القادرة على التأثير في الإنتاج، و بالتالي التأثير في العملية الربحية، لكن كيف و بأي آلية و تحت أي تأثير؟
لا يمكن التغيير بالإنتخاب طبعاً، لكون القوى المسيطرة، تضع المعايير الإنتخابية، لإعادة تجديد سيطرتها و هيمنتها،إذاً لا تغيير سوى بالحراك الثوري الواعي!
لا يمكن للقوى المنتجة، المولجة بعملية التغيير،أن تغيّر سوى بسيطرتها على السلطة، كامل السلطة، و نزعها من الطبقة المسيطرة من رجال أعمال، و شركات متعددة الجنسيات.
إن أي حراك ثوري ليصبح تقدمياً، يتطلب وعياً ثورياً تقدمياً، هذا الوعي يمكن إكتسابه، أثناء الحراك الثوري، إذ ستدركه القوى الثائرة مع الوقت، من التعامل مع الواقع بتعقيداته، أو يمكن أن ينخرط المثقفون الثوريون في هذا الحراك ليكونوا عقله الواعي،و وعيه التقدمي الثوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاتس: تركيا رفعت العديد من القيود التجارية المفروضة على إسرا


.. واشنطن تفتح جبهة جديدة في حربها التجارية مع الصين عنوانها ا




.. إصابة مراسلنا في غزة حازم البنا وحالته مستقرة


.. فريق أمني مصري يتقصّى ملابسات حادث مقتل رجل أعمال إسرائيلي ف




.. نزوح الأهالي في رفح تحت القصف المستمر