الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طعنة في ظهر ابن رشد

بدر الدين شنن

2014 / 10 / 25
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


أنا لن أناقش منح جائزة بن رشد للفكر الحر للسيد " راشد الغنوشي " ، من منظور فلسفي . فهذا الحدث لا يدخل في مضمار النقاش الفكري المفلسف ، وكل نقاش لما يسمى فكر " النهضة الإسلامية " التي يتزعمها السيد " الغنوشي " ، وكذلك طروحاته الشخصية المتأتية عن خلفيته الأخوانية ، وتوجهات " نهضته الإسلامية " ، وفق معايير الفكر والفلسفة ، يذهب بالموضوع المثار بعيداً عن موقعه المناسب له وعن غايته .

إن منح السيد " الغنوشي " جائزة بن رشد ، هي مسألة سياسية .. وهي تشكل منزلقاً لمؤسسة محترمة إلى مستوى مؤسسة " نوبل " التي تسيس حتى جوائزها العلمية . فهذه الجائزة :
- 1 تقدم الدعم لحزب الغنوشي في الانتخابات البرلمانية التونسية . ما يشكل اختطافاً لنضالات القوى الشعبية التونسية ضد نظام " بن علي " من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية . إن الاعتماد على بعض الأقوال والحركات الشخصية للغنوشي ، لتسويق حزبه .. وشخصه .. انتخابياً لا يجوز اعتباره معياراً لمنحه جائزة بن رشد . فحزبه وهو شخصياً لعب دوراً أساسياً في خلق المناخ الإسلامي السياسي المتطرف ، الذي ولدت وترعرعت في حاضنته كوادر وتنظيمات الإرهاب ، التي تفتك الآن بالرموز الديمقراطية واليسارية والقوات المسلحة التونسية . وهو وإن لم يكن له صلة مباشرة بهذه التنظيمات ، فهو أبوها الروحي وداعمها المعنوي .
وقد كان على مؤسسة بن رشد أن تتريث إلى ما بعد الانتخابات التونسية على الأقل ، وبعدها تفكر بمنح الغنوشي جائزة أم لا .

- 2 وهي " الجائزة " تقدم في ظروف اجتياح الإسلام السياسي التكفيري المتخلف لعدد من البلدان العربية . وقد ارتكبت الفصائل الإسلامية السياسية المسلحة أبشع الجرائم بحق الشعوب .. وما زالت تمارس أعمالها الإجرامية المتوحشة باسم " الإسلام " .. في سوريا والعراق ومصر ولبنان واليمن وليبيا وتونس والجزائر . ومنح هذه الجائزة لأحد روز الإسلام السياسي الآن ، يقد الدعم المعنوي ، والسياسي ، لهذه الفصائل بشكل يكاد يكون مباشراً .

- 3 وهي " الجائزة " تقدم في مرحلة انتقال الإسلام السياسي ، من الخطاب السياسي ، إلى الهجوم التكفيري الكاسح على كل ما تبقى من قيم حضارية وقومية وديمقراطية وتقدمية .. وتكفيرها .. وتدمير كل ما يرمز إلى هيا .. واغتيال رموزها .. كما حدث في تونس بالذات . وهنا تقوم الجائزة بخداع الجماهير التونسية والعربية والإسلامية .

- 4 وهي " الجائزة " صدمة مؤلمة للمناضلين من أجل الحرية والديمقراطية ، ولذوي الشهداء والضحايا ، الذين سحقتهم الحركات الإسلامية المسلحة بالسيف والسكين والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والأسلحة الكيماوية . وإذا كان الغنوشي حقاً بنظر مؤسسة بن رشد هو رجل الفكر الحر ، فإنه ينبغي عليهم اعتبار محمد مرسي وأبو بكر البغدادي وأبو محمدالجولاني رجال ثورة ورجال حرية أيضاً .. وعليهم بعدها أن يقنعوا الشعب في مصر وسوريا والعراق بذلك .

لقد قدمت مؤسسة بن رشد نفسها كرافعة لامعة للعقل والفعل والكلمة الحرة . وتحولت إلى مؤسسة مناضلة على المستوى الإنساني . واحتلت في عالم الكتاب والمثقفين والمناضلين مكانة مرموقة يعز علينا ضياعها .. لحساب دعم رمز من رموز تيار انكشف عقله المتوحش المعادي للحرية على مستوى العالم كله .
تكفي نظرة موضوعية لما تأتى عن الخطاب الإسلامي السياسي المتخلف عبر عقود من السنين ، وما يتأتي الآن عن العمليات المسلحة الهمجية للتيار الذي يشكل الغنوشي أحد رموزه البارزين .. لنقرر .. هل يستحق هذا الرجل جائزة من المفروض أن تمنح للكلمة الصادقة والرأي الحر .

إن منح مؤسسة بن رشد الجائزة للغنوشي ، يتعارض مباديء المؤسسة وأهدافها ، كما يتعارض مع تطلعات الشعب التونسي للحرية والكرامة .. ويتعارض مع حق الشعوب العربية بتقرير مصيرها .

إن سحب مؤسسة بن رشد الجائزة من الغنوشي فوراً .. هو استعادة مطلوبة لهيبتها ومكانتها .. وسيحسب لها من أكبر إنجازاتها في تاريخها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: احتجاجات في فرنسا بعد تحقيق اليمين المتطرف صعودا مدويا


.. إعلان تأسيس -الجبهة المغربية من أجل إطلاق سراح المعتقلين الس




.. بعد فوز اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي.. الرئي


.. شرطة كندا تصادر علم فلسطين وتعتدي على متظاهرين داعمين لغزة




.. ما هي أسباب تزايد دعم الشباب لأحزاب اليمين المتطرف في فرنسا