الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احذروا من لا حرج عليه

محمد التهامي بنيس

2014 / 10 / 28
الادب والفن


كاد أن يسجد وهو يركع ليقبل يد أستاذه , تمسح به , طأطأ رأسه المختفي نصفه بين منكبين عريضين , فجسمه يشبه الجوزة الكبيرة . شك الأستاذ في هذا المتملق . وقبل على مضض , أن يجعل منه في مكتبه عونا تحت المراقبة , أخلص أول الأمر في كل العمل وبزيادة كالطاحونة , حتى نال ثقة أستاذه . فجازاه بأن فضله شريكا يقاسمه المكسب والشهرة السياسية , وقدمه للحزب السياسي ,كشاب من خيرة من يوثق بهم . مرت سنوات , اشتد فيها عوده . واشتهر بين جماعة في الحزب , كانت تروح عن نفسها بالاستماع إلى تلعثمه وحديثه الركيك , حيث كان يبدو ساذجا مطيعا . وهو فقط يتمسكن ليتمكن . ما أن انشغل أستاذه بمهام سامية . حتى كاد له بمكائده المتتالية . وفاحت منه رائحة الخيانة , إلى أن انتهت بالاستحواذ على مكتب الأستاذ ومركزه القيادي في الحزب , وصار يتجاهل أعضاء ه ويخلق لهم المتاعب , وتزايدت مهازله , وأجاب مرة قيدوما نبهه لمزالقه . قائلا : إن الحمق من سمات الزعيم . وأنا الزعيم والزعيم أنا . أخطأت جماعة من الحزب بأن اعتبرته شرا لا بد منه , ولم تؤدبه أو توقفه عن العبث , حتى نفذ صبرهم . وغضبوا لخيانته , وصاحوا في وجهه . لا نأتمنك على كياننا الذي بنيناه بدمنا وتضحيات أعضائنا ومعاناتهم مع الويلات التي حاطت بهم منذ كنت ترضع حليب المرضعات . إلى أن صرت تعب كؤوس الراح لا تبالي . وكان بحق لا يبالي لأنه مسنود وموجه لتنفيذ أجندة سنده . تجاهل الجماعة , وتجاهل معلميه , وتجاهل ناصحيه . وتجاهل , وتجاهل . مبينا شعوره بالحزن أحيانا , وهو في حقيقة الوضع , حزن يطغى على الشعور بالذل . فهو كلما شعر بشبه تأثر ووخز ضمير , عب كؤوسه من خابية تشبهه طولا وعرضا , ليزيل عنه أي تأثر قد يردعه , حتى انتفخت عروقه كما انتفخ عناده ما هي إلا أيام قليلة . وضاقت عليه دائرة الزمن السياسي , وانعدمت فرص السكوت والمهادنة , وثارت ثائرة أعضاء من الغاضبين , الذين استشعروا متأخرين . أن جهاز كيانهم , سرق منهم , ولا بد من عمل يستردون به المسروق . قبل أن يدخل سوق المتاجرة بالمسروقات . أو يعثرون عليه بين أكوام الخردة – كما سبقته اليوم بعض لافتات أنشطته أيام زمان - كونوا خلية تفكير . اجتمعوا سرا وعلانية . تدارسوا الوضع والوضعية , والموضوع والموضوعية . أقنعوا بعض من اكتوى بمهازله , فانضم إليهم . أصبحوا كثرا . واستكثروا على أنفسهم المواجهة . ثارة خوفا على سمعة الجماعة , وثارة حفاظا على الوحدة , وثارة لأن الأمل غير مفقود في أن يصحو ضميره . ويعيد المسروق لأهله . وكأنهم نسوا أنه القائل : أنا الزعيم والزعيم أنا . ومن مواصفات الزعيم أن يكون أحمق . والأحمق لا حرج عليه . ولا يمكن أن يؤمن شره , وإذا ائتمن خان . وهاهو قد خان وسيستمر في الخيانة . لأنه ليس له ضمير ينتظرونصحوته ساد موقف شد الحبل بين أغلبية الغاضبين . وبين الزعيم وبعض مؤيديه . وألهاهم جميعا شد الحبل عن كل المعارك الآتية . وبقي الكثير من هؤلاء وهؤلاء وألئك . يتفرج ملتحقا بالأغلبية الصامتة . ربما في انتظار الذي يأتي ولا يأتي . ربما استمراء للوضع . ربما عجزا . ربما هو اليأس . ربما ظهرت لهم جميعا مؤشرات أنها النهاية التي تحرق الأخضر واليابس ..كل هذا حدث بسبب الثقة الزائدة , وبسبب أن لا حرج على زعيم أحمق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل