الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سافانا شمال إفريقيا والشرق الأوسط North Africa and Middle east Savana

التهامي صفاح

2014 / 10 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


كنا نتتفرج جماعيا كأصدقاء مشتتين في العالم عبر الأنترنيت على بعض فيديوهات الحياة البرية من خلال عرضها من موقع يوتيوب و نتابع الصراع والإفتراس و السلوك الحيواني الملئ بالعبر و الدروس الواقعية .وكان في نفس الوقت ممكنا لنا أن نتكلم مع أو نكتب لبعضنا بعضا علانية أو من خلال الرسائل الخاصة ..والناس عموما يعرفون عندنا أن منطقة سهول السافانا الإفريقية جنوب منطقتنا تعج بالحيوانات المفترسة مثل الطيور الكاسرة والسباع والضباع و الثعالب و الفهود الإفريقية و التماسيح وغيرها و كذلك بالحيوانات العاشبة (المسكينة) مثل البقر والحميرالوحشية و الغزلان والخنازير و النباتات المختلفة والغابات و المياه و غير ذلك من المناظر الطبيعية على مساحات واسعة .ولا يجب أن ننسى الحشرات و الزواحف و الفئران و القطط الصغيرة (لأن الأسود والفهود والنمور كلها تعتبر قططا كبيرة) و غيرذلك . داخل هذا الفضاء تهاجم يوميا الحيوانات المفترسة من الدرجة الأولى الحيوانات العاشبة .وقد يهاجم المفترسون من الدرجة الأولى مفترسين آخرين من الدرجة الثانية وهكذا..بحيث يمكن وصف كل يوم في السفانا بأنه يوم دموي بإمتياز .كثير من الضحايا يسقطون يوميا لكي يتغذى الآخرون .و قد يسقط ضحايا من المفترسين بقرون الحيوانات العاشبة أثناء الدفاع عن النفس .و تتخلل معارك المفترسين القاتلة مع العاشبين وغيرهم معارك ضارية من أجل الإستمرار في الحياة و التكاثر.و قد تنقلب محاولات المفترسين قتل الفرائس إلى نهايات لهم فيسقطون ضحايا بدورهم .
كثير من الفيديوهات تبين هذه الصراعات العدوانية الوحشية للحياة البرية في السافانا الإفريقية التي تنقلب يومبا لمشاهد دراماتيكية بين الحيوانات لا تعرف الرحمة .. قال بعض الإخوة حينما كنا نتابع جماعيا تلك الفيديوهات ، أن هذا شيء طبيعي تماما .هذه سنة الحياة وكل هذه الحيوانات والنباتات لا عقل لها و لاوعي بالوجود. فهي ليست كالإنسان أسمى الكائنات الحية بالعقل. و قال آخرون أن المدن والقرى في شمال إفريقيا و الشرق الأوسط مختلفة تماما عن السافانا الإفريقية فنحن لدينا ناطحات السحاب و السيارات و القطارات والترامواي و االمنجزات والبرلمانات والثقافة و الحضارة وووووو. بينما قال آخرون (وأنا منهم) أن ما يحصل الآن في منطقتنا من سقوط الضحايا بالمئات يوميا بالتفجيرات والقنابل والدبابات والطائرات في لبنان و سوريا و العراق و اليمن و ليبيا و تونس والجزائر و إسرائيل وغيرذلك، وما يتوعد به بعض الضباع الآدمية عبر وسائل الإعلام للآخرين من جز للأعناق و قطع للرقاب بفيديوهات نماذج لِ"الحضارة" التي قالوا لنا عنها تبين أنها خالية من كل تسامح أو تفاهم أو رحمة أو حكمة لهذا الذي قالوا لنا عنه أنه عاقل وواع بالوجود .وهذا لا يجعل شمال إفريقيا والشرق الأوسط حتى مثل السافانا الإفريقية.لأنه إذا قلنا بأن تلك المشاهد الدراماتيكية في السافانا الإفريقية هي بين حيوانات غير عاقلة فكيف سنصنف هذه المشاهد المؤلمة والأكثر دراما منها التي يقوم بها الإنسان في منطقتنا والحال أنه يقال عنه أنه متميز بالعقل بل البعض يدعي أن ما يقوم به هي تعاليم سماوية ؟
وتساءلنا عن الفرق في هذه الحالة بين سلوك الحيوانات في السافانا الإفريقية و ما يقوم به هؤلاء من أفعال في منطقتنا بإسم أنهم يمثلوننا ؟ من ولاَّهم علينا ؟
بينما قال آخرون أننا في الحقيقة في غابة و برية ليس بسبب وجود طيور اللقلاق على مآذن المساجد و البنايات العالية ووجود الفئران والقطط والطيور والخيول والحمير والكلاب وغير ذلك معنا و إنما بسبب وجود أخطر حيوان المسمى حيوانا عاقلا وهو الذي يعطي لنفسه الحق كي يفجر غدرا سوقا مليئا بالناس فقط لإسقاط أكبر عدد من الضحايا الأبرياء، لتكتب أو تشاهد وتسمع في وسائل الإعلام كإحدى منجزاته المريضة وتضخم رصيده الدموي. وتساءلوا هل من المعقول أن نعيش نحن هذا الهبل في القرن الواحد والعشرين ؟
آخرون قالوا :بالله عليكم (أعذروا هذا التعبير فهو لأصحابه ) ألا يخجل هؤلاء الذين يرفعون شعارات الحرية والعدل أوحقوق الإنسان والإنتقال الديموقراطي و الإنفتاح على العالم و حوار الحضارات وهم يعملون يوميا بسياساتكم المنقولة عن الآخرين منذ قرون ، والمسنودة بالإستبداد والأكاذيب والقسوة و الخداع والتجهيل و إفساد طبيعة الإنسان المسالمة، على خلق جو من السافانا الحيوانية و نشر العدوانية في منطقة غنية تجعل المرء بسبب كل هذا يأسف أنه ذات يوم ولد
فيها ؟
إن حيوانات السافانا لا تهاجم غيرها ، و هي حيوانات محكومة بالغريزة ، إلا حين تكون جائعة أو من أجل التكاثر أو الدفاع عن النفس والمسكن .فهل ينقصهم هذا إذا فكروا مليا بالأمر؟
ولنتصور إنسانا مثل معمر القذافي حين سألته صحفية قنا السي إن إن في طرابلس والثورة على أشدها في ليبيا قائلة له :هل ستغادر ليبيا ؟ فإنفجر إبن الأهبل ضاحكا و رد عليها :و هل هناك إنسان يغادر بلده ؟
لم يفهم الأهبل أن سؤال الصحفية كان معقولا مبنيا على معطيات ميدانية آنذاك وكان هو وكأنه منفصل عن واقع بلده ولا يعرف ما يحصل فيه والرمال المتحركة التي ستلتهمه في النهاية محيطة به من كل جانب .
هكذا هي الحيوانات الديكتاتورية القاسية التي تنتج الحيوانات مثلها و لا تحترم القانون و تحول محيطنا إلى سافانا.حتى في أحلك لحظات عمرها تصم آذانها وتريد إعطاء الإنطباع للآخرين بأنها قوية و أنها إستثناء لا يصيبها مكروه . تضع نفسها في كفة وكل الشعب في كفة .وكأنها هي الشعب والدولة وتتكلم بإسمهما دون حياء وتصادر سيادة الدولة والشعب معا..
نفس الشيء حصل للحيوان الأهبل سافك دماء العراقيين صدام حسين رمز الغدروالقساوة والبداوة والقبلية والجهل .
إستحضرنا هذه النماذج بعد نقاشات مستفيضة وخرجنا بخلاصة في نهاية المشاهدة مفادها أن نظرة الإنسان لأخيه الإنسان في منطقتنا هي التي يجب أن تتغير وبالسرعة الملائمة .الإنسان ، كل إنسان يجب أن يعتبر إنسانا حرا وكريما .وبالتالي يجب القيام بالخطوات العملية المترجمة لهذه النظرة الجديدة للإنسان في كل سلوكيات أي كان ...وخصوصا أن الوقت لا يرحم أحدا .يا إما أن نتكيف مع المتغيرات و نعترف بالخطأ والحقوق السيادية لبني آدمين يا إما الإنقراض.
وبغيرهذا لن تتغير أبدا السافانا في منطقتنا لتحل محلها الحضارة...
لكن هناك إستثناء في تونس الزيتون بعد إنتخابات 26 أكتوبر2014 التي فاز فيها حزب اللائكيين (العلمانيين) و التي قالت بوضوح تام لا ثم لا للإسلام السياسي..فهل تبدأ الدولة المدنية الديموقراطية الحديثة والحضارة من هناك في شمال إفريقيا ؟
ربما








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - nice to know _____
____ ( 2018 / 9 / 4 - 07:40 )
nice to know _____

اخر الافلام

.. القصف الإسرائيلي يجبر سكان أحياء شرق رفح على النزوح نحو وسط


.. عرض عسكري في العاصمة الروسية موسكو بمناسبة يوم النصر على ألم




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات بعد عودة وفد التفاوض الإسرائ


.. مستوطنون يغلقون طريقا بالحجارة لمنع مرور شاحنات المساعدات إل




.. مراسل الجزيرة: جيش الاحتلال يواصل السيطرة على معبر رفح لليوم