الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شارة رابعة في الزاوية اليمنى لصورة النعيمي..!!

حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)

2014 / 10 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


تفتح صفحة "منظمة الكرامة الدولية" على الإنترنت، فتجدها بثلاث لغات: العربية، والفرنسية، والإنكليزية، وتعلم أنها سويسرية، ومقرها جنيف، وأن مكاتبها، وشبكة موظفيها، تغطي العالم العربي، وتجد في باب "الرؤية والقيم" أن نشاطها يتمثل في الدفاع عن حقوق الإنسان، حسب الميثاق العالمي لحقوق الإنسان. (شو بدك أحسن من هيك). وفي باب "فريقنا" يتصدّر اسم عبد الرحمن النعيمي قائمة الأعضاء المؤسسين. (وهنا تنشأ المشكلة).
المذكور، وكما جاء في الصفحة المذكورة: "أستاذ تاريخ بجامعة الدوحة، ساهم هذا المواطن القطري في إنشاء عدد من المنظمات الإنسانية، وحقوق الإنسان، ومؤسسات البحث في العالم العربي". تمام.
تذهب إلى صفحة المذكور على تويتر لتجد صورته ملتحياً، وباسم الثغر، بكوفية حمراء مرقطة، بينما تحتل شارة "رابعة" مربعاً صغيراً في الجانب الأيمن للصورة. وفي صورة ثانية تجده عابساً، ومعتمراً كوفية بيضاء، يحدّق في شيء ما، ويقف على يده اليسرى صقر، وفي خلفية الصورة سجّادة مزركشة. ومع هذا وذاك، تكتشف أن اسمه تغيّر قليلاً، فأصبح: "د. عبد الرحمن بن عمير/ دكتوراه في التاريخ، وأستاذ في جامعة قطر سابقاً/رئيس منظمة الكرامة لحقوق الإنسان/أمين سر الحملة العالمية لمقاومة العدوان" (لا نعرف المقصود بالعدوان، ولا على مَنْ). ماشي.
تقرأ تغريداته فتجد ما يلي: فسّر الرئيس الأميركي الأسبق نيكسون في كتابه "الفرصة السانحة" مراد الأمريكان من "الأصولية الإسلامية" فقال: "إنهم هم الذين يريدون بعث الحضارة الإسلامية، وتطبيق الشريعة الإسلامية، وجعل الإسلام ديناً ودولة، وهم إن نظروا للماضي فإنهم يتخذون منه هداية". وفي اليوم نفسه (29 أيلول الماضي) الذي اجتهد فيه المذكور للتدليل على أن نيكسون يتكلّم مثل القرضاوي، يعيد نشر تغريدة لمقدّم البرامج في "الجزيرة" القطرية فيصل القاسم، يقول فيها: "مثل صيني: عندما يزداد العواء حولك فاعلم أنك أوجعت الكلاب". ماشي، وافق شن طبقه.
وقبل هذا التاريخ بثلاثة أيام يعيد نشر تغريدة للإخواني عبد الله النفيسي، يقول فيها: "سقوط صنعاء اليوم في يد الحوثيين لهو خير دليل قاطع أن نداء "سلمية..سلمية" التي نادى بها في ميادين مصر كانت خيار فاشل للدفاع على الثورة، وأن الحديد والنار للثوار في ليبيا كان درساً ليبياً على كل أحرار العالم أن يتعلموه، فقط في المدارس الابتدائية ترفع الشعارات السلمية، لا في ميادين الدفاع عن ثورات انتزعت بالدماء".
فلنغض النظر عن الأخطاء اللغوية في كلام النفيسي، والكلام الفارغ عن المدارس الابتدائية والسلمية وأحرار العالم، ولنفكر في الدرس الليبي، هل يقصد حديد ونار أنصار الشريعة والإخوان، الذين دمروا ليبيا، ويحاولون الاستيلاء عليها، باعتبارهم درساً يُحتذى؟ إذا كان الأمر كذلك، نفهم الكلام عن ميادين مصر، والتحريض على الحرب الأهلية والعنف، الذي ترجمه إرهابيون في سيناء، قبل أيام، في هجوم أودى بحياة ثلاثين جندياً مصرياً.
ولكن ما علاقة النعيمي، أو بن عمير (مع رابعة وبدونها) ضاحكاً وعابساً، مُغرداً، ومردداً لكلام نيكسون، الذي يتكلّم كالقرضاوي، والنفيسي، المُحرّض على الحرب الأهلية، والقاسم، المُعجب بالأمثال الصينية، ومجاز الكلاب في السياسة، بهؤلاء؟ وما علاقة هؤلاء بحقوق الإنسان؟
تقول العرب: إذا عُرف السبب بطل العجب. وهذا لا يصح، تماماً، في حالة النعيمي، فما من بطلان، ولا ما يحض على النسيان، إذا بقي شيء من العجب بعدما عُرف السبب. وقد عُرف بعض السبب، في أواخر العام الماضي، في تقرير للخزانة الأميركية عن تمويل الإرهاب في قطر، أدرجت فيه النعيمي على قائمة الإرهاب، واتضح أن المذكور موّل بملايين الدولارات القاعدة وداعش، وأخواتها، في السعودية، والعراق، وسورية، والصومال، واليمن. وقبل أيام حذت الحكومة البريطانية حذو الأمريكان، وأدرجت المذكور، للأسباب المذكورة، على القائمة المذكورة. لا بأس.
ولكن هل تستقيم مبادئ "منظمة الكرامة الدولية لحقوق الإنسان"، المُستمدة من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، مع مبادئ القاعدة، وداعش، وأخواتها، بما فيها الرجم، والسبي، وبتر الأطراف، وجز الرؤوس، وإنكار حرية التفكير، والديمقراطية، والانتخابات، والمواطنة والمساواة بين الرجال والنساء، وعدم التمييز على أساس العرق والقومية واللون والدين؟
لا الخزانة الأميركية، ولا الحكومة البريطانية، ولا أجهزة الأمن في أربعة أركان الأرض، تملك ما يكفي من طول البال، أو حتى الاهتمام، للإجابة عن أسئلة كهذه. وهذه ليست المشكلة. فوراء القناع الذي يضعه مؤسس منظمة تُعنى بحقوق الإنسان، يتعزز احتمال ألا يكون الوحيد، الذي يلعب لعبة الدكتور جايكل والسيد هايد، ويستغل قيماً إنسانية نبيلة في النهار، لتدبير، وتمويل، ما يدمرها في الليل. وهو ليس الوحيد، بالتأكيد، فهناك أكثر من نُسخة سوفت أو هارد كوبي، أو حتى مُعلمنة للقرضاوي، وهناك أكثر من مفتون بحقوق الإنسان يخفي وجهاً داعشياً وراء القناع.
يتجلى انفصام الشخصية في حالة الدكتور جايكل والسيد هايد، على خلفية الأخلاق الفيكتورية في القرن التاسع عشر، بينما يصعب الكلام عن انفصام في الشخصية لدى الديمقراطيين الإسلامويين صباحاً، والدواعش في المساء. فما يحدث في العالم العربي، يُفسّر على خلفية القيم السائدة، الآن وهنا، وعنوانه: خفة اليد، فكل شيء ممكن ومُباح، إذا توفر المنبر، والراعي، والداعي، والساعي، والناعي، أما الضحية فكل كائن بشري أهبل لم يفهم، بعد، أهمية الدرس الليبي لأحرار العالم (تخيّل، تخيّلي)، ولا معنى شارة رابعة في الزاوية اليمنى لصورة النعيمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا