الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش بيكو !

محمد ابداح

2014 / 10 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


داعش بيكو

يبدو أن الأهداف المعلنة لما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) تصب ظاهريا في تحقيق أحلام الوحدة أو الخلافة الإسلامية، لكن الحقيقة بخلاف ذلك ، فعلى غرار اتفاقية ( سايكس بيكو) والتي وقعها الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو، والبريطاني السير مارك سايكس سنة 1916 والتي بموجبها تقاسمت بريطانيا وفرنسا مناطق النفوذ في الهلال الخصيب وبقية بلدان المنطقة العربية الممتدة من موريتانيا غربا إلى سواحل سلطنة عمان شرقا، بعد سقوط الخلافة العثمانية التي كانت آخر خيط ناظم لعقد الأمة الإسلامية، حيث استغلت الدول الإستعمارية العظمى آنذك، حركات التحرر في الوطن العربي وإسهامها في سقوط الخلافة العثمانية ، كي تقوم بتقسيم الوطن العربي والإسلامي إلى دوليات عرقية وطائفية بامتياز، ممهدة الطريق لاستعباد الشعوب العربية ، من خلال تعيين حكام مهمتهم تنفيذ تلك السياسات الإستعمارية، وتكريس إبقاء العرب عالقين بين سنديان الفقر والقهر والحروب الأهلية ومطرقة الفتن الطائفية.
غيرأن بريطانيا وفرنسا اللتين مارستا ضد الشعوب العربية ألواناً من البطش والتنكيل ونهب الثروات الوطنية ، ومن بعدهما القوتين العظميين أميركا والاتحاد السوفيتي سابقاً ، لم يتفوق على تلك الدول الإستعمارية في نهبها وتنكيلها بالعرب، سوى إثنين لاثالث لهما، الأول هم الحكام العرب المتعاقبين منذ استقلال الدول العربية الصوري عن بريطانيا وفرنسا وحتى يومنا هذا ، والثاني هي تنظيم ( داعش) ، والتي أتت لخلط الأوراق كلها بعضها ببعض ، السياسية والجغرافية والإجتماعية والإقتصادية والدينية ، فإن كان بن لادن والقاعدة قد شوهت صورة الإسلام ، فإن داعش قد حرقت تلك الصورة ، ولم يتبق من صور الإسلام في عين العالم حالياً سوى مشاهد قطع الرؤوس وازهاق الأرواح بسبب او دون سبب .
وإن كان غباء وتواطؤ بعض القادة العرب أثناء مسرحية الثورة العربية الكبرى عام 1916م ، قد أدى لتقسيم الوطن العربي، وتقديم فلسطين على طبق من ماس للصهاينة، فإن انهيار الاتحاد السوفيتي واستفراد الولايات المتحدة الأميركية بحكم العالم واللوبي الصهيوني العالمي بجلالة قدره، لم يتمكن من فرض المخاض القسري لولادة الشرق الأوسط الجديد وما يسمى ( بالفوضى الخلاقة) ، كما تفعل داعش اليوم ، والتي صعدت فوق موجات حركات التحررالعربي الشعبية، وشكلت أحد أهم الأدوات الفاعلة لتطبيق نظرية الفوضى الخلاقة والشرق أوسط الجديد، والتي نادت بها وزيرة الخارجية الأمريكية ( كونداليزا رايس) في يوم من الأيام، فتنظيم القاعدة وأخواتها من جبهة النصرة وداعش وبوكو حرام، وجماعة الدعوة والقتال بالمغرب العربي، والقاعدة في جزيرة العرب، وحركة الشباب في الصومال، كلها تساهم اليوم في ترسيخ سايكس بيكو جديد في منطقتنا يجعلها مقبلة على مزيد من الحروب والفوضى وتمزيق الدولة الواحدة لثلاث أوأربع دوليات جديدة، وما عجزت الآلة العسكرية الأميركية والإسرائيلية عن تحقيقه ، ستحققه داعش.

المحامي محمد ابداح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مطعم للطاكوس يحصل على نجمة في دليل ميشلان للمطاعم الراقية


.. فاغنر تتكاثر في ليبيا وتربط بين مناطق انتشارها من السودان إل




.. الاستئناف يؤكد سَجن الغنوشي 3 سنوات • فرانس 24 / FRANCE 24


.. روسيا تتقدم في خاركيف وتكشف عن خطة لإنشاء -منطقة عازلة- |#غر




.. تصعيد غير مسبوق بين حزب الله وإسرائيل...أسلحة جديدة تدخل الم