الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا تكلَّم أوغلو!

جواد البشيتي

2014 / 10 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


جواد البشيتي
مُذْ بدأت الثورة السورية والولايات المتحدة تبدي حِرْصاً على "دَعْم" ما يُسمَّى "المعارَضَة المعتدلة (و"الجيش الحر")"؛ لكن بما يكفي لِمَنْعها من الانتصار، ولتمكين نظام بشار الأسد (مع حلفائه الإقليميين المتورِّطين مباشَرَةً في القتال) من خَوْض الحرب بما يُفْضي إلى "تدمير ودمار سورية (ووحدة شعبها)"، والتأسيس لمجتمعات محلية متعصِّبَة، تنمو فيها، وتزدهر، مليشيات (منها "داعش") لا تعيش إلاَّ في الحرب، وبالحرب؛ فالحرب، ولجهة إدامتها وتغذيتها، مع النأي بها عن "الحسم"، كانت الغاية الكامنة في المواقف المُعْلَنَة للولايات المتحدة من "الأزمة السورية".
الثورة السورية، وعلى الرُّغْم مِمَّا تسبَّب به بشار الأسد من معاناةٍ للشعب السوري، كان بعضٌ منها قَتْله 300 ألف من أبناء هذا الشعب، لا يحقُّ لها، على ما قالت إدارة الرئيس أوباما، غير مرَّة، أنْ تُمَكَّن من الدفاع عن شعبها بـ "أسلحة فتَّاكة قاتِلة"؛ لأنْ لا شيء يَضْمَن ألاَّ تَقَع هذه الأسلحة، أو بعضها، في طريقة ما، في أيدي "أعداء (للولايات المتحدة وسائر الغرب)"؛ أمَّا أنْ يَقَع مخزون هائل من هذه الأسلحة (التي زوَّدت بها الولايات المتحدة جيشاً حليفاً وصديقاً هو الجيش العراقي) في أيدي "داعش"، فهذا أَمْرٌ يمكن ويجب أنْ يُضْرَب عنه صفحاً!
كل ما تسبَّب به بشار الأسد من مآسٍ للشعب السوري (أو لِمَا يسمَّى "العرب السوريين السنة") لا يستحق ولو نزراً من هذا الاهتمام الغربي (المشبوه والخبيث) الذي حَظِيَت به بلدة كردية سورية صغيرة مهجورة هي "عَيْن العرب"، أو "كوباني"، التي ستَحْرِص الولايات المتحدة كل الحرص على بقائها (إلى أنْ..) ميدان قتالٍ، وساحة حرب؛ لأنَّ لها عَيْناً على تركيا في "عَيْن العرب"!
ولقد عَرَف رئيس الوزراء التركي الجديد داوود أوغلو كيف يَفْضَح نِفاق الولايات المتحدة في "كوباني"؛ فخاطبها قائلاً: تريدون، وتتوقَّعون، أنْ تُرْسِل تركيا قوَّة عسكرية برية لإنقاذ "كوباني (الخالية من سكَّانها الآن)"، وأنتم (مع حلفائكم الأوروبيين) تَمْتَنِعون عن فِعْل الشيء نفسه. تركيا ستَفْعَل ذلك إذا ما قرَّرتم "الإنقاذ المزدوج"، إنقاذ "كوباني" من "داعش"، وإنقاذ سورية كلها، وشعبها، من بشار الأسد؛ فتركيا غير معنية بحربٍ عاقبتها النهائية أنْ يَحِلَّ جيش بشار، أو حزب العمال الكردستاني، محل "داعش"؛ ومع ذلك، لن تُعارِض تركيا مرور قوى عسكرية برية من دول "التحالف (من الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا أو الأردن أو..)" في أراضيها إلى "كوباني" لإنقاذها من "داعش" ما دُمْتُم مصرِّين على محاربة هذا التنظيم فحسب. أمَّا وقد ثَبُتَ وتأكَّد أنَّكم لا تريدون القتال (بأنفسكم) على الأرض، فَلَم يبقَ من خيارٍ للمساعدة في إنقاذ "كوباني" إلاَّ إرسال مقاتلين من "البيشمركة" و"الجيش السوري الحُر"؛ ولقد بذلت تركيا وسعها لجَعْل هذا الأمر ممكناً وواقِعاً.
إنَّها الولايات المتحدة التي لا يفهمها حتى الرئيس أوباما نفسه؛ فهي تُعْلِن "الحرب" على "داعش"، مُوقِّعَةً، في الوقت نفسه، "معاهدة سلام" مع أسباب وظروف وجود "داعش (العراقي والسوري)"، ومَصادِر تغذيته وقُوَّته؛ تريد إنقاذ "كوباني" مع تَرْك سورية كلها، وشعبها كله، في مَحْرَقة الأسد وحلفائه؛ تريد حروباً، لها فيها من المصالح أكثر بكثير مِمَّا لدى الضحية، أيْ مِمَّا لدى أولئكَ المُراد الدفاع عنهم، وإنقاذهم؛ ومع ذلك، تريد أنْ تكون في هذه الحروب "الطَّيْر الأبابيل" فحسب، مُغْريةً غيرها بِمَدِّ حروبها بالدم والمال..، أو مُكْرِهةً إيَّاهم على ذلك؛ تريد لتركيا أنْ تتدخَّل لإنقاذ "كوباني"؛ لكن بما يفضي، أخيراً، إلى جَعْل تركيا نفسها في حاجة إلى الإنقاذ!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات بالسجن في الجزائر لمن يتدخل في صلاحيات وعمل السلطتين


.. ماذا تناول الإعلام الإسرائيلي بخصوص الحرب على غزة؟




.. مراسل الجزيرة: أكثر من 50 شهيدا خلال الـ24 ساعة الماضية في ا


.. اشتباكات عنيفة تدور بين المقاومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي ف




.. اشتباكات مسلحة بين مقاومين فلسطينيين وقوات الاحتلال في مخيم