الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزهر ينعى ويشجب ويغط فى سبات عميق

محمد السعدنى

2014 / 10 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


"نعى الازهر الشريف شهداء الواجب الوطنى من رجال القوات المسلحة بالعريش، الذين استشهدوا أمس جراء قيام مجموعة إرهابية بأستهداف مدرعتهم بعبوة ناسفة. وأكد الأزهر أن هذه الجرائم الإرهابية لن تفت من عزيمة الشعب المصرى وقواته المسلحة مطالبآ الشعب بالوقوف ضد الجماعات الإرهابية. هذا ماجاء بالأمس فى جريدة الأخبار، وهو أمر يتكرر مع كل حادثة إرهابية وفعل إجرامى من جماعات التطرف يتصدى الأزهر الشريف لأعمالها بالشجب والرفض والتنديد، وكأن غاية دور الأزهر إصدار البيانات إبراء للذمة والمواساة ومطالبة الشعب بالوقوف ضد الجماعات الإرهابية، وفى ذلك إختصار مخل لدور الأزهر وعلمائه وقياداته، وتحجيم لتاريخه الذى كان إزدهاره علامة للتحضر والإستنارة، ومقاومة المحتل والغازى والثورة على الظلم ومن أجل الحرية والإستقلال والعدالة الإجتماعية. دور الأزهر منارة للعلم والوسطية والاعتدال والوطنية بارز فى تاريخنا السياسى وحياتنا العامة على مدار تاريخ طويل ومنذ أنشئ على يد جوهر الصقلي فى عهد المعز لدين الله الفاطمى، وأفتتح في شهر رمضان سنة 361 هـ - 972 م. وعبر العصور الفاطمية والأيوبية والمملوكية والعثمانية والحملة الفرنسية والاحتلال البريطانى لم يعش الأزهر على الهامش أبداً، وكان فى قلب الأحداث فاعلاً بعلمائه ومشايخه ورجالاته ومواقفه، أبداً لم ينزوى الأزهر ويؤثر السلامة والاستنامة إلا فى فترات محدودة من العقود الأخيرة والتى كنا قد قاربنا فيها على الخروج من التاريخ. ولم ينحسر يوماً دور الأزهر الشريف داخل حدودنا المصرية وتجاوز بدوره وتنويره حدود العالم العربى والإسلامى وشكل عنصراً بارزاً فى منظومة قوانا الناعمة التى امتد تأثيرها إلى العالم الثالث كله والدول الناهضة من أجل التحرر والاستقلال، وشارك فى تعليم وتشكيل وعى أبناء البعوث الإسلامية من كل دول المعمورة والذين أصبح كثير منهم زعامات تاريخية فى بلادهم بفضل دراستهم فى الأزهر والتتلمذ على أيدى علمائه الأجلاء، وخرجت من تحت قبابه وحول أعمدة العلم فى رواقه صيحات التنوير والتجديد والإصلاح مع الكواكبى وجمال الدين الأفغانى وحسن العطار ومحمد عبده وعلى عبدالرازق وطه حسين وغيرهم كثيرون لاتزال صفحات تاريخنا المعاصر تحتفى بأعمالهم ومبادراتهم ومواقفهم، وأعطت للأزهر وحياتنا العامة زخماً لاينقطع أثره حتى اليوم.
أين المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ومدينة البعوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية وإذاعة القرآن الكريم وجامعة الأزهر التى أسسها جميعاً جمال عبدالناصر إستكمالاً لدور الأزهر الشريف وروافداً لتحقيق رسالته الرائدة، مما يحدث فى بلادنا وعلى حدودنا، وهذه الهجمات الشرسة على ثوابت وسماحة ووسطية إسلامنا من فئة ضالة وفكر مأزوم وخوارج العصر؟ أساءوا للدين وشوهوا رسالته وحولوه مطية لأهدافهم فى التمكين والسلطة، واستغل المتربصون بنا فى الداخل والخارج غلوهم وغبائهم وفكرهم المغلوط لخدمة مصالحهم وتعريض الوطن للخطر وتشويه الإسلام والمسلمين وتحقيق المصالح الإستعمارية لأعدائنا والهيمنة على مقدراتنا وتقسيم أوطاننا واستهلاك مصادرنا وضرب مصالحنا، باسم الدين وتحت راياته بالتضليل والتآمر والمتاجرة بقراءة للنصوص متعسفة مأزومة وعامدة سوء التأويل وسوء المآل.
ألا يستأهل خوارج العصر ودواعشه وإرهابييه أن يتصدى لهم الأزهر بمناقشة وتفنيد أكاذيبهم المنسوبة زوراً للإسلام وتبيان خطأ منطلقاتهم وتأويلاتهم ومدركاتهم؟ ألا يستوجب ذلك من الأزهر وإمامه الشيخ الجليل المستنير أن يبينوا مواطن الخلل والخطيئة فى القراءة المتعسفة للإسلام وكشف زيف الأفكار التى يرتكز عليها هؤلاء الدواعش جميعاً وأن يتحول الأزهر بكل قطاعاته خلية نحل تحاصر هذا الفكر البغيض فى الندوات والمحاضرات والنقابات والجامعات ومراكز الشباب وقصور الثقافة وفى الإذاعة والتليفزيون والصحافة، وأن تكون هناك رسائل يومية فى محيطنا العام تفند الفكر المعوج وتعريه وتثبت ضلاله وتمنع عنه الإمداد بالأفراد المغيبين وتجفف منابع تمويله ديموجرافياً وفكرياً، ولايقولن لنا أحد أن سيدنا على بن أبى طالب لم يستطع أن يقاوم فكر الخوارج بالفكر والموعظة الحسنة واضطر إلى قتالهم فى "النهروان وصفين"، فنحن نعرف ذلك ونقر أن هؤلاء الإرهابيين لاأمل فى إصلاحهم، وإنما على الأقل نكشف زيف أفكارهم وعقيدتهم لنحمى أجيالاً ضربها الفراغ واليأس والتخلف من الإنضمام إليهم. ماذا ينتظر الأزهر ليقوم بواجبه؟ وهل ترى قياداته أن قصارى جهد الأزهر إصدار بيانات الشجب والتعازى والتصدى لجابر عصفور وإسلام البحيرى، وكفى. الأزهر ليس الهيئة العامة للإستعلامات، ولعل الملاحظة الذكية للرئيس فى الإحتفال بليلة القدر، وأثناء تكريم حفظة القرآن، حين مال نحو الإمام الطيب ووزير الأوقاف قائلاً "ماهو اللى بيقتلونا حافظين القرآن" فى إشارة بليغة لوجوب تجديد الخطاب الدينى والقيام بحرب فكرية فقهية على الإرهاب، وحتى لايكون قصارى دور الأزهر أن ينعى ويشجب ثم يغط فى نوم عميق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يغير نتانياهو موقفه من مقترح وقف إطلاق النار في غزة؟ • فر


.. قراءة عسكرية.. اشتباكات بين المقاومة وقوات الاحتلال




.. ما آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة؟


.. أمريكا.. طلاب جامعة كولومبيا يعيدون مخيمات الحراك المناصر لغ




.. شبكات| غضب يمني لخاطر بائع البلس المتجول