الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا للتحريض الإنفعالي

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2014 / 10 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


الحقيقة التي لا بد أن نعترف بها ، أن الواجب يفرض علينا أن لا نستعجل رئيس مجلس الوزراء في الإقدام على تحقيق كافة ما نتمناه بين ليلة وضحاها . كلنا نعلم أن حكومة العبادي تشكلت على أساس التوافق بين القوى السياسية ذات الوزن في إتخاذ القرار في الساحة العراقية . والكلّ يعلم أن هذه القوى ، سواء بسبب مصالحها الذاتية أوالفئوية أو إرتباطاتها بالقوى الإقليمية والدولية ، كانت و لا زالت متخاصمة ومتطاحنة فيما بينها ، وحتى بين جزئياتها المؤتلفة في كتلة . عملية التوافق التي وحّدت هذه القوى وجمعتها لتأييد تأليف الوزارة كانت على أساس تلبية مطالب وشروط كل قوة سياسية ، على الأقل ، في مستوى الخطوط الحمراء لكل منها . إن موقف حيدر العبادي ، في الوقت الحاضر ، يتمثل بالذي يمسك العصا من الوسط ليوازن بين طرفيها ، ولكن العصا التي يمسكها العبادي لا تشبه العصا الإعتيادية التي لها رأسان ، فيعرف وسطها بسهولة . إن العصا التي يمسكها العبادي بالإضافة إلى أنها ذات رؤوس عديدة ، فإن هذه الرؤوس في الوقت ذاته متحركة وتتخذ مواقف متناقضة بين يوم وآخر أو إثر حدث و آخر ، وأن بعضها لا يحمل هوية محددة لإمكان التعامل معها . على العبادي في كل خطوة تخطوها حكومته أن يتحقق من توازن القوى ، سواء لإتخاذ القرار في الموضوع المطروح بالذات أو ما قد تفسره كل قوة مشاركة في الحكومة بخصوص ما تفرزه المصادقة على القرار من تبعات لاحقاً .
إن توازن القوى في الوزارة و في مجلس النواب حصيلة الظروف التي كانت سائدة في العراق قبل الإنتخابات وأثناء إجرائها ، والعلاقات بين القوى السياسية التي أستعملت جميع وسائل الدعاية الشرعية وغير الشرعية من جهة و تسقيط الآخر من جهة أخرى ، هذا بالإضافة إلى عمليات التزوير التي أدانها القاصي والداني ومن ضمنها القوى التي فازت من جرائها . في مجلس النواب هذا كتل سياسية ونواب مرتبطون بوشيجة أو بأخرى بالعهد الفاسد السابق أو حتى بتنظيم داعش ، ويمثلون كمّاً عدديّاً لا يُستهانُ به ، يحدّ من زخم مسيرة حكومة العبادي في تحقيق الإنجازات ، بل يتحكم في إستمرار بقائها في السلطة .

في هذا الإطار الصعب ، و في الوضع العراقي الذي تسيطر فيه داعش على مساحات واسعة من الأرض وتتحرّك بالأسلوب الأخطبوطي في كل ناحية ، لا بد أن تكون أولى أولويات الحكومة القضاء على هذا العدو الهلامي الشكل والمُضخّم حجماً " إعلامياً " ومدعوماً من جهات " غير معلومة " بحيث أصبح بُعبُعاً يُرهبُ إسمه قوى عسكرية منظمة قبل مواجهته في ساحة القتال . تشخيص حيدر العبادي لداعش ب 30% حقيقة و 70% حرب إعلامية ، يمكن إعتباره الخطوة الأولى الصحيحة في إتجاه القضاء على داعش ، أما الخطوة الكبرى التي خطاها ، بعيداً عن الدعاية الإعلامية لشخصه ، فهي لقاؤه في عمان شيوخ عشائر الأنبار ، وموافقته على تجنيد ثلاثين ألفاً منهم لمحاربة داعش . عشائر الأنبار هذه التي كانت حكومة المالكي تعتبرهم من الدواعش ووجهت الجيش العراقي لمحاربتهم ، إنما كانوا أصحاب مطالب شعبية سواء في إعتصامات الرمادي أو في دفاعهم عن أنفسهم ضد هجمات الجيش عليهم لكسر شوكتهم . لقد أعلن شيوخ تلك العشائر مراراً أنهم ضد داعش ، وتعهدوا بالقضاء عليه في حالة توقّف الجيش عن محاربتهم والإنسحاب من مدنهم ومناطقهم . بهذا اللقاء تمكن العبادي ليس من إستعادة قوى تلك العشائر لمحاربة داعش فحسب بل وتوجيه قوات الجيش لمحاربة العدو في مناطق أخرى .
و ما دمنا قدعرفنا قوة داعش في الوسائل الإعلامية التي تنفخ في صورته ، وتضخمه ، فلا بد أن نعترف أن وسائل إعلامنا المضادة لا زالت ضعيفة . إن لقاء حيدر العبادي بممثلي وسائل الإعلام كانت خطوة مفيدة ، عززت مواقعهم ، ولكن لم تكن كافية لإطلاق طاقاتهم ، لأن معظم وسائل الإعلام كانت قد أمتُلكت من قبل العهد السابق ، ولذلك ، فإن تجاوب بعضها مع توجيهات العبادي ، بقي خجولاً بينما الجو السياسي لم يحسم بعد ضد ذلك العهد ، بل لا زالت هناك إحتمالات في عودته . أرى أن الوسيلة الموفقة لإطلاق طاقات وسائل الإعلام هي بعقد مؤتمرات واسعة للمرجعيات الدينية وإصدار فتاوى ودعوات تكفير للفكر الداعشي ، وكذلك عقد مؤتمرات واسعة للعشائر تدعو للتوحد والوقوف بوجه داعش وتجفيف مصادر تمويله وإحتضانه ، والحث على الرقابة الشعبية في التبليغ عن التحركات المشبوهة بعد إصلاح القضاء ليصبح في موقع ثقة أبناء الشعب عند قيامهم بواجباتهم في الإبلاغ عن المسيء أو إقامة الدعوى للمطالبة بحق .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى حماس لاستنساخ تجربة جزب الله في لبنان داخل غزة لبناء


.. أمريكا.. الشرطة تعتقل طلابا في احتجاجات مؤيدة لفلسطين بجامعة




.. تجمع فرق البحث والإنقاذ للعثور على طائرة نائب رئيس مالاوي


.. استهدف الاحتلال الإسرائيلي منطقة الهرمل في لبنان




.. الإعلام الإسرائيلي يسلط الضوء على المشهد السياسي المحتقن