الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لفظتان متعانقتان

ناصر ثابت

2014 / 10 / 30
الادب والفن


لفظتان متعانقتان
نص ناصر ثابت

لا أغتربُ في حضورك
لأنني وإياك من كونٍ خصوصي جداً
ولا أغتربُ في غيابك، لأنني أحملُ طيفكِ معي دائماً
لا أغتربُ، بل أظلُّ في سياحةٍ ذاتية عبر أثير عينيكِ

كنا دائماً نلتقي في دربٍ ما
عند الحدود الفاصلة بين الوضوح والغموض
يلفنا مزيج من زمجرة البحر وهدوء الغيم وضحك الفراشات
أنا وانت ننظر إلى الشيء ذاته
إلى نقطة ما، في أفقنا الخصوصي
تنظرينَ إليَّ فأشربُ من خمرِ الابتسامةِ الخجلى
وهي التي تطببُ ذاكرةَ الوجعْ
أرى فيها مدى متكاملاً
فأسأل: إلى أين تحاولين الفرار بها؟

أراكِ تنقرين على هذا الزجاج السميك، الذي يفصل بين الوجه والوجه
وبين الوجع والوجع
وبين الذاكرة والذاكرة
أنتِ هنا وأنا هنا
وأنت هناكَ وأنا هناكَ
كلانا يظل في حضرة الآخر
وكل منا ينتمي إلى الآخر
وكلانا يعيش في كوكبِه الخصوصي،
ويدور دوراناً خافتاً لا يشبه إلا العشقَ حولَ الكوكب الآخر

أنت السحاب القادمُ من الهوى
وانا العشبُ الذي ينتظر الغيث
غيثَك الأنثوي الفاخر.
أحبكِ، وكيفَ لا أحبك؟
أحبكِ وأنت ترتبين مواعيدَ القهوة والنبيذ
نبيذنا يستحضر الهوى
وقهوتنا تستحضر الحياة

أكتب عنكِ، ولا تكتبين عني
أكتب لك ولا تكتبين لي
أكتب في حضرة الانتظار
وأضيعُ في التناقضاتِ التي يخلقها الهوى
كإله فوضوي لا يعترف بالقواني والأنظمة.

شاءت القصيدة أن تضعنا على سطرين متقاربين
في لفظتين متعانقتين
في اندماجٍ خفي خلف البلاغة الهيفاء
شاءت أن أشتهي الأمل المتردد الذي يمر على حدودك الذائبة
في لغاتٍ خفيفة المعنى
فراغية الأسى
أرمم اللحظة في اتكاء واضحٍ على غيمة ظللتِ المكانَ
ساعة النشوة المجنونة.
قلنا للريح اهدأي حتى يأتي دورنا في الجنون
وقلنا للجنون اتخذ واقعاً فاخراً آخر
غير هذا الواقع الذي ننغمسُ فيه
كشمسٍ تستعد للمغيب.

سوف أهتدي الآن إلى ما تركته الأصالة فيك
سوف أهش الرغبة كما أهش قطيعاً من الأيائل
سوف ألملمُ حطامي كله حتى أكتب عنك هنا
لا وقتَ لديَّ لأفعلَ ذلك، فأنا مشغول بالحب القادم من عينيك
لا وقت لدي للكتابة عن حطامي الخاص
ولا حياةَ عندي أهديها إليكِ، فأنت التي تهدين الحياة إليَّ
أنت تسيرين في دروبٍ خضراءَ مفروشةٍ بالكلام والجمال والحنون والياسمين
وأنا أتسلقُ جبلاً صخرياً وأسير على حبل مشدود بين قمتين
القمم تؤلمني
لانها تضغطُ على أعصاب الفكرة وتفاصيلها

أرتمي في حضن الشهوة
وأفتش في جسدك عن نقطة ما تشكل مدخلا لهزائمي
وأراقب التفاصيلَ التي تفيض عن حاجة اللحظة الراهنة
أراقبُ الزغبَ اللطيفَ والمسامات
وأراقب اختلاف الألوانِ بين نقاط الجسد المتباينة
أراقب الانثناءات والانحناءات
ورطوبة بعض التفاصيل، وجفاف البعض الآخر
أراقب صوتَ انزلاق النظرة عليكِ
اراقبَ اتساعَ حدقة العين عند الاندهاش
والاختلاف الواضح في لون الشَّعر بين نقطة وأخرى
واراقب استقبال التضاريس للشهوة
أراقب التباين في ذلك
أراقب الشرايين والأوردة تحت الجلد الشفاف
أو تلك النافرة في العنق نتيجة الرغبة الفاقعة
أراقب غيرة الشيء من أخيه في هذا الجسد
أراقب لعبة الشفاه بين الكلام والبكاء والفرح
أراقب حركة الحاجب وتفاعلَه معي في القصيدة التي القيها أمامه
وأراقب المادة الخام للأنف والعنق والجبهة والذقن
وأدخل في لعبة الخجل التي تترقرق على الوجنات، مرة تختفي ومرة تظهر.
أراقب حرارة الجسد عندما تلمسه يدي، وبرودته عندما يلامس الهواء القادم من الغرب
أراقب الركبة ومفرق الشعر والنهدَ والبطنَ والسرة والفراغ الذي بين النهدين النافرين.
اراقب عظام الترقوة وانحناءات القلب الخفية في صميم الصدر الذي يعلو ويهبط حسب الحاجة.
أراقب ما يمكنني أن أراقبَه ولا اترك شيئاً للصدفة
كأنني أضاجعُ نصاً رائعاً في سرير مثقل بالجمال
فيما عدا ذلك أنا مشغول بحبك
مشغول الى غير رجعة
مشغول حد التماهي
مشغول كأنني أرتمي في الوهم الواثق من نفسه
على أبواب الرضا الحديدي

8-5-2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط


.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش




.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح