الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التَّجربة الدِيمُقراطية في تَونس وحزب العَدالة والتَّنمية

سيومي خليل

2014 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


الكاتب : سيومي خليل
التَّجربة الديمقراطية في تونس وحزب العَدالة والتنمية
-------------------------------------------
لمْ يُقدم حزب العدالة والتنمية المَغربي أية تهنئة ،ولو مُقتضبة جدا ، لحزب نِداء تونس الذي فَاز بأَغلبية مَقاعد البرلمان التُّونسي .
ما يَقع في تونس لاَ يَهم التونسيون فقط ،بل يَهم كل البلدان العَربية التي تبحث لها عن صورة واضحة لِمفهوم الديمقراطية ، ولا نُبالغ إِن قُلنا أن هذه الصُّورة تَتشكل في تونس ، وما امتناع حِزب العدالة والتنمية عن تهنئة الحزب الليبرالي والعلماني الفائز ، إِلا دليلاً على ضيق إيديولوجي، والأَكثر أنَّه دليل على تَخوف واضح من الصورة الديمقراطية التي تُشكلها بلد اليَاسمين .
حزب النهضة التونسي أَسهم بِشكل واضح ، وأَسهم بمُساكنته السياسية للأحزاب المخالفة لَه ، في رسم هَذه الصورة الجديدة عن الديمقراطية في بُلداننا ، لقد أَقر الحزب بهزيمته ، وقَدم تَهانيه لحزب نِداء تُونس .حزب النهضة التونسي من المُّمكن أن يكون هو النُّسخة المعدلة من أحزاب الإِسلام السياسي ، إنه نسخة مُتطورة نسبيا ، على الأَقل يتضح أَن الحزب يَعي جيدا مَفهوم المساكنة السياسية ، ويَفهم جيدا قيم السلم الإجتماعي ، وهَذا ما جعله لا يلتجِئ إلى تبريرات الهزيمة التي اعتادت عليها أَحزاب الإسلام السياسي .
المَواقع الالكترونية القريبة من حزْب العدالة والتنمية ،أو المَواقع الشَّخصية التي تعبر عن سياسة الحزب ،ليس فيها أَي إِشارة إلى الحدث التونسي - العربي ، باستثناء إخبار مقتضب عَن فوز حزب نداء تونس وُضع بشَكل مخجل في مَوقع الحزب الرسمي . هذا الإحجام عن التَّهنئة ،وعن نقل الخبر في مَواقع الحزب ، يُستنتج منه مجموعة من النَّتائج المهمة .
النتيجة الأولى التي يُخبرنا بها سلوك إعلام حِزب العدالة والتنمية ،هي أنَّ الحزب ما زال يعيش قَطائع فكرية مع الإيديولوجيات المخالفة له ، لقد فُرضت على الحزب تَحالفات لتشكيل الحكومة ، لكنَّه فكريا يحمل تَصادما معها ، مَصلحة التسيير الحكومي اقتضت ذلك ، لكن الإِطار الفكري والمَبدئي للحزب يضم قطائع مع الإيديولوجيات المخالفة .
النتيجة الثَّانية هي عنوان لخوف العَدالة والتنمية ، كُلنا يذكر وصف الإنقلاب الذي وَصف به الحزب ما قَام به الشَّعب المصري يوم 30 يونيو ، والذي أَسقط حُكومة الإِخوان المسلمين ، لقد كَان حينها الحزب يتخوف من محاولةٍ شبيهة بالمغرب، خُصوصا بعد انتشار بعض المَواقع التي تدعو لنَفس مادعت له حركة تمرد المِصرية ، في حينها كان اتهام ما وقع بالإنقلاب أمر يُمكن هضمه لطريقة سُقوط محمد مرسي الرئيس المصري ، أَما في حالة تونس فالأمر مختلف كليةً ، فحركة النهضة التونسية هي أَول حركة تنتمي للإِسلام السياسي صَعدت الحكم ونزلت عَنه برغبة الشَّعب التونسي، هنا لا يمكن وصف ما وقع بأي أوصاف غير لاَئقة ، وإلا سيكونُ تَجنيا على الديمقراطية الفَتِية في تونس ، بل إِن الأَمر هو عنوان لديمقراطية فتية وواثقة من نفسها ، هَذه الديمقراطية الفتية هي التي تُخيف حزب العدالة والتنمية ، فَصقور الحزب وحمائمهُ معا على ما يبدو غير مستعدين لقبول فكرة أن الليبراليين والعلمانيين واليساريين ومن لا يُمثلون الإِسلام السياسي يمكنهم حصد أصوات أكثر من الأحزاب الإسلام السياسي .
النتيجة الثالثة تَدل على أن ما يقع في تونس لا يَهم حزب العدالة والتنمية ، وهذه نتيجة نسبية ، فَلو كان حزب النهضة هو من فَاز في تونس ، لانسابت عِبارات التَّهنئة والشكر، وَربما استعمل ورقة الفوز بنكيران في خطاباته الشَّعبوية في البرلمان ، لكن الأَمر لم يقع على هذه الشاكلة ، مِما جعل الحزب ينطلق من العبارة الشهيرة *كم حاجة قضيناها بتركها * فأظهر لا مبالاة بِما يقع في تونس ، في حين أنَّ جميع السياسيين والمنشغلبين بهم الإِصلاح كانوا يتابعون بحذر شديد ٍ ما يقع في أول بلد ربيعي وديمقراطي .
لا شك أن فَوز نداء تونس سَتكون له انعكاسات على البلدان الإِقليمية المُجاورة ، خصوصا المغرب ، فَلم تُخفي الدبلوماسية المغربية يوما اهتمامها بِما يقع في تُونس ، وعلينا أن لا ننسى تصدير ثَورات ما سمي بالربيع العربي من تونس إلأى بلدان عربية آخرى ، الأَمر نفسه يمكن أَن نقوله حول التجربة الديمقراطية التونسية الفتية والتي يمكن تصديرها للبلدان التي ترغب في ذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة