الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذاكرة الدخان / قصة قصيرة

عقيل الواجدي

2014 / 10 / 31
الادب والفن



ما كان ليمتلك الجرأة لولا ان أومأت له عيناها ، عيناها اللتان يتحاشاهما تحاشي الطريدة للرميّة ، الخجل تاريخ مزمن لم يتخل عنه ، الصمت يغلف عالما من المشاعر ، سحبته خطواته كانما ينقاد دون وعي نحوها ، مسافة حلم كانت تفصل ما بينهما ، هي ليلى : حلمه الذي يشرق مع الصباحات ولا يأفل معها ، هي ذاكرته التي تتفتق كاوراد الربيع ، تفقدها في كومة الرسائل المفروشة امامه والتي كانا يتبادلانها سرا ، الكلمات ترسم تعابير وجهها وهي تبوح له عن كوامن محبة كانت تخفيها توجسا ، كانا يفلسفان الاشياء ليقربان خطوط الالتقاء ، يكتبان بلون الضوء تفاؤلا ، ينسجان الايام ( كلّة عرس ) ، ارتشف ما تبقى من شاي في قعر كوبه وامال براسه الى الخلف ، لحظة استرخاء كانت لا حدود لها ، اطّرها نفث الانفاس الاخيرة - الى الاعلى - لسيجارة انتظرته طويلا حتى كادت ان تنطفئ ، لا صدى لهذه الجدران ، السكون يستبيح كل شيء ، المدفأة المنزوية اقصى غرفته الصغيرة تمد يدي دفئها نحو ساقيه العاريتين من الجوارب ، استسلم بكل حزن الى ذكرى تلك اللحظات التي جمعتهما معا ..
- احبكِ ،
كلمة تشظت بحروفها وهي تتعثر على شفتيه ، ادرك انها فهمتها وان لم تسمعها جيدا ، فعيناها اسرّا اليه الجواب بصمت ، رغم انه يدرك ان صوته قد خذله فقد كان صوته اقرب الى الحشرجة منه الى النطق ،
احبك : هي الكلمة التي لطالما تفنن برسمها بقلوب تقطر دما ، لا تكاد تخلو صفحة من كتاب له او دفتر او حتى حائط الا ووشمه باسميهما وبهذا القلب المنكسر .
ربما هو المساء الذي ارشف زمنا من الخيبات بانتصار وحيد ، كان من الشجاعة التي لو اعيد المشهد امامه لخذلته نفسه ، استند بكوعه على الطاولة التي امامه بكرسيها الوحيد واخذ يقلب الرسائل التي تبعثرت امامه من جديد ، كأنما يبحث عن شيء لم يقراه من قبل ، رغم يقينه انه يحفظ كل ما في الرسائل صما ، بفوارزها ونقاطها ، فوجهها لازال يرتسم مع كل حرف يقرأه ،
ما باله الليلة !!
مابال عينيها تفز من بين السطور كفزة قلب مر ذكرها امامه !!
شجرة السدر التي جمعتهما تحت ظلها ذات يوم لازالت تحتفظ على جذعها بقايا اسميهما وقلب ينز دما ، هي مزاره الذي لم يتخلف عنه يوما ، لظل الشجرة رائحتها ، وابتسامتها التي تخفيها عن عيون المترصدين ، هي كل ما تبقى منهما بعد ان غادرت وهذي البقايا من رسائل ،
احتياجه للسيجارة شتت من تفكيره ، لم يدمن التدخين رغم عشرات العلب التي دخنها في اعوامه الاخيرة ، ذاكرته لا تحفظ رائحة الدخان ، انسل من مخدعها وهي تروم الانصراف ، الصباح موعد رحيلها ، عليه ان يعيد الرسائل الى مكانها الى ان يحل المساء لينشرها امامه مرة اخرى ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس