الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهرب من الموت...إلى الموت

وديان عثمان

2014 / 10 / 31
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


هذه المقالة هي الأولى من سلسلة سأحاول فيها أن أبرز الوجه الإنساني للنزوح السوري حتى لا يغدو النازح مجرد رقم كي نستعيد طبيعته الإنسانية بقصص من معاناته اليومية   
 عن الهرب من الموت الى الموت
يحكى عن داعش و إجرامها ،إجرام لا يمكن إنكاره، إذ هو بوضوح عالٍ، لكن يبدو تنظيم داعش وديعاً عندما يقارن بالمافيات ،التي تحكم عالم رأس المال، وتحدّد هويّته، مافيا تمارس كل أنواع الجرائم، وصولاً للذبح لإستخراج الأعضاء و بيعها، مافيا تسليع الإنسان، لبيعه بأرخص الأسعار.
عن سفن الموت!
تبدأ قصتنا عن مأساة حقيقية، من بلد العجائب في الجرائم، سوريا الثورة التي يسعى العالم جاهداً لسحقها في مهدها كي لا تمتد إلى أي مكان آخر،هي قصة أناس عاديين هربوا من الموت المتفشي، بين مجموعات أصولية إجرامية، نمت بدعم إقليمي، لتستأثر بثورة شعب، وبين نظام أشد إجراما. هم أفراد من عائلة "عبدالله" من بلدة قطنا السورية، الواقعة في ريف العاصمة دمشق قرب جديدة عرطوز، بلدة كانت تتسم بالهدوء و السكينة، وبالروتين القروي المتكرر، ليجتاحها موجات من العنف المتكرر، كان أبرزه على يد النظام و شبيحته. بدأت القصة قبل حوالي الشهرين، قرر حينها أحمد(إسم وهمي) أن يخرج بعائلته، من مربع الموت، إلى ليبيا، هو الذي كان يمتهن العمل بميكانيك السيارات، كان يأمل بفرصة أمل جديدة له، ولعائلته المكونة من إمرأة حامل و أولاد ثلاث.  بعد الوصول إلى ليبيا، وضعت المرأة مولودها الرابع، وبدأ الصراع المسلح بين اللواء خليفة حفتر و خصومه، صراع دموي أخذ يهدد مصير العائلة من جديد، و دفعها للبحث عن حل جديد. هذه المرة كانت الوجهة نحو إيطاليا، إلى العالم الأوروبي المتحضر، حيث "الرفاه و العدل"، رحلة تهريب تحفها المخاطر، و تحولت دنيا العائلة، إلى مقتنيات ثمينة من ذهب و مال محشورة في حقيبة ضيقة. كان الأمل بالإستقرار وبفرصة لحياة أفضل للأولاد الصغار، لتستفيق على كابوس الواقع. على رمل جزيرة لامبيدوزا التابعة لجزيرة صقلية إداريّاً، يكون الوالد و الوالدة، وقد فقدوا الأطفال وكل شيء آخر، لتكون رحلة البحث المضنية، على الأجوبة الأولية ، قال لهم السكان المحليين أنّ السفينة غرقت من ثقل الأحمال، ونجا خمسة أطفال، وُضعوا في دار للرعاية، لم يتم التجاوب معهم في دور الرعاية لعدم قانونية وضعهم وعدم إمتلاكهم أوراق ثبوتية إذ إنها فقدت في البحر.  وفي البحث المضني علّ النجاة تكون قد غمرت، بلطف إلهي ، إحدى فلذات الأكباد، بدأ تكشُّف الحقيقة إن السفينة كانت مكيدة، من مافيا لتجارة الأعضاء، فعلت فعلتها للحصول على الأعضاء البشرية الطازجة، للإتجار بها، و ما زال الأبوين يهيمان على وجهيهما بلا مأوى و لا أولاد، بلا أمل.
وللحديث تتمة عن تجارة الأعضاء في مقال لاحق!
  عن شعب الخيام!
في سهل البقاع، وعلى امتداد بلداته، مخيمات لاجئين هربوا من الموت، ليجدوا أنفسهم في خيم بلاستيكية أو قماشية أو كرتونية، بنيت على ما تيسر من فتات وللغرابة والسخرية بعضها من يافطات إعلانية أو إنتخابية، وتحت صور المنتجات والمرشحين، تعيش هذه العائلات الفقيرة والمعدمة، فيما هو أدنى من أي معيار إنساني من العيش الكريم، فلا صرف صحي ولا ماء نظيفة للإغتسال أو الشرب ولا كهرباء، وغير مجهزة بوسائل التدفئة لمجابهة الشتاء القارس القادم. هؤلاء يندبون أرزاقهم، بيوت تركوها لأسباب متعددة ولا تحصى، بعضهم يحمل إجازات جامعية وبعضهم تركوا كلياتهم بعد أن بلغ التشبيح حدّاً لا يُحتمل، لكن رغم المستوى التخصصي والعلمي، يبقى مجال العمل الأبرز التسول ومن بعده الدعارة. بالطبع يختلف شعب الخيام عن شعب الحضر إذ هنالك العديد من السوريين "اللاجئين" الذين أنشأوا مصالح متعددة بعضها صغير وبعضها كبير وجزء منها ضخم، وتنافسوا مع البرجوازية المحلية على القطاع الريعي. وفي زيارة لشعب الخيام تخبرنا أسماء (اسم وهمي) المجازة من كلية الآداب في جامعة حلب  أن هنالك تمييز كبير حاصل بين فقراء اللاجئين وأغنياءهم، فالفقراء يصلهم فتات مساعدات الدول المانحة، وغالباً ما يضطرون إلى بيع قسائم المساعدات لتلبية حاجات طارئة أهمّ، فلا بأس إن قلّ الغذاء وتأمّن الدواء الدائم. وتذكر أنها عندما تذهب لتتلقّى المساعدات تجد من ينزل من سيارات فخمة ويتجاوز الطوابير ويقبض المساعدات ويغادر على عجل. هي عملت في مجالات متعددة من تنظيف المنازل إلى عاملة بيع في صيدلية، كما عملت في التدريس في إحدى المدارس الخاصة، وفي كل مرة لم يكن الأجر يتجاوز الأربعمائة ألف ليرة لبنانية! رقم يتفاوت بشكل مخيف مع أسعار متطلبات العيش الأساسية، مما لم يمكّنها من استئجار شقة لها ولعائلتها. أخبرتنا عن صعوبة الحفاظ على نظافة مسكنها وعن الأمراض المتعددة التي التقطها أولادها وعن صعوبة إدخالهم إلى المدارس وبالأخص مع قرار وزير التربية الأخير، وعندما سألناها عن ما يُقال عن رغبة في البقاء تخيف بعض اللبنانيين من إقامة مخيمات للنازحين قالت:" البقاء... ليتني لم آتِ، ليتني توفيت على أرضي!"   بالمختصر فقراء النازحين هربوا من الموت إلى موتٍ آخر كان ينتظرهم في البعيد أو إلى حياة كثيراً ما تشبه الموت.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Messages to the Tories: -Get Out- Socialist issue 1275


.. The Arab League - To Your Left: Palestine | الجامعة العربية




.. أخذ ورد بين مذيعة CNN وبيرني ساندرز بشأن ما إذا كانت إسرائيل


.. حزب العمال يكسب الانتخابات المحلية في بريطانيا ويخسر أصوات ا




.. موريتانيا.. الشرطة تعترض مسيرة احتجاجية نظمها 6 مترشحين للري