الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحُسين إنسانًا قبل كل شيء

حنان علي

2014 / 10 / 31
الادب والفن


الأيامُ نفسها من كل عام تتجدد المشاعر التي لا تُنسى ولا تبرد نارها , مشاعر الولاء و الوفاء و العهد لخير خلق الله , هو حاضر في كل نفس تتوق له , هو ملاذ الإنسان وطريقه المستقيم , هو شمعة لا تطفئها ريح السنين ولا توالي الأيام , هو ملجأ الخائف الذي لا أمان له , هو نور الشمس وضياء القمر , هو الخالد رغم لا خلود بهذه الحياة فهي دار فناء , هو سبط النبي المصطفى الهادي ( صلى الله عليه وآله وسلم) ...
لا أتكلم عن فضائل هذا الإمام ولا عن نسبه ولا عن مكارمه ولا عن قضيته التي استشهد من أجلها , بل أتكلم عن الإنسان بداخله , الحُسين إنسان بمعنى الإنسانية لو نظرنا في شخص الحُسين لوجدنا كل المعاني الروحية والنفسية المتمثلة بفكره و اعتقاده , كم حمل بقلبه القيم المثلى وزهد الدنيا ونحن لاهثين وراءها . كيف بي وأنا أستجمع أبجديتي وأحطها عنده , أشعر بالرهبة بالخوف وبالوقت نفسه أشعر بالراحة , أنظر له يمد يده إليّ و يجذبني نحوه , أشم عبق عطره و يُحدثني عن مبادئه , وأنا في رحابه أستمع له , وأستذكر بيتًا للجواهري قال فيه ((كـأن يـدًا مـن وراءِ الضـريحِ ... حمراء مبـتـورة الإصـبعِ ))
أرى كل شيء بوضوح الآن أقف بين يديه وأكتب بشفافيته , ما هي هذه الدمعة المنسابة عليه في كل سنة وكل إنسان حتى لو كان مجحدا بالله عندما يُتلى عليه اسم الحُسين ينتابه شعور غريب كأنه مُنذ خلق لم يسمع اسمه بشر إلا وبكى , فهل خلق الله الحُسين للحزن والبكاء ؟ ... لا ؛ لكن مُنذ سنه 61 للهجرة أو مُنذ ولادته وهو يكبر بين يدي رسول الله ويتلقف أفكاره من لدن إنسان لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيُّ يوحى , وجاء اليوم الذي يصدح به لكل البشر بصوته وصداه و يموت في الجسد فقط فروحه باقية ليوم الدين ...
الحُسين الإنسان نظر بعين مختلفة عن عين أبيه وجده وأخيه وأمه , نظر للدين الذي تأسس على يديه جده وأبى أن يضع يديه بيد طاغية زمانه , وهو القادر على اهلاكه بحرفٍ واحد لكن ليُري البشرية ويكون مثله كمثل عيسى بن مريم خلقهُ الله من رحم أمه وأصبح نبيًا للعالمين , بإنسانيتهِ كسب محبة البشر و بتعاليمه الربانية المنزلة من ربِّ رحيم أرضى مَنْ في قلوبهم رحمة , جاء الحُسين من مدينة جده لكربلاء طالبًا الإصلاح لكنه استقبل بالدماء وبرفع رأسه على الرماح , وسِبي عياله , رغم إنه يعلم كل ما سيجري عليه لكنه جاء ومعه طفله الرضيع و نساءه وشبابه وكل من يمس روحه من الأهل والأصحاب , لو نبتعد عن رتابة الموقف و نتأمل به قليلًا بتلك اللحظة ماذا فكر الحُسين ؟
هل صدح في باله أنه سيترك نساءه و ابناءه صُرع على الأرض أم سيترك من بعده أئمة يهدون للهدى ودين الحق أم هذا هو قدره من الله مكتوبًا أن يذوق الموت ضاميًا ويُرفع رأسه على القنا . كلما أفكر فيه ينتابني شعور أعجز عن وصفه فهل من معجزات الله الحُسين ؟!!
نعم ؛ هو معجزة لا مثيل لها , أ لم يقل الله للنبي إبراهيم اذبح ابنك (اسماعيل) ؟
أ لم يختبر صبر أيوب وصبر يعقوب وصبر يوسف وصبر يونس صاحب الحوت وموسى على كيد فرعون ؟, و ألم ينقذ البشرية على يد نوح في سفينة واحدة تحمل من كل شيء زوجين اثنين ؟, و قبلهم كلهم ألم يعلم آدم الأسماء التي تاب الله عليه بعد أن أكل من الشجرة ومعه حواء وتوارى لهما سوآتهما ...؟
إذن مثل الحُسين كمثل الانبياء فهو من صلب علي ورحم فاطمة بضعة المصطفى , لو نتأمل مرة أخرى ونفترض أن هذا الحدث لم يكن فهل كنا مسلمين الآن ؟ ولو حكمنا يزيد واستمر الحكم لبني امية فهل بقى للإسلام بقية ؟ لا أعتقد لضاع و اندثر ولكنا اليوم أمة تجهل كل شيء ...
الآن في هذه اللحظة لو جاء لي شخصًا وقال لي لما هذا الشيء كله من الحُسين ؟ لكانت اجابتي له لأنه إنسان و لو تجردنا من الإنسانية لكنا نحمل لقب إنسان فقط بلا جوهر , ولو قال لي تكلمي بمنطق أكثر , لقلتُ له : هل في شرع الله وديدن الحياة أن ينزلنا الله بعد أن اخرج أبوينا من الجنة وجعل الأرض لهم مستقرًا ومتاعا ليوم الوقت المعلوم منطق , المنطق هو الإيمان بما جاء الله به على يد الحُسين ومن قبله جدهِ و الانبياء كلهم , ولا نكون كاليهود الذين بقوا يسألون انبياءهم ويسألوا حتى جاء الوقت الذي أرادوه أن يروا الله جهرة , المنطق أن نؤمن برسالة الحُسين ونسير على نهجه و مشواره ونكون كلنا حُسنيين , لكن من لهم عيون لا يبصرون بها و آذان لا يسمعون بها وقلوبًا غلفًا , فهم في الهاوية وما أدراك ماهي نارًا حامية , اللهم اعذنا منها واجعلنا من السائرين على نهج الحُسين و أبناء الحسين وأصحاب الحسين ليوم الدين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل


.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا