الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلطة الطبقة و سلطة الخلافة

حميد المصباحي

2014 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


ظهرت السلطة السياسية كنموذج للحكم بعد تجارب عديدة,اعتبر فيها الحكام آلهة في التجربة الفرعونية,أو كائنات خارقة,شبيهة بالآلهة,فكانت الدولة كائنا أسطوريا,يسحق المجتمع و يحول الناس إلى عبيد,بهم تصفي حساباتها مع كل تطلع للحكم,من طرف الباعد الغزاة أو حتى الأقارب,لكن في سياق التاريخ,ظهرت نماذج أخرى غريبة,كتحالفات بين قبائل رافضة للسلطة,كما أثبت بيير كلاستر,أي مجتمعات ضد السلطة,بحيث كان الزعيم الحاكم,عندما تشتد قوته,تتم تصفيته من طرف حراس الأساطير,ليفسح المجال لغيره,و هو يعرف مصيره مسبقا,و قد وجدت مثل هذه المجتمعات في أمريكا قديما,و ربما في مناطق أخرى من العالم,لكن هذا الشكل فشل,ليظهر بعده,الشكل السلطوي العنيف,أي سلطة العسكر,القديمة نسبيا,لكنها و رجالاتها أدركوا الحاجة للمجتمع,و كيفية فرض المقبولية الفكرية و الوجدانية للمحكومين,فتدخلت الديانات,المتعددة الآلهة ثم الموحدة فيما بعد,مما مهد بعد التطور,للدولة التعاقدية,و الطبقية ثم الديمقراطية,
دولة الدين1
هي صيغة تعتمد القداسة لبسط سلطتها,قديمة قدم الديانات,في ديانات التوحيد,تعتبر نفسها ممثلة للإرادة الإلاهية,كما فعلت الدولة الرومانية قديما,عندما اشتدت القوى المناهضة للوثنية و الأساطير,فتحالفت السلطة العسكرية مع السلطة اللاهوتية,لتأسيس تحالف بين الكهنة و قيادات الجند,مع اختيار الممثل الأسمى ,أي الحاكم,الذي باسم الدين يحكم,و لا يمكن معارضته أو نقد ما يقدم عليه من أفعال تجاه الناس,و قد كانت هذه الطريقة تدبر بها الأمور باسم الملكية المطلقة,الربانية,و المباركة باسم الله من خلال الأكليروس المسيحي,وجد المسلمون أنفسهم أمام هذه النماذج من سلطة الحكم,فرفضوا اعتبار حكامهم ملوكا,فاهتدوا إلى تسميتهم خلفاء,فصارت الدولة الإسلامية,تسمى بدولة الخلافة,و غدا رجال الدين يسمون بالفقهاء أو أهل الحل و العقد,الباحثين عن شرعنة السلوكات السياسية للخلفاء,و عندما اشتدت الصراعات حول الحكم وجد معارضون باسم الدين نفسه أي الإسلام,ينازعون الخليفة سلطته,مما أثر على عملية التفكير السياسي لبناء نموذج للسلطة ينال رضى المجتمعات المحكومة بهذا النمط من الحكم.
2دولة التعاقد
اهتدت إليه الدول الأروبية بعد حروب طاحنة مورست باسم باسم المسيحية كديانة,و التي عرفت بفعل الإجتهادات انشقاقات عميقة,حول سلطات البابوية و الكثير من طقوس القبول للحكام منذ القرن السابع عشر الميلادي,و مع تطور الفكر السياسي و العلمي,تراجعت سلطة الكنيسة,فتم الإعتراف بأن بناء الدولة السياسية يعتمد على غرادة المواطنين و ليست الدولة إلهاما مقتصرا على رجالات الدين و الحكام,وظهرت الحاجة لمشاركة الناس في اختيار حكامهم,و هو ما عرف سياسيا بالديمقراطية,التي تقر بحق الإختيار,و الإحتكام لرغبات الناس وفق منطق المصلحة و ليس القداسة,التي تجعل الأرض تابعة للسماء حسب الكهنوت الديني,غير أن هذه التجربة ظهرت في سياق حفاظ الرأسمال التجاري و الصناعي على مصالحه,خرجت من صلبها تصورات أخرى مناقضة,رغم اعتبارها لمدنية الدولة.
3دولة الطبقة
و المقصود بها نموذج سلطة الشيوعية,التي اعتبرت نفسها ديمقراطية اجتماعية,بحكم أن البروليتاريا تشكل أغلبية داخل المجتمعات الصناعية,و هي الخالقة للثروات,عليها الثورة على السلطة الطبقية الممثلة للبرجوازية المتحالفة مع باقي مكونات الإقطاع,و هنا وجدت هذه السلطة البديلة نفسها,مؤبدة لحكم الحزب الواحد,الذي تماهى مع الدولة,فصارت سلطته أقوى من الدولة نفسها,بل هو أساسها,معتبرة نفسه ممثلا لأغلبية مستحقة للحكم بفعل ثورتها و عنفها المشروع ضد المستغلين,لكن البروليتاريا بقيت حبيسة منطق السيطرة,التي مورست عليها فيما بعد باسم الحزب.
خلاصة
عالمنا العربي و ربما الثالث,لم يبدع نمطا سلطويا خاصا به,فبقي يكرر الصيغ القديمة في ماضيه,أو استورد أنماطا مغايرة له,و ربما هي أكثر تطورا من رقيه الحضاري المعطوب,فماذا عليه أن يفعل ليتحرر من رهانات القدامى,و يشيد نموذجه الخاص؟؟؟
عليه أن يدرك أن الديمقراطية ديمقراطيات,المشترك بينها أنها سلطة مدنية,لا سلطة إلاه و لا سلطة طبقة.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يؤكد إن إسرائيل ستقف بمفردها إذا اضطرت إلى ذلك | الأ


.. جائزة شارلمان لـ-حاخام الحوار الديني-




.. نارين بيوتي وسيدرا بيوتي في مواجهة جلال عمارة.. من سيفوز؟ ??


.. فرق الطوارئ تسابق الزمن لإنقاذ الركاب.. حافلة تسقط في النهر




.. التطبيع السعودي الإسرائيلي.. ورقة بايدن الرابحة | #ملف_اليوم