الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طلال النعيمي ... بلا دموع

محمد فوزي العجيلي

2014 / 11 / 1
الادب والفن


هناك اغنية سويدية تراثية تمجد الصديق وفي بعض كلماتها هل يمكن للانسان ان يبحر بقاربه بدون رياح وهل يمكن ان يسري به بدون مجداف ولكن لا يمكن للشخص ان يترك صديقه بدون دموع .... نعم هذه اخر اغنية غناها المرحوم طلال عبد الرحمن النعيمي عند زيارته الاخيرة للامارات وشاركته بغنائها ومن ثم غناها بلحن عراقي متميز ... كتميزه في الغناء فقد كان مبدعا في الحانه وشعره ...ولذلك كان مؤسساً لفرقة سومر التي سخر فيها الصوت السويدي ليغني اجمل الاغاني العراقية والعربية ... وكان يعزف على العود منذ كان طالباً في كلية الآداب وأشتهرت فرقته وسجل عدة أشرطة راجت رواجاً كبيراً في الغرب منها شريط ( نايل) ويضم خمس عشرة أغنية والآخر ( يا الله يا موليا) ويضم أربع عشرة أغنية. واغانيه من الفلكلور العراقي بتوزيع موسيقي غربي واحيا حفل إفتتاح مهرجان كان الدولي السينمائي عام 2000 بدعوة من الأمير الفرنسي ( رينيه) أمير مقاطعة كان في جنوب فرنسا ....وخلال فترة وجوده معنا في الامارات غنى وغنى وعزف على العود والتقى احبابه ... د سمير ...د جلال ... عازف العود الفنان خالد محمد علي ... عزفا سويا وكأنه كان يريد ان يقول اشبعا بصركم وسمعكم مني فهذه رحلتي الاخيرة اليكم ... احسسنا بذلك وكان طلال وهو جالس امامنا يبرز عملاقا نتنفس شعره وهو يردد قصيدته حول المطر الذي كنا نتمنى هطوله هنا ... كنا نحُن الى زخات منه تذكرنا بموصلنا وسماؤها المملؤة بالمزن ... وشوارعها الطويلة التي لا ترى نهايتها من الضباب وكان يحلم دائماً ...وهو يقول:
( لي حلمُ يا سادتي،
لي حلمٌ فقيرْ
أحلم أن أعودَ من مدرستي
مبللاً، شعريَ والملابسْ
تفوح من ملابسي
رائحة الصوفِ التي هيّجها المطرْ
رائحةُ الأرضِ وفوحُ الطينِ
والأسفلتِ والشجرْ )
... ذكرتنا الموصل بطلال الشاعر ...طلال الكاتب... طلال العود وطلال المملوء نشاطا وحيوية ....التدريسي في جامعة الموصل مدرسا للغة الانكليزية ... طلال الاصدقاء والحبايب وهم يريدون توديعه في بدايات التسعينات من القرن الماضي وهو يخطط لهجرته من المدينة التي احبها وعشقها لظروف المت به ... التقاني يومها مع الكاتب القصصي والمؤرخ د نجمان ياسين وهو يريد بيع عوده ليساعده ثمنه في رحلته المجهولة ... ما زلت اذكر ذلك المشهد المؤلم وانا اقسم عليه ان يحتفظ بثمنه وعوده سوية وهو جاهدا اقناعي بترك العود ... ان يترك الانسان جزء من جسده امر غير يسير وكيف ان يترك عوده ... طلال العواطف الجياشة .. طلال الموسيقى الحالمة ... طلال الشاعر الذي غنى للموصل باجمل قصائده:
( لأمّ الربيعين وجهٌ نقيّ ٌ...
كذاكرة البحر ِ..
يعمقْ!
وعينان أحلى من الثلج والنخل مجتمعينْ.
وللموصل ... اليوم َ... ركن كبير بقلبي َ ... )
وكان حديثنا ينصب دائما عن الموصل التي كانت لها ركناً خاصا في قلبه... عن جمالها.. نهرها الخالد دجلة وهو ينساب متبخترا بين احدبائها ...وكأنه كان يريد ان يقول لنا :
( ويا أيها القادمون من الموصل النائمة ْ...
على دجلة كالعروس ْ...
ألا حدثوني عن الموصل الحالمة!
فكل البلاد بلاد ٌ..
ولكن أم الربيعين عذبة ْ...
ولكن أم الربيعين صعبة ْ...
فصعب بها الحبّ ُ...
صعب بها الموتُ ...
صعب بها أن تقول وأنت بأحضانها ...
أحبك ِ..
إني أحبك! )
فماذا نحدثك اليوم عن حبيبتك التي هجرها الاحباب والاصحاب ... واصبحت مدينة الاشباح ... ماذا احدثك عن الموصل وقد استباحها الحاقدون غيرة من صفائها وجمالها وعذوبتها استباحوا نقائها واصبحت اليوم هدفا لكل حاقد ... رحلت طلال في الوقت المناسب ولو لم ترحل انذاك لرحلت اليوم الما وحسرة عليها ... وانت ترى ما يجري في موصلك من مصائب والآم ... لان قلبك لا يتسع لغيرها ...
( فهل نرثيك .. أم نبكيك .. أم نكفيك هما ً شدّما عاقرته فينا؟
ومن يدري ...؟
لعلك في ذراك الآن ترثينا! )
اني لا اريد ان ارثيك يا طلال فانت اليوم حقا من يرثينا....
ودعني الان اردد معك اغنيتك السويدية المفضلة التي بدأتها معك واقول انا اقدر ان ابحر بلا شراع واقدر ان اسري بقاربي بدون مجداف لكنني يا طلال لا اقدر ان اودع صديقا عزيزا علي مثلك بدون دموع ...
دبي في 29 /10/2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو


.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق




.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس


.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم




.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب