الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تدمير سلاح الإضراب.. ممكن !

رحال لحسيني
كاتب

2014 / 11 / 1
الحركة العمالية والنقابية


(إلى العمال الموقوفين والمطرودين أو الذين تعرضوا للتضييق بسبب مشاركتهم في الإضراب العام ليوم 29 أكتوبر)

مرة أخرى ينكشف زيف الخطاب الرسمي ببلادنا حول حماية الحريات النقابية، كم من العمال والعاملات قد يكونوا فقدوا عملهم لمجرد مشاركتهم في الإضراب العام الوطني الإنذاري ليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2014، وحدهم العمال والنقابيين المرتبطين بقضايا العمال يكتوون بنار هذه الحقيقة ويتجرعون مرارتها، خصوصا في المناطق والمؤسسات التي حدث فيها طرد عمال وعاملات وأطر شاركوا في الإضراب العام.

مرة أخرى ينكشف زيف الخطاب الرسمي ببلادنا حول حماية الحريات النقابية، كم من العمال والعاملات قد يكونوا فقدوا عملهم لمجرد مشاركتهم في الإضراب العام الوطني الإنذاري ليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2014، وحدهم العمال والنقابيين المرتبطين بقضايا العمال يكتوون بنار هذه الحقيقة ويتجرعون مرارتها، خصوصا في المناطق والمؤسسات التي حدث فيها طرد عمال وعاملات وأطر شاركوا في الإضراب العام.
هذه ” الفاجعة الاجتماعية ” – يمكن أن تكون الحالات المعلن عنها مجرد عينات -، لا يمكن أن تقلل من حدتها أكاذيب الناطق الرسمي باسم الحكومة التي أطل بها على جمهور المشاهدين عشية الإضراب العام في برنامج تلفزي ليلة الإضراب استطاع أن يكتسحه بأرقام لاقيمة لها مادامت غير مرتبطة بسياق موضوعي لإطلاقها…
ولا بالسؤال/ الجواب الضروري حول مصدر تلك الأموال التي تستعمل في تلكم الأرقام.. ؟ لأنه ببساطة شديدة جدا، لا يعني أكثر من “إعادة توزيع الثروة “، لكن بطريقة مبتكرة جدا.. إعادة توزيع ” الثروة المفترضة ” التي يسد بها الأجراء والجماهير الشعبية رمقهم، ” ثروة الفقر والفقراء ” يعاد توزيعها فيما بينهم.
***
فلتوسيع قاعدة الفئات الإجتماعية التي تراهن ” الحكومة ” على أن تكون موالية لها بشكل أكبر.. يتم الإقتطاع من أجور الكادحين، الزيادة في أسعار المواد الإستهلاكية والخدمات الأساسية لاستخلاص موارد يمكن إعطاؤها لمن هم ” أفقر من” الذين تنتزع منهم بشكل مباشر بالاقتطاعات الحالية والمبرمجة القادمة وبشكل غير مباشر بمختلف مظاهر وأنواع الغلاء… إلخ.
***
المزيد من الفقراء من أجل مايسمى بمشاريع وقرارات اجتماعية … محددة الآهداف والمستفيدين منها، ولو على حساب فئات اجتماعية كانت تنتظر بدورها تجاوز عتبة الفقر، لكنها تتقهر وتتقهقر.. أكثر. مقابل التغاضي الصارخ على ناهبي المال العام و” مكتنزي ثروات البلاد ” ومفقريها الذين طالتهم الحكمة الشهيرة للسيد رئيس الحكومة: ” عفا الله عما سلف “.
أية أرقام يمكن إحصاؤها لضرب الحريات النقابية، وطرد العمال بسبب الانخراط في العمل النقابي وممارسة حق الإضراب، لاتوجد أرقام، لايتم النظر إليها، لايتم تجميعها… وفي أحسن الأحوال لا يجب التصريح بها.
الدولة تضمن حرية الإضراب واستمرارية المرفق العمومي..
الإضراب حق مشروع والسلطات/ الحكومة لاتقوم بحماية مشروعية ممارسته.. ؟ لأنها ببساطة متواطئة ضد العمل النقابي.. لأنها لاتحمي العمل النقابي، لاتحمي ممارسة حق الإضراب.. لأن ضمان ممارسة حق الإضراب يعيد التوازن لصالح العمال وعموم الكادحين والمحرومين من خيرات البلاد، ويعرقل توسع ” الحكومة ” في مشاريعها الإنتهازية البسيطة لتقوية قاعدتها ضد فئات اجتماعية لاتنظر إليها بعين الارتياح،.. تجعلها تلتقي مع توجيهات أسيادها الماليين والسياسيين، لأن القرار السياسي مرتبط بمحدده الاقتصادي كما يقال.. ناهيك عن كونها لاتريد ولاتستطيع أن ترقى إلى مستوى ” الاستقلال السياسي ” لأنها نتاج لنفس البنية.. والمهم أن ترضي أسيادها وتغتنم الفرصة لتوسيع قاعدتها التي ستحتاجها لتعود من جديد إلى الواجهة.
***
إن الفئات التي تستفيد أو يراد لها أن تستفيد من البرامج الحكومية ذات العائد المالي المباشر، تستحق أكثر ما”تَمنّ” به عليها الحكومة.. وفي الحد الأدنى، هذا القدر الذي توججه إليها الحكومة من موارد مالية وبرامج – بغض النظر عن النقاش الذي يمكن أن يحيل عليه هذا الرأي – !..
إلا أن مصادر هذه الموارد والبرامج تكاد لاتبارح جيوب الفئات الاجتماعية (نفسها) والتي تنتمي معها لنفس الموقع الطبقي العام. والديون، الديون، الديون…
***
إن احترام الحريات النقابة وحمايتها، تُعزز موقع الطبقة العاملة، خصوصا وأنها لم تعد رهينة للاقتطاع من أجورها على ممارستها حقها المشروع في الإضراب، وذلك ما يتعارض مع موقع ودور و” انتهازية الحكومة “، الأمر الذي سيحتم عليها إما أن تكون في مواجهة مباشرة مع ناهبي الثروة الحقيقية.. أو يضعها تحت رحمة الطبقة العاملة والقوى المجتمعية المناوئة لمشاريعها التراجعية كواجهة لمشروعها السياسي المعادي..
***
حق الإضراب مضمون، و” الاستجابة له لم تكن كبيرة “، هذا ما تريد الحكومة ومن يقف وراءها أو إلى جانبها أو خلفها، هذا ماتريد نفثه كالسم في وجوه المستعدين للنضال والتضحية.
استعمال لعبة الأرقام المفبركة (التجميع والعرض والقراءة).. مرة أخرى لزرع المزيد من التشويش وخنق عزائم المترددين.
***
كيف يكون حق ” الإضراب مضمون ” ويتم طرد العمال الذين يشاركون فيه.. ؟ إنها قمة المكر والعداء.
***
الترويج لمثل هذه “المسألة” قبل الإضراب، ولأنها توجد في ذاكرة الأجيال، أو تسليط الضوء على مشاكل أو تجاوزات أو تغرات أو ممارسات لاتبدو منسجمة مع الخطاب أو اختلاق شائعات .. أو محاولة “صباغة” الإضراب بحسابات وأشخاص لا علاقة ولا تأثير فعلي (كامل) لهم في جوهره، أسفرت عن بعض النتائج بتحييد قطاعات لا يوجد فيها تمثيل نقابي أو لا تتوفر على تقاليد نقابية فعلية. و” أثمرت ” تحييد جزء من قطاعات وفئات حوصر الوعي الجماعي داخلها، مقابل تنامي الانتهازية.. أو على الأقل لم تستطع حسم صراعها بين ” الخوف” الإنساني الطبيعي و”التضحية” … !
***
ورغم أن نسبة الممتنعين عن الانخراط في الإضراب العام لا تضاهي حجم المشاركة الواسعة فيه داخل القطاعات والفئات والجماهير العمالية المضربة.. رغم التعتيم وخلط الأوراق الممنهج في محاولة لتدمير نسبة المشاركة العالية في الإضراب العام .. بالترويج القوي وبشتى الوسائل لعكس الواقع والوقائع التي عاشها العمال والمستخدمين وفئات واسعة من الجماهير الشعبية أنفسهم، وإبراز الحالات المعزولة أو غير المعنية بشكل تقني بالإضراب، نظرا لكونها لم تكن مستهدفة حقيقة للمشاركة فيه… حتى يقول المضربين، ربما أنهم وحدهم من أضرب.. على أمل امتناعهم عن الانخراط في الإضراب أو أي أشكال احتجاجية جماعية متضامنة مستقبلا..
لكن الأخطر مايتم تكريسه بعد الإضراب بطرد عمال انخرطوا في الإضراب العام، في مناطق ومؤسسات إنتاجية،.. أمام أعين السلطات و”حكومة الأرقام”، ليكونوا “عبرة لمن لا يعتبر”..
لأن ضرب وتدمير سلاح الإضراب، أصبح هدفا.. بعد تدمير وسائل دفاع – وقوى – مزعجة أو تسعى لخلق نوع من التوزان..
وبالتالي وأد أية إمكانية لمقاومة السياسات المعادية للطبقة العاملة والجماهير الشعبية في المستقبل…

الأمر ممكن،
ممكن،
وممكن جدا..
ممكن خنق الحريات النقابية،
ممكن تدمير ممارسة حق الإضراب،
ممكن إضعاف العمل النقابي، تدمير النقابيين…
ممكن تخريب النقابات وتسفيه دورها وتفتيتها أكثر،

لكن الممكن الأكثر.. أن تأتي المقاومة من خارجها وبدون حاجة إلى الحريات النقابية، أو الحريات العامة حتى .. !

فمقاومة الظلم لم تكن دائما، وعبر التاريخ تحتاج بالضرورة لـ ” قنوات تنظيمية ” أو” رد فعل منظم “، بقدرما تحتاج فقط إلى الظلم.. وإلى المزيد من الظلم المنظم !

رحال لحسيني
31 أكتوبر 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار اعتصام طلاب جامعة جورج واشنطن في مخيم داعم لغزة


.. المغرب.. معدلات البطالة تصل لمستويات قياسية




.. أخبار الصباح | لندن: ضربة مزدوجة من العمال للمحافظين.. وترمب


.. رغم تهديدات إدارتها.. طلاب جامعة مانشستر البريطانية يواصلون




.. بعد التوصل لاتفاقيات مع جامعاتهم.. طلبة أميركيون ينهون اعتصا