الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معركة السنة الخاسرة في العراق

قيس قره داغي

2005 / 8 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


بعد ان تمخضت محاولات رئيس الجمهورية ورئيس اقليم كوردستان وبعض قادة الاحزاب الشيعية المضنية الى جر سنة العراق الى المشاركة في صياغة الدستور الدائم ترشحت اسماء سنية الى هذه المهمة الصعبة وقد تركزمطاليبهم منذ البداية على قضايا يعتبرها الطرف الكوردي والشيعي خطوط حمر لا يمكن تجاوزها ، واهم تلك القضايا هي قضية الفيدرالية التي يعتبرونها خطوة نحو تقسيم العراق دون ان يتجشموا عناء فهم الصيغ الفدرالية المطبقة في دول عديدة في العالم والتي اصبحت عامل توحيد وتطوير لتلك الدول .
لا شك ان الفيدرالية اذا كانت غير مجدية التطبيق مع الطبيعة الطوبوغرافية والجيوبوليتكية لبعض الدول ، الا انها تصل مبلغ تطبيقها في بلد كالعراق الى حد الضرورة والتي لولاها تستحيل بناء عراق جديد يسوده الامان والاستقرار والتعايش السلمي بين مكوناتها ويخطوا نحو طي صفحات الماضي البليد والتوجه نحو التطور واللحاق بركب الحضارة الانسانية ، حيث ان اكثر من ثمانية عقود من تأريخ العراق الحافل بالفوضى والاختلال الامني والحروب المستمرة تقريبا كافية لعدم التفكير ثانية في اعادة بناء العراق على الاسس والنظم البالية التي اثبتت علميا وعمليا فشل تطبيقها في العراق ، واذا سلمنا بذلك من منطلق المنطق فلا خيار امامنا الى اللجوء النظام الفيدرالي الديمقراطي الذي بامكاننا الاستفادة من تطبيقاتها في دول العالم المختلفة ويقينا ان التجربة العراقية المتمثلة في الفيدرالية التي اعتمدها البرلمان الكوردستاني في عام 1992 خير تجربة يمكن الوقوف عندها ودراستها دراسة علمية مستفيضة وتبيان الجوانب الايجابية المشرقة والسلبية ايضا منها وثم طرح المسألة للاستفتاء بعد ان يكون من لم يطلع على التجربة الكوردستانية قد الفاها وهضمها عن كثب ، والفيدرالية الكوردستانية ومع انها ولدت في ضروف سياسية واقتصادية صعبة جدا الا انها اعطت نتائج مشجعة ، حيث كانت هنالك دول اقليمية تتربص التجربة بعداء واضح حتى باتت ثلاثة دول ( تركيا وايران والعراق ) بالاضافة الى العراق تجتمع بشكل دوري وبمستوى وزراء الخارجية لدراسة نشاطات الاقليم الكورد وقص اظافره اذا اقتضى ذلك مجتازين المشاكل المعقدة بينهم واضعين انظارهم صوب هذا الخطر حسب شوفينية تفكيرهم .
لكن رغم ذلك ورغم الحصار الاقتصادي والاداي المفروض على هذه التجربة ورغم مرارة الحرب الداخلية التي ابتلى بها الحزبان ، فقد تمكنت هذه الحكومة في اعادة البنى التحتية لاقليم كان دوما مسرحا للحروب الاقليمية والداخلية بين الانظمة المتعاقبة والثوار الكورد ، وتم اعادة بناء آلاف القرى وعشرات المدن والقصبات التي هدمها عن بكرة ابيها في عمليات الانفال السيئة الصيت ، ولو قدمت هذه المشاريع الى اية شركة بناء عالمية لطلبت المليارات لقاء عملها ، وقد تم ارساء قاعدة ديمقراطية في الاقليم اشاد بها كل من زار المنطقة ، والامان الذي يسود محافظات الاقليم ثمرة من ثمرات الفيدرالية ، وتطيل القائمة كثيرا اذا استرسلنا في الحديث عن ما تحقق خلال عقد من عمر الفيدرالية الكوردية ، فما بالك في حجم ما سيتحقق من مشاريع عمرانية وخدمات اساسية لهذا الاقليم في ظل عراق فيدرالي يسوده الامن والاستقرار بعد ان ينساب النفط العراقي بانتظام ويصرف من إيراداته كل ما كان يصرف في السابق لادامة الآلة الحربية المدمرة وجيوب السراق المحليين والعرب والعالميين للشعب العراقي .
اذن ، يخسر ويعرض الشعب العراقي لافدح الخسائر كل من يحارب الفيدرالية ويطالب عودة العراق الى الحكم المركزي المقيت ، هذا ما يفعله بعض ممثلي الطائفة السنية العربية في العراق في معمعمة كتابة الدستور ويكاد يكون مطلبهم الرئيسي رفض الفيدرالية وخصوصا لشيعة الوسط والجنوب ، ولعل مبررهم في هذا الرفض يستند على الاعتقاد السائد بان خيرات العراق متركزة في كوردستان وجنوب العراق والمنطقة التي اعتاد الناس تسميتها بالمثلث السني منطقة تكاد ان تكون صحراوية جرداء .
ان الاعتقاد المذكور اعتقاد خاطئ ، لان معظم المشاريع العملاقة التي بنيت في العراق تركز بنائها في بغداد ومدن المثلث وقد تم استحداث محافظة صلاح الدين من مدينة تكريت الصغيرة وفي شمال هذا المثلث هنالك آبار بترول ونصف محافظة نينوى تقع في هذا المثلث ومحافظة الموصل ثاني أكبر محافظة غنية وكبيرة في العراق ، واذا كان ممثلي السنة غير مقتنعين بتلك الحقائق ويعتقدون ان اقليمهم سيكون الاقليم الافقر بين اقاليم العراق فكان الاجدر بهم ان يركزوا جهودهم ومطاليبهم في اجتماعات كتابة الدستور على ضمان استحداث بند في الدستور يكون دعما وسندا لاجتناب حرمان اقليمهم السني اذا صح المصطلح من عائدات النفط والثروات الاخرى في العراق ، لانهم في محاربتهم للفيدرالية لا يحصدون شيئا امام القرار الذي اتخذه ممثلي شعب كوردستان قبل اربعة عشر عاما وقد اكتسب ذلك القرار الدرجة القطعية ولا يمكن الرجوع عنه مطلقا والشئ نفسه بالنسبة الى أي اقليم عراقي آخر يقر شعبه بالاجماع على نوع الحكم والنظام الذي يطالبونه لاقليمهم .
فعلى بعض ممثلي السنة من الذين يعلقون آمالهم على اشياء اصبحت جزءا من التاريخ ان ينظموا أنفسهم مع الواقع الجديد في العراق ، فلا الانقلابات العسكرية تفيد ولا التساهل مع مجرمي الارهاب الدولي بالدخول الى العراق والعبث بأمن البلد يفيد ولا أي نوع من التهديدات التي اعتاد البعض ان يطلقها بين الفينة والاخرى تفيدهم ، واذا كانوا مصرين على حكم العراق من المركز فالمركز تبقى لمدة طويلة قبل حدوث تآلفات جديدة بيد التيارات الشيعية التي تتوحد جميعها في قائمة أئتلافية واحدة تحت أشراف المرجعية الشيعية التي تتدخل في شؤون الحكم ! ، ولكن واقع الحال في المناطق السنية يشير الى وجود خليط عجيب وغريب من الاتجاهات السياسية التي يستحيل جمعهم تحت سقف واحد وايجاد لغة للتفاهم بينهم ، والحل الوحيد أختيار طريق محاربة من يعيث في أرض السنة فسادا باسم المقاومة تارة وباسم الجهاد تارة أخرى ، ولا يستبعد ان تقوم حكومة عراقية تتشكل بعد حكومة الجعفري بتبني مشروع أقامة جدار من قوات الجيش والامن الداخلي لحماية الاقاليم من الخطر الارهابي القادم من مناطق السنة وآنذاك لا تحصد تفاهات ما تسمى اقامة الحد الشرعي من قبل الجبناء الانتحاريين السفلة من جماعة ابو مصعب الزرقاوي الا رؤوس الابرياء والخيريين في مناطق السنة وهذا ما لا يتمناه احد من العراقيين .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور وبانين ستارز.. أسئلة الجمهور المحرجة وأجوبة جريئة وصدمة


.. ما العقبات التي تقف في طريق الطائرات المروحية في ظل الظروف ا




.. شخصيات رفيعة كانت على متن مروحية الرئيس الإيراني


.. كتائب القسام تستهدف دبابتين إسرائيليتين بقذائف -الياسين 105-




.. جوامع إيران تصدح بالدعاء للرئيس الإيراني والوفد المرافق له