الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعسف باستعمال الحق - ودكتاتورية الاكثرية في فرض دستور العراق

عربي الخميسي

2005 / 8 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لست آت بجديد حول معلومة التعسف باستعمال الحق التي يعرفها القانونيون والحقوقيون وذو الاختصاص بالعلم الدستوري والقضائي قبل غيرهم من الناس ، كما لا يصعب على المثقفين وحتى عامة الناس من فهمها وما يعنيه هذا المصطلح . ان هذه المفهومة كانت قد دخلت علم القضاء القانوني ونصت عليها القوانين بشكل واضح وفعال في بداية القرن العشرين وقد اصبحت قاعدة فقهية تضاف الى قواعد الفقه القانوني ، كحالة جديدة متطورة تبعا لتطور المجتمعات وصفة من صفات العالم المتحضر ، وقد اخذت بها معظم الدول العالمية في الوقت الحاضر وكان القضاء العراقي سباقا لأدخالها ضمن تشريعاته القانونية ، وهي بكل بساطة تعني من له الحق على وجه اليقين ان لا يتعسف بحصوله على حقه هذا من الطرف الاخر عن طريق الفرض المجحف المتعسف الذي يتسم بروح الانتقام والتسلط ومحاولة النيل من الخصم وفرض عليه شروط قاسية للتأدية والوفاء من شانها خلق حالة من الاحباط والاعجاز لدى المنفذ بعيدا عن اصل الحق .

وواضح للقارئ الكريم ان الغاية من هذه القاعدة هي احقاق العدل والانصاف وصيانة كرامة الانسان الضعيف المستضعف والغير قادر حقيقة ، على ايفاء او تأدية ما بذمته من التزامات كاملة مما يخول الجهة القضائية بالتدخل لحماية انسانية المدين من مغلاة صاحب الحق وتعسفه باستحقاقاته وبها يمكن اعتبارها الحل الاعدل والحالة الاحسن والافضل لكلا الطرفين او الاطراف المتخاصمة دون تعسف او اجحاف مع الاحتفاظ على كرامة واحترام الجميع .



يمكن ان تنسحب هذه القاعدة الفقهية على كافة الالتزامات المادية منها والمعنوية كما هي الحالة في صياغة الدستور العراقي المقترح حيث ورد في مسودته الاولى التي نشرت بالصحف اشارة لهذه المفهومة وقولها ان مشرعي المسودة جعلوا منها مرتكزا اساسيا ومبدأ من المبادئ التي يجب ملاحظتها عند كتابة النصوص وعدم اتيان او فرض الشروط التعسفية من قبل الاكثرية كحق مسلم به على الاطراف ذوي الحقوق والاستحقاقات في العملية السياسية ولا سيما الكيانات الصغيرة كالطائفة الايزيدية والشبك والصابئة المندائين وغيرهم والتي ستكون عاجزة عن تلبية تلك الشروط دون ارادتها وهو مبدأ كما قلنا انساني وحضاري خاصة في المسائل السياسية حيث تتساوى الحقوق.



من المؤسف حقا ان المشرعين لمسودة الدستور الذي سلم اخيرا الى الجمعية العمومية والذي هو قيد المناقشات والحوارات الان قد تخلوا عن هذه القاعدة الفقهية ولم تؤخذ بالحسبان مما اضر عن قصد متعمد بقطاعات كبيرة من الشعب وبكثير من الاطراف صاحبة المصلحة بالقانون الذي سيشرع كما احدث وضعا مؤلما اخل بالصفة الحضارية للدستور ا لعراقي الذي يفترض ان يكون متحررا متمدينا كغيره من البلدان العالمية المتحضرة ، علما ان الحقوق لا تتجزأ في مثل هذه الحالة وهي حقوق اصلية وليست طارئة او مكتسبة لأن اصحابها هم اهل البلد القدامى كما يثبتها التاريخ .



ان حالة كهذه لا يمكن ان تفسر إلا انها قارارات فردية طائفية ذات النزعة التسلطية الانانية التي يراد بها فرض روح التحكم والانفراد بالشأن العراقي وفرض حالة الرسوخ والتهميش واقصاء الغير والنيل من حقوقهم بحجة حكم الغلبة العددية للأقلية اولا ، والتفضيل الطائفي الديني ثانيا ، وفق الرأي القائل ( الاسلام هو اخر الاديان وهو الاصلح للبشرية ) كما صبغت بها كافة او معظم مواد الدستور المقترح ، دون اي اعتبارات اخرى فاذن هذه الدكتاتورية بعينها وهكذا قد بدل الشعب العراقي دكتاتورية العبث الفاشي المجرم بدكتاتورية شمولية جديدة هي الدكتاتورية الطائفية وقد ذهبت التضحيات الوطنية ادراج الرياح وخسأت القاعدة الفقهية التعسف باستعمال الحق وذهبت معها كل الاماني في العدل والمساواة وحقوق الانسان والحياة الكريمة المفترضة لكل فرد من افراد هذا الشعب الابي من كل الاطياف بغض النظر عن القومية والعنصرية والاثنية الدينية والعقيدة والجنس والانتماء استنادا الى مبدأ حق المواطنة وتكافؤ الفرص للجميع .

وا أسفا على قوانين ارنيمو وحمورابي !! .. وا أسفا !!

الحقوقي / عربي الخميسي

آب /








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ