الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستنجح المجتمعات الإسلامية في التوفيق بين الديمقراطية والإسلام؟!!

صبري المقدسي

2014 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


هل ستنجح المجتمعات الإسلامية في التوفيق بين الديمقراطية والإسلام؟!!
ما تمرُّ به المجتمعات الإسلامية اليوم قد مرّت به المجتمعات المسيحية في القرن التاسع عشر عندما حررت تلك الشعوب نفسها من حكم رجال الدين، الذين كانوا ضد التغيير والتجديد، وضد النُخب المستنيرة. فأوروبا إنتصرت لقيم الحداثة والنهضة، ووضعت الحد لحكم رجال الدين الظالم، إذ ظهر في ربوعها مفكرون عِظام أسهموا في تنوير تلك المجتمعات، وعملوا جاهدين على تغييرها وتجديدها بعد سُبات طويل. وكانت النتيجة الطبيعية بعد ذلك، الوصول إلى مستوى عالٍ من التحديث والتجديد، وذلك بعد أن تمكنت تلك المجتمعات من فصل الدين عن الدولة، وإحترام الدين بإعتباره مصدراً خلقياً فحسب" عمانوئيل كانط".
وقد أضافت الحداثة في أوروبا مفاهيم متنوّرة وآراء جديدة، إضافة إلى تغيرات جذرية تسلّلت إلى مختلف القطاعات السياسية والدينية والثقافية والفنية والاجتماعية. وإتسمت الحداثة في كل دولة أو إقليم بطابع خاص بحسب خصائص كل شعب وأوضاعه وأحواله المختلفة. مع العلم ان الحداثة في اوروبا لم تقتصر على الآداب والفنون، بل شملت أيضاً التشريعات والعقائد الدينية، وعملت جاهدة في التوفيق بين الثقافة والسياسة والفن والجمال والدين، مما أدى بالتالي إلى تحرير العقل الأوروبي من الأساطير والخرافات والقيود التي كانت مفروضة على حرية الفكر والبحث العلمي.
ولعل هذا ما كانت تفتقر اليه المجتمعات الإسلامية في كل المحاولات التحديثية منذ القرن التاسع عشر، إذ لم تبلغ تلك الأفكار إلى العقيدة والدين وإلى القواعد الشعبية، بل إنحصرت في الطبقات الأورستقراطية العليا فقط.
ولكن الشرق الإسلامي اليوم، يبدو أكثر من أي وقت آخر مستعداً للتحديث والتطبيق الديمقراطي بسبب قبوله المنجزات العلمية والتكنولوجيات الغربية وأنماطها الإستهلاكية من جهة، وإنتشار التكنولوجيا الحديثة حتى في الأوساط الشعبية من جهة أخرى. ففي الواقع أن حُب العرب والمسلمين للمنجزات العلمية والتكنولوجيات الغربية كفيل هذه المرة بتحقيق هذا الحلم. فما لم تستطع فرضه سابقاً من قبل الحكومات والطبقات الأورستقراطية العليا، أصبح ينتشر اليوم بين مختلف الطبقات الشعبية، وأصبح يظهر مفعوله لا سيما بين الشباب، الذين لم يعودوا يقبلون بالكبت والخذلان والخنوع، بالرغم من تشاؤم البعض من الأوضاع المزرية للمجتمعات المسلمة اليوم، وبالرغم من توقعاتهم السلبية عن مستقبل المنطقة.
فعلى الإسلاميين إذن، القبول بالتعايش مع التحديث والديمقراطية، مع العلم ان القيم الديمقراطية لا تتعارض مع الأسس الجوهرية للإسلام سوى في بعض الأمور الثانوية والتشريعية التي من الممكن تجديدها كي تتوافق مع النظم الحديثة. فما تعانيه التيارات الإسلامية من مشكلة التوافق بين الإسلام والديمقراطية قد عانته المسيحية من قبلُ. ولكن المسيحية إستطاعت بعد صراعات وتحديّات مريرة أن تتعايش مع الحداثة والديمقراطية كي تستمر في الوجود.
هذا ما أتوقعه في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، إذ أتصور شخصياً أن تكون "الداعشية" المحاولة الأخيرة للمتطرفين الإسلاميين الذين يسبحون ضد التيار، ويريدون جرّ المجتمعات الإسلامية الي الخلف لمئات السنين، ولكن بعد هذه المحاولة المُتخلفة والبائسة، ستشهد الدول الإسلامية لا محالة، زحفاً سريعاً نحو الحداثة والديمقراطية والليبرالية، ما لم تشهده من قبلُ في تاريخها العريق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة