الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فوضى الإعلام التونسي

وائل بنجدو

2014 / 11 / 4
الصحافة والاعلام


منذ سقوط بن علي وبعد كل محطة سياسية مهمة تلغي أغلب وسائل الإعلام برامجها و منوعاتها المفيدة و المهمة لتبيع المادة الأكثر رواجا و لتُساير الموضة و هي البرامج السياسية ، لكن البائع في وسائلنا الإعلامية الفذة لا يتغير ( نحن مبدعون في كل شيء ) . فالإعلامي الذي كان يجري حوارا حصريا مع "فاطمة بوساحة" قبل 14 جانفي ينفرد اليوم بحوار حصري لراشد الغنوشي و ربما هو محق لأن كلاهما يرقص و يرقِّص على طريقته الخاصة ، و الإعلامي الذي كان يقدم برنامجا عن الطبخ يتحدث اليوم عن تشكيلات الحكومة المحتملة . طبعا لماذا نغير إذا كانت كلها طبخات مع فارق في مقدار الزيت و الملح !! لكن المشهد الإعلامي المرئي ليس سوداويا إلى هذه الدرجة فالقناة الوطنية التونسية تعبر فعلا عن روح الوطن و توقه للحرية و لا أدل على ذلك طبيعة الضيوف و المثقفين الملتزمين بقضايا الشعب : إنها قناة مولعة بصلاح الدين الجورشي ، هذا المحلل الذي لا يشق له غبار يعتقد أن تحليل الوضع السياسي و الإقتصادي الإجتماعي يعني الحديث عنه ببطء ! تخيلوا أنه بعد الإنتخابات التشريعية إستنتج أن على حركة النهضة بعد هزيمتها أمام نداء تونس أن تقوم بنقد ذاتي !! يا لهذا الفتح النظري الكبير..
و لمقدمي البرامج في تونس أسلوب فريد في إدارة النقاش فهم في بعض الأحيان لا يطرحون الأسئلة على ضيوفهم بل يكتفون بجملة إخبارية و ربما فقرة كاملة . لا أعرف لماذا لا يستعير الضيوف آنذاك مقولة سعيد صالح في مسرحية مدرسة المشاغبين حين صرخ في وجه أستاذته : " فين السؤل ؟ أنا أحطّ إيدي عالسؤال تلائيني فُرِّيرَة ".
و هم أصحاب رأي و ليسو منظمين لسيرورة النقاش فقط و لا يجدون حرجا في التعير عن إمتعاضهم و فرحهم بل يصل بهم الأمر حد توبيخ الضيف في بعض الأحيان ، مع العلم أن أغلبهم يستحق التوبيخ .
المواضيع المطروحة هي في غاية الأهمية و هي تجيب عن كل تساؤلات المواطن حيث لا تخلو طاولة نقاش من الحديث عن " التوافق" . التوافق عندنا كلمة للسر و لكن لا أحد يعرف حول ماذا إختلف الجماعة ليتفقوا ؟ و هل فعلا هم مختلفون ؟ إنها مرادف لكلمة " إقتسام" . لا تستغربوا فحتى اللغة العربية أصبح لمصطلحاتها مدلولات أخرى بعد 14 جانفي : أن نتوافق يعني أن نقتسم السلطة لذلك كثيرا ما يشدد عليها الطرف السياسي الأضعف و ينفر منها القوي فهي مرادف عنده ل "التنازل".
و الآن بعد الإنتخابات التشريعية أصيب إعلامنا بإسهال سياسي صاحبه هذيان حاد : "نتحالف..لانتحالف..لا..نتحالف" و لن يتوقف هذا الهذيان قبل شهيرين من الآن أو قل بتعبير أدق لتخف وطأته قليلا...باختصار إعلامنا خاصة المرئي منه ( و هو الأكثر تأثيرا في الرأي العام ) بعيد كل البعد عن مشاغل الناس و عن النقاش الفكري العميق الذي يتمثّل أهمية الحدث الذي هز البلاد منذ 17 ديسمبر 2010 و غير وجه المنطقة برمتها من حيث المقدمين للمادة الإعلامية و المواضيع التي تطرحها و نوعية الضيوف . إنه إعلام الطبقات الحاكمة لتسطيح وعي الطبقات المحكومة . على الصحفيين الجادين و المنحازين لقضايا الشعب و هم موجودون خاصة بقطاع الصحافة المكتوبة أن يخترقوا الإعلام المرئي ليكون مرآة يرى فيها المجتمع قبحه دون مساحيق تجميل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نبض فرنسا: هل يتجه المشهد السياسي نحو قطبية ثنائية على حساب


.. مقتل أكثر من 100 جندي من بوركينا فاسو في منطقة قرب الحدود مع




.. شخصيات فنية رياضية تدعو إلى منع فوز اليمين المتشدد في التشري


.. إسماعيل هنية في كلمة لأهل غزة: تضحياتكم تصنع النصر




.. البرهان يؤكد ثقته بالنصر ودقلو يتهمه بالانسحاب من المفاوضات