الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الطبقي بأعماقه

وديان عثمان

2014 / 11 / 5
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لقد كنت أشرت سابقا، بأن المهام التقدمية، تقع على عاتق الطبقة العاملة، كونها الوحيدة المؤهلة، لمواجهة الرجعية التي تنتجها الرأسمالية، و كونها الوحيدة التي تملك أدوات الصراع، من خلال تعطيل دورات الإنتاج، و بالتالي و الأهم، تعطيل الربح، و صيرورة الإقتصاد الريعي.
إن المثقفين الثوريين، الذين يقومون بدور فاعل، كعقل الثورة و عيناها، ما هي أدواتهم الفكرية لتحقيق هذه الغاية؟
لا شك أن الجدل المادي، هو الذي يحلل حركة المادة، ويتفاعل مع التعقيدات الناتجة عن هذه الحركة،  لكن ما سرى في الماركسية الرائجة، أنها ما زالت تتبنى نظرية "الأباء المنظرين السوفيات"، و تتبنى بأن قطار التاريخ، خرج عن سكّته، حين إنتصرت ثورة البلاشفة على الإقطاع، فهي بنظرهم كانت ملزمة بإنتظار نشوء رأسمالية، بالطبع هذا التسطيح للواقع، هو ما أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم.
و إذا فكرنا بشكل جدلي، فسنذهب أبعد من تطوير لينين، لنظرية كارل ماركس حول الرأسمالية، و فهمه بأن الرأسمالية، لن تنتج عالما على شاكلتها، بل ستنتج أطرافا متخلفة و تابعة، فتستحيل الرأسمالية إمبريالية، لكن هذه الإمبريالية اليوم تنتج مركزا متخلفا، بعد نفاذ مهامها التقدمية، و تحول الإقتصاد إلى شكله الريعي، مع أزمة تصريف فائض الإنتاج، إذن نحن أمام واقع متغير بشكل مستمر، تزداد تعقيداته بشكل واضح، يتطلب وعيا حداثيا جدليا، لدى المثقفين و الطبقة العاملة، و هو ما نفتقده لدى المثقفين، بشكل خاص، لكن إذا أصبح المركز متخلفا، يعمه الفساد الإداري، و البطالة و التأخر في التطور العلمي، و التراجع في نمط حياة الناس، فما هو المطلوب إمبرياليا من الأطراف؟
المطلوب طبعا المزيد من التأخر و التخلف، المطلوب صراعات عبثية، بين أبناء الطبقة الواحدة من الفقراء و المهمشين و العمال، كما الإنتاج بأدنى كلفة ممكنة، للمحافظة على صيرورة الربح.
إن هذا النظام الذي يحتضر، لن يزول سوى ببديل يزيله، كما أزال الإستعمار بإتفاقية سايكس-بيكو و وعد بلفور، و حضوره العسكري، الرجل المريض(السلطنة العثمانية)، و الذي كان يحتضر لسنوات طويلة.
إذا إن الجدل يوصلنا إلى أن الصراع طبقي، لطالما كان، من السيطرة على دروب قوافل التجارة، إلى السيطرة على الموارد الطبيعية و البشرية، لطالما كانت الصراعات طبقية، أو ذات أهداف إقتصادية نفعية.
لكن لتغيير الواقع عليك الشعور به، أو على الأقل إستشعاره، و هو ما يستحيل على النخب غير الملتصقة بالشارع، و ضمنا مثقفيها، فعله.
لذا لن يفهم بعض المثقفين، مما يتبعون الماركسية الرائجة، بأن ما يجري في سوريا ثورة كما هو ما يجري في البحرين و اليمن و تونس و مصر، هي ثورة بكل تعقيداتها، كما لن يفهموا بأن اللاجئين السوريين في الدول المجاورة، ليسوا كينونة واحدة، بل يتوزعون على جوانب الإنتماء الطبقي، بين من جاءوا و هم لا يملكون شيئاً، و إستقروا في خيم، لا تلبي أقل شروط الحياة الكريمة، و هم الذين تمارس عليهم عروض الإستقواء، و بين من أتوا و بأيديهم رؤوس الأموال، فرفعوا من سعر إيجار الشقق، و فتحوا المصالح الكبيرة من مطاعم و محلات، و هم من تستحيل مواجهتهم، بل من يحصلون على ثناء و تقدير و إحترام الطبقة الحاكمة و أجهزتها، و لا يمسهم أي ضرر، فهم قادرين على الإلتفاف مالياً، على أي قرار يمس اللاجئين، على عكس أولئك الفقراء، فقرار عدم تسجيل أطفال اللاجئين في المدارس، إنعكس على الفقراء و المهمشين منهم، غير القادرين على الإلتفاف على هكذا قرار، بسطوتهم المالية.
من الهام جداً، أن نفهم، بأن ما يفرق البشر هذه الأيام، أبعد من حدود جغرافية، و إنتماءتهم الحضارية، أو الدينية، أو العرقية، إن الحدود الطبقية هي الحدود الوحيدة، و كل ما عدا ذلك فهو وهم.
إن وضوح الرؤية، يتشوش أحياناً ليتعارض مع المصلحة الطبقية، فالبرجوازية الصغيرة تصارع للحفاظ، على مكتسبات تقيدها، أكثر مما هي تحررها، يبدو واضحاً اليوم في لبنان، الصراع الطبقي الحاصل، و آخر تجلياته:
أولاً: ما حصل لسلسلة الرتب و الرواتب ولطلاب الشهادات،
ثانياً: لشركة ت م ا،التابعة للدولة و العاملة في مجال نقل البضائع، من تهجير للعمال و إبتزاز برواتبهم المستحقة،
ثالثاً: ما يحصل لطلاب الجامعة اللبنانية من زيادة مجحفة بالأقساط،
رابعاً: ما يحصل للمياومين،
كما ما يحصل للاجئين السوريين، هي حرب الطبقة الحاكمة على الفقراء و المهمشين  في هذا الإقليم، حرب واضحة و صريحة، في تحويل الإقتصاد بالكامل الى وجهه الريعي، و للقضاء على ما تبقى من دولة، فالدولة قبل كل شيء، هي نظام إقتصادي!
إذاً لا بديل اليوم في عالمنا العربي، عن الثورة. كما لا بديل في العالم، للتخلص من هذا النظام، الذي فقد صلاحيته التقدمية بالكامل، و أصبح رجعياً بإمتياز، و بكافة أوجهه، عن الثورة، للعودة للفعل التقدمي، فالنمو الإقتصادي و الإجتماعي اليوم مرتبط تماماً بنجاح الثورات، كما هو مصير الإنسان و مستقبله و بقائه!َ  








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب العمال يكسب الانتخابات المحلية في بريطانيا ويخسر أصوات ا


.. موريتانيا.. الشرطة تعترض مسيرة احتجاجية نظمها 6 مترشحين للري




.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين وصحفيين بمخيم داعم لغزة


.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش




.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش