الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأساة البحيرة

السيد مكاوي زكي

2014 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


نقلت لنا قنوات التلفزيون اليوم الخبر الأليم بمصرع أكثر من ثمانية عشر طالب في طريقهم إلي المدرسة بعد اصطدام سيارة نقل محملة بالبنزين بالإتوبيس الذي كان يقلهم في البحيرة واشتعال النار بالإتوبيس و طبقاً لروايات شهود العيان التي بثتها قناة سي بي سي اكستر فإن الإطفاء و الإسعاف وصلتا متأخرتين فمات بالنار من لم يمت من الإصطدام. هذا وقد مات عدد آخر من المواطنين نتيجة الحادث و يرقد العديد من المصابين الآن بمستشفي دمنهور وقد انتقل بعض الوزراء الي موقع الحادث وأمر الرئيس بإرسال طائرات إسعاف عسكرية إلي مكان الحادث .
المتهم الرئيسي وراء الحادث هو الإهمال الجسيم – فقد أخبر سائق الإتوبيس أحد الطلاب الذين نجوا بأن الأتوبيس به عطل- الذي أصبح معلم واضح في سلوكياتنا كأفراد وحكومة سواء من كان منهم مسئولاً عن الطرق أو الإسعاف أو المرور مسئولية مباشرة أو مسئولية سياسية . ورغم أن هذا ليس الحادث الأول من نوعه لكنه سيكون الأكثر تأثيرأ علي الحكومة لتتخذ المزيد من الإجراءات لمنع تكراره فقد جرت العادة في مصر المحروسة أن المسئولين لا يتحركون إلا بعد خراب مالطة . قد يكون من بين هذه الإجراءات - بجانب إصلاح قانون المرور- عدم السماح لسيارات النقل الثقيل بالحركة علي الطرق السريعة إلا في الفترة من الثانية عشر ليلاً وحتي الخامسة صباحاً وتقنين دخولها المدن و معاقبة السائق والمالك المتسببين في حوادث واجراء فحوصات دم مفاجئة علي الطرق لسائقي النقل الثقيل لمعاقبة من يتناول الممنوعات منهم. وطبقا لأحد خبراء المرور فإن قانون المرور الحالي وقرارت وزير النقل تمثل دعوة لسائقي النقل الثقيل بقتل المواطنين مقابل دفع غرامة مالية.
لقد دفع ثمانية عشر طالب في مقتبل الشباب حياتهم ثمناً لإهمال الجهاز الحكومي وحالة الضعف التي اعترت الدولة بعد ثلاث سنوات من القلاقل السياسية . هؤلاء الفتية الذين قضوا نحبهم اليوم وامثالهم يمثلون مستقبل مصر . من أمثالهم خرج السادات والجمسي وعبدالمنعم رياض ومصطفي مشرفة ونجيب محفوظ وطه حسين. لقد قتلناهم بأيدينا وجميعنا شركاء في هذه الجريمة . لقد سمحنا لأنانيتنا و أحقادنا و كراهيتنا لبعضنا البعض أن تسيطر علينا . صار هم كل واحد فينا مصلحته ومجده وجماعته وحزبه والباقي لا يهم ولتذهب مصر إلي الجحيم.
الطريق إلي مستقبل أفضل في أعقاب انفجار 25 يناير 2011 كان واضحاً لكننا بذلنا كل الجهود لتجنب السير فيه . كنا مصرين علي الكفاح من أجل الفشل بعد سقوط نظام مبارك و عشنا حالة صراع علي السلطة بدون قواعد فكل الأطراف كانت تستبيح أي شيء لكسب السلطة . الصراع علي السلطة يوجد في كل الدول المتقدمة لكنه يتوقف عند حدود الصراع السياسي فلا تستعمل فيه بندقية ولا قنبلة ولا عنف ولا إرهاب ويحكمه دستور يطبق علي الجميع. هذا الدستور متفق عليه بالضرورة من كل الطيف السياسي والإجتماعي في لحظة وضعه وقابل للتعديل وفق آليات الدستور ذاته.
هذا الصراع علي السلطة كان يجب أن يكون سياسياً فقط بموجب الصندوق الشفاف وقواعد الدستور والقانون لكن حدثت محاولات اختطاف الدولة و الإستبداد بالأمر دون المصريين. إن خط الدفاع الأول عن مصر وشعبها - كان وما زال- هو التمسك بالدستور روحاً وحرفاً. .إن خروج مصر من أزمتها السياسية ومشاكلها الإجتماعية والإقتصادية لن يكون إلا من خلال إصلاح ما تهدم من بناء الدولة وإستعادة هيبتها وإرساء ثوابتها الوطنية والقومية و بناء نظام سياسي قائم علي مبدأ الديمقراطية و العدالة الإجتماعية أو ما سماه عالم الإجتماع الشهير أنتوني جيدنز " الطريق الثالث" أو الديمقراطية الإجتماعية. إن نظام الحكم الشمولي والإستبدادي الذي سيطر علي مصر لثلاثة عقود هو المسئول عن مشاكلنا الإقتصادية والإجتماعية و السياسية. فالإستبداد في تلك العقود قاد إلي الإختناق ثم الإنفجار وتبنينا للديمقراطية الإجتماعية من شأنه تفريغ الضغوط الإجتماعية والإقتصادية التي تراكمت عبر ثلاثون عاماً وذلك من خلال التداول السلمي للسلطة و الحلول المبدعة للمشاكل.
نحن بحاجة أن تسع مصر كل المصريين " لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن صدور الرجال تضيق" وأن يجعل كل المصريين مصر في قلبهم وعقلهم. نحن بحاجة لأن نتعلم الحوار والإتفاق والإختلاف والتفكير. هذا الشعب الطيب يستحق أفضل مما هو فيه. علينا جميعاً أن تتناسي مصالحنا الخاصة ونفكر في مصلحة الشعب ونشعر بمعاناته ونمنحه الأمل في مستقبل افضل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إمام وحاخام في مواجهة الإنقسام والتوترات في برلين | الأخبار


.. صناع الشهرة - كيف تجعل يوتيوب مصدر دخلك الأساسي؟ | حلقة 9




.. فيضانات البرازيل تشرد آلاف السكان وتعزل العديد من البلدات عن


.. تواصل فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت في انتخابات تشاد




.. مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن غزة