الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القدس والمقدسيون: يتمٌ في مواجهة جرائم الاحتلال

عديد نصار

2014 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


أين يقف كل هؤلاء الشيوعيون الذين لم يترددوا في تبني وجهة نظر النظام الأسدي باعتباره النظام الممانع والعلماني الوحيد في الشرق، والذين تطوعوا للدفاع عنه إعلاميا في وقت كان ولا يزال يمارس أبشع المجازر بحق الشعب السوري الذي لم يطلب سوى بعض الحرية والحياة الكريمة؟
تتعرض مدينة القدس منذ مدة ويتعرض المقدسيون كما المسجد الأقصى لأوسع هجمة صهيونية عنصرية منذ استكمال احتلال المدينة في حزيران 1967، وعلى مرآى من الأنظمة والشعوب وفي ظل تغاض وتواطؤ كاملين من القوى السلطوية الفلسطينية والعربية.
وهنا تحضرني العبارة الشهيرة التي طالما رددها على مسامعنا كل الممانعين من الشيوعيين الذين حزموا أمورهم الى جانب النظام الأسدي الدموي في دمشق في مواجهة ثورة الشعب السوري بذريعة خرقاء تعتبر أنّ هذا النظام المجرم نظامَ ممانعةٍ في وجه أمريكا واسرائيل!
"كل بوصلة لا تشير إلى فلسطين مشبوهة!"
هذه العبارة رددها "الممانعون" بكثرة ردا على الانتفاضات الشعبية التي طرحت حقوق الشعوب في مقدمة الاهتمامات على مدى السنوات الأربع الماضية باعتبار أن هذه الانتفاضات لم تؤشر صراحة إلى القضية الفلسطينية التي طالما اعتبرت القضية المركزية للعرب.
لكننا لم نعد نرى أو نسمع تلك العبارة منذ مدة، اي منذ أن غرق ما يسمونه "محور الممانعة" وحزب "المقاومة" في الحرب على الشعبين السوري والعراقي وتواطئهما مع التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا والذي يدعي محاربة "داعش"، داعش الذي يستمر في توسعه في ظل الغطاء الجوي لنظام الأسد وللتحالف الدولي على حد سواء.
ولكن أين فلسطين اليوم من شعارات "الممانعين"؟ بل أين القدس والمقدسيين والمسجد الأقصى من قاموسهم المثقوب؟
لا شك أن الكيان الصهيوني يستغل كل ما يتيح له مزيدا من التوسع على حساب أهل الأرض وأصحابها، وخصوصا في القدس، بما في ذلك رفع منسوب العنصرية لدى المستوطنين وتشجيعهم على ارتكاب الجرائم بحق المقدسات لاستفزاز المقدسيين وجرِّهم الى أعمال عنف تبرر له سلوكه الاجرامي سواء بهدم منازل المقدسيين ودفعهم الى مغادرة مدينتهم أم بطردهم مباشرة منها أو لتبرير مزيد من بناء المستوطنات على أنقاض بيوت المقدسيين وفي أراضيهم، خصوصا أن هذا العدو يدرك تماما مدى اليتم الذي يعانيه هؤلاء في هذه المرحلة،على المستويات الرسمية وحتى الشعبية فلسطينيا وعربيا وأمميا.
ففي الوقت الذي يمعن فيه الاحتلال في قمع حركة الاحتجاج المقدسية وانتهاك المسجد الأقصى وقتل المحتجين، يطالعنا المسؤولون الأردنيون بعبارات من مثل: أن مثل هذه الأفعال تشجع الارهاب! وكأنهم يقولون، أنه لولا الارهاب لكان لا باس!
في حين تذهب سلطة محمود عباس الى مجلس الأمن ويعلن وزير الخارجية الأمريكي إدانته لحادثة "الدهس" التي قام بها مواطن مقدسي غاضب ردا على عملية الدهس اليومي التي يمارسها الاحتلال بحق أهله في مدينتهم!
لقد نجحت القوى السلطوية في الضفة وفي غزة في تقسيم الشعب الفلسطيني والضغط باتجاه جعل كل منطقة منفصلة في همومها ومشاكلها عن المناطق الأخرى بما ينسجم والسياسة الصهيونية الهادفة إلى تحويل المناطق الفلسطينية الى كانتونات منعزلة يسهل قضمها وهضمها. وقد نجحت عصابات السلطة في بلدان الوطن العربي في إلهاء الشعوب بما تمارسه من جرائم مروعة بحقها، فلم تعد قادرة على التعبير المؤثر عن تضامنها الفعلي مع الشعب الفلسطيني المسحوق. في حين يتلهى أدعياء الشيوعية بالشعارات الجوفاء التي لم يعد أحد على استعداد لسماعها، بدل أن يمارسوا الدور المطلوب منهم في الدفع باتجاه تضامن أممي مؤثر مع الشعب الفلسطيني يضغط على مراكز الهيمنة الامبريالية ويواكب نضالات الشعب الفلسطيني ويدعمها. لكنهم اليوم مشغولون بدعم مافيا حزب الله وقواتها المأجورة التي تخوض حربا دموية ضد الشعب السوري الذي يعرف طريق فلسطين وطريق القدس أكثر بكثير من أية قوة سلطوية أو مافيوية مهما رفعت من شعارات سياسية أو ارتدت من الوان دينية.
وهنا نعود لنذكر كل قوى التحرر وعلى وجه الخصوص قوى اليسار في العالم بدورها الذي يفرض عليها ممارسة كل ما من شأنه تحشيد الشعوب في حركة تضامنية واسعة مع الشعب الفلسطيني الذي يتم سحقه من غزة الى الضفة الى القدس الى النقب والساحل والجليل. فليس حرا ولا يسارا من يتخاذل عن القيام بهذا الدور للضغط على السلطات المركزية في النظام العالمي المعادي من اجل وقف العدوان الصهيوني المستمر وإحالة المجرمين الصهاينة الى المحاكم الجزائية الدولية لينالوا ما يستحقونه، مع علمنا بضعف استقلالية هذه المحاكم.
لا شك أن "بوصلة لا تؤشر إلى فلسطين هي بوصلة مشبوهة" ولكن لا بد لمن يطلق هذه العبارة أن يفهم أولا المعنى الحقيقي منها وأن يعرف الاتجاه الصحيح الى فلسطين.
فما من طريق الى فلسطين الا طريق وحدة وتحرر الشعوب، الطريق التي تفرض التخلص من كل أنظمة القهر والقتل والفساد والاستبداد. فما من مافيا حاكمة إلا ومردود سيطرتها يصب في طاحونة الكيان الصهيوني.
ليس للشعوب المضطهدة إلا أن تتآزر وتتوحد في مواجهة صلف الامبرياليين والصهاينة، إذ أن قوى السيطرة والهيمنة مركزيا وإقليميا وعصابات السلطة المحلية في كل مكان باتت في خندق واحد في مواجهة الشعوب وتمارس كل ما من شأنه سحقها وإعادة إنتاج تخلفها لأن ذلك هو السبيل الوحيد لإعادة إنتاج أنظمة سيطرتها.
فيا يتها الشعوب المضطهدة اتحدي! لا تنتظري مخلصا ولا حزبا ولا قائدا ملهما ولا زعيما منقذا. فقد تهاوى الجميع الى خندق العدو وبتِّ وحدك المسؤولة عن إعادة إنتاج الحياة الحرة على هذا الكوكب!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة :كارثة في الأفق ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مطعم في لندن طهاته مربيّات وعاملات نظافة ومهاجرات.. يجذب الم




.. هل تمتلك السعودية سلاحًا نوويًا؟| #التاسعة


.. روسيا تحذر...العالم اقترب من الحرب النووية!| #التاسعة




.. رئيس الاستخبارات الأميركية يلتقي نتنياهو لإنقاذ المفاوضات وم