الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حوار مع الأديب الماركسي حسين علوان حسين وَ - المثقف العضوي الفاعل- من - بؤرة ضوء- - الحلقة الثانية عشر - الجزء الثاني
فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)
2014 / 11 / 6
مقابلات و حوارات
![](https://ahewar.net/Upload/user/images/f81ee17d-cad2-4536-824c-22d744ac64ba.jpg)
حوار مع الأديب الماركسي حسين علوان حسين وَ - المثقف العضوي الفاعل- من - بؤرة ضوء- - الحلقة الثانية عشر - الجزء الثاني
14. ما كرنولوجيا مفهوم فن البرهان والإقناع عند فلسفة ماركس "المادية الجدلية " ؟
الجواب :
يوضح النص المترجم في الحلقة السابقة لماركس الشاب (و هو في سن التاسعة عشر من العمر) الإرهاصات الفكرية العميقة التي مر بها خلال مرحلة انتقاله من الأدب إلى العلم و الفلسفة ، و من الأخيرة إلى جدل هيجل ، و كيف أن نشدانه للحقيقة قد اضطره في نهاية المطاف إلى حسم أمره بصرامة لصالح معانقة المنهج الأخير ، ليحرق كل منجزه الأدبي حتى ذاك الحين . و لقد كانت تلك تضحية شخصية كبيرة ، و لكنها كانت أيضاً نقلة فكرية نوعية هائلة ستسم بطابعها كل منجره الفكري الجبار اللاحق . و نحن نعرف الآن ما هي أسس البرهان في المنهج الجدلي لهيجل التي سببت قوتها التفسيرية كل هذا التحول لدى ماركس الشاب ؛ و قوانين علم الجدل : ترابط كل الأشياء في الكون و تغيرها الدائم من خلال وحدة و صراع الأضداد ، و تحول الكم بالتراكم إلى كيف و بالعكس ، و نفي النفي .
و لعلم الجدل الهيجلي آلية قوية تشتغل قوانينها على صعيدين في آن واحد : الذات ، و الموضوع . الجدل الذاتي هو منهج شخصي في البحث العلمي يوفر آليات نافعة في البحث في كل موضوع ؛ و الجدل الموضوعي هو القوة الفاعلة المفعول بهذا الشكل أو ذاك في كل شيء : الفكر و المجتمع و الطبيعة . و عندما يستثمر المفكر هذا العلم في بحثه العلمي ، تتطابق عنده الذات مع الموضوع و يتظافران معاً للولوج إلى أعماق الحقائق بأسرع وقت ممكن و بأقل العثرات و الأخطاء . و سيمر بنا لاحقاً كيف أن قيام ماركس و إنجلز بإكساب هذا الجدل طابعه المادي قد أعطى الأخير قوة تحليلية و تفسيرية أمضى .
و يلاحظ مدى الأثر الذي أحدثته فلسفة هيجل في نفس ماركس الشاب و مدى تشبعه بها وقتذاك (1837) من واقع تبنيه في رسالته لأبيه - بنيوياً - لآراء هيجل في كون البرهان الرياضي برهاناً تحكمياً و غير جوهري في معرفة الحقيقة (يمكن للقارئ العزيز المهتم بهذا الموضوع مراجعة مقالتي : "هيجل و رَسْل : الأسد يعرف من فكيه" المنشورة في موقعي الفرعي على الحوار المتمدن) . كما يتضح هذا التأثر من قناعته بأن دراسة أي موضوع في القانون و الطبيعة و الدولة و الفلسفة تحتاج بالضرورة لتتبع سيرورة تطوره عبر الزمان ؛ و كذلك في استعارته حول حاجة البشرية لفسحة للإتكاء على ظهر الكرسي بغية التفكر بماجريات الماضي و واقع الحاضر ، و التي قد تكون مرتبطة بنص هيجل الذي يقرأ :
" إن (الفلسفة) ، كفكرة عن الكون ، لا تنهض إلا في الفترة اللاحقة على استكمال الواقع لسيرورته التكوينية و بلوغه شكله الأخير . و ما يُعَلّمنا هذا التصور ، يُظهره لنا التاريخ بالضرورة ، أي : أن ما هو مثالي لا ينهض إزاء الواقعي إلا بعد استهلاك الواقع ؛ و أن المثالي يعيد بناء نفس العالم ، مُدرَكاً في مادة الواقع ، على شكل مملكة فكرية . و عندما ترسم الفلسفة رماد الحياة برماد الحبر ، يكون شكل الحياة قد أصبح قديماً ؛ و لكونه رماداً في رماد ، فليس بالإمكان تجديده ، و انما يمكن إدراكه حسب . إن بومة منيرفا (رمز الحكمة) لا تبدأ تحليقها إلا بعد زوال الغسق " ( مقدمة هيجل لـكتابه "فلسفة القانون" ، (xxix-xxx)) .
و لهذا ، فإن دراسة فلسفة هيجل ضرورية للتعمِّق باستيعاب الماركسية .
و لكننا نجد في رسالة ماركس الشاب ثلاث إشارات متتابعة و مهمة جداً للعلم . و فيها يكمن أحد أهم المنطلقات الأساسية لتطور فكر ماركس لاحقاً عبر اعتماده بنحو مضطرد التوسع على التفكير بصيغ العلم الطبيعي ، كسبيل للإكتشاف و البرهان . و كل ذلك لإدراكه مبكراً بأن الطبيعة وحدها هي التي تستطيع استيعاب سيرورة تاريخ العالم ، و بالتالي ، فإن تاريخ البشرية عموماً ينبغي استيعابه في إطار فهم علم الطبيعة . و على العكس من هذا التوجه نحو علم الطبيعة في الإستيعاب و البرهان ، نجد أن مثالية هيجل تدفعه في كتابه "فلسفة الطبيعة " (1806) الى جعل "الطبيعة" خاضعة لـ "الفكرة المطلقة" أو "الروح". سأعود إلى هذا الموضوع لاحقاً .
أما أهم جملة تحتويها الرسالة ، فهي ، بنظري ، تلك التي تنص على : " و من المثالية التي تعلقت بها طويلاً ، حدبت على البحث عن المثال داخل واقعي ذاته . و في حين كانت الآلهة تقطن فوق الأرض ، فقد أصبحت الآن هي مركز الأرض ذاته " . هذه الجملة تبين أن ماركس ، منذ ذلك التاريخ فصاعداً ، جعل الإنسان هو موضوع بحثه ، و أن البشر على الأرض (و ليست الآلهة في السماء ) هم المركز لهذا الموضوع ، و ذلك على العكس من هيجل الذي اعتبر الروح ذاتاً فاعلة تخلق كل الموجودات . و في التركيز على الإنسان ، خالق الأرباب ، ينحسم موضوع فهم أصل الأديان ، تمهيداً لكشف حقائق دورها التاريخي .
و يختتم ماركس الشاب رسالته بذكر انتمائه لنادي الهيجليين الشباب - و هو أصغرهم سناً . و سنتعرف في الحلقة القادمة على دور أحد أهم هؤلاء - "برونو باور" - في قرار ماركس التفرغ للبحث العلمي ، و كتابة أطروحة الدكتوراه الموسومة : "الإختلافات في فلسفة الطبيعة بين ديموقراط و أبيقور" .
يتبع ، لطفاً .
________________
انتظرونا والأديب ، المفكر الماركسي حسين علوان عند ناصية رواق - ج . من الشؤون الفلسفية - والجزء الثالث من سؤالنا :
14 . ما كرنولوجيا مفهوم فن البرهان والإقناع عند فلسفة ماركس "المادية الجدلية " ؟
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. رئيس الوزراء أتال يقدم استقالته للرئيس ماكرون الذي يطلب منه
![](https://i4.ytimg.com/vi/ohcMqW7afZ0/default.jpg)
.. مدير الشاباك الإسرائيلي يتوجه لمصر لمواصلة المحادثات بشأن وق
![](https://i4.ytimg.com/vi/uTG0pPApp3E/default.jpg)
.. قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على جنوبي غزة وسط توغل بري وإطلاق ل
![](https://i4.ytimg.com/vi/rJDT2YNFb70/default.jpg)
.. قراءة عسكرية.. فصائل المقاومة تكثف قصفها لمحور نتساريم.. ما
![](https://i4.ytimg.com/vi/vUryd0MvHwE/default.jpg)
.. هآرتس: الجيش الإسرائيلي أمر بتفعيل بروتوكول -هانيبال- خلال ه
![](https://i4.ytimg.com/vi/kJImQuON4ek/default.jpg)