الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشمال السوري بين فكي داعش والنصرة

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2014 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية



بعد سنوات من الدعم والتسليح اللذين كانت تتلقاهما جبهة ثوار سوريا بقيادة جمال معروف، وتقدمه تيار الاعتدال وإعلانه الشهير بتنظيم صفوف المقاتلين لمواجهة داعش، هاهو يجد نفسة في لحظة فاصلة خارج المعادلة، في لعبة توازنات إقليمية ومنازعات دولية في المنطقة الغير خاضعة لسلطة النظام، وتتبادل مراكز الحدث مابين النصرة وداعش، وعين العرب و جبل الزاوية.
لقد عادت جبهة النصرة الى موئلها الأول، ريف إدلب الذي شهد انطلاقتها، مثلما كان منتجاً لأهم مؤسسات العمل المدني "المجالس المحلية"، وسبّاقاً لمواجهة شاملة مع نظام الأسد منذ انتفاضة السوريين ضد الإستبداد، عبر المجموعات المدنية والعسكرية، التي شكلت نواة الجيش السوري الحر، الذي توّج جمال معروف – لاحقاً - فيه نفسه وريثاً شرعياً..دحرته النصرة، بعد سيطرته على جبل الزاوية وجوارها، فانفرط عقد جبهته، وانشق مقاتليه للإلتحاق بالمسيطر الجديد.
ثمة مسألتين: أولاهما أن جبهة النصرة شملها قرار مجلس الأمن 2170 وملحقاته. ويفترض أن النصرة ضمن " استراتيجيات" التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وتشتمل تحجيم قدراتها العسكرية، ومنع خطوط الإمداد والدعم، ومنع تمددها أسوة بـداعش..فكيف تمكنت النصرة من نقل عملياتها العسكرية بمثل هذه المرونة، من القلمون والحدود اللبنانية، لتخوض معارك طاحنة مع شركائها في قتال الأسد.
ثانياً: تعتبر جبهة ثوار سوريا اليوم هي النواة الأساسية – مع حركة حزم- لقوى الإعتدال التي يتشكل منها الجيش الوطني المقترح، وكان مهيئاً له الانخراط في عملية إعادة التنظيم والتدريب بإشراف أمريكي – إقليمي، بحيث يكون الذراع البرية للتحالف الدولي ضد داعش واخواتها.
هزيمة جمال معروف، بهذه الصورة الدراماتيكية، تبدي لنا ليس فقط هشاشة هذة التشكيلات، بل وعمق الفوضى التي تنخر جسد مؤسسات المعارضة التي يفترض أن تعمل مع هذه التشكيلات على تعزيز بنيتها التنظيمية وقدرتها القتالية، فلا تبقى خارج سيطرة القرار الموحد والمركزي لقوى المعارضة، ولا تبقى مجموعات معزولة عن بعضها، يسهل اصطيادها ودفعها للتناحر والتنازع حول أسباب صغيرة. والواقع فإن جبهة ثوار سوريا شهدت تضخيماً لقدراتها وحجمها ودورها، وقد خسرت معركة وادي الضيف امام نظام الأسد، في الوقت الذي تتلقى فيه دعماً جيداً من قوى إقليمية تتبنى " جبهة معروف ".
لا شك في أن الصراعات التي تعصف بالقوى المكونة للإئتلاف الوطني، بشأن الاستحواذ على سلطة المعارضة وصناعة القرار وتكوين مؤسساتها " الاركان – الحكومة المؤقتة "، قد عكست أثرها المباشر في الإستفادة من الفرص الإقليمية والدولية الجديدة، بما يقود الى تقوية المعارضة السورية، من حيث مأسسة اجهزتها، وإعادة تنظيم ولاءاتها وتحالفاتها وأولوياتها، تأسيساً على المطامح الوطنية..ولازالت الفرصة مؤاتية مع استمرار الحملة العسكرية للتحالف الدولي، وحاجته إلى شريك فعلي على الأرض في سورية. لكن المعارضة بقيت قواها كما هي على تناحرها الفريد، الذي تجعل منه غير قابل للحلّ، على الرغم من توفر كل الظروف الدافعة إلى ذلك، بمعنى دعم الولايات المتحدة بشكل خاص، لبناء جيش وطني من التجمعات والتشكيلات العسكرية المتناثرة، بمرجعية سياسية وقيادة عسكرية موحدة، خاصة مع تمدد داعش والنصرة اللتين يتسع نفوذهما الإجتماعي والجغرافي بصورة مضطردة، مع تقدم النظام أيضاً في عدّة محاور.
تغاضي التحالف الدولي عن داعش والنصرة، لايختلف على الإطلاق في صمته حيال تحركات نظام الأسد وجرائمه اليومية، هما يتناوبان في تنفيذ العمليات الجوية، وفيما يستهدف النظام المدنيين، يترك أمر داعش واخواتها للتحالف الدولي. ومنذ مابعد معارك القلمون، لم تكن هناك اية مواجهات مباشرة تذكر بين النصرة و النظام، الذي لايلقى أي إعتراض سواء في مواصلة استخدامه الكيمياوي، أو المجازر اليومية مثال ما يحصل في جوبر و الوعر، واستمراره بعمليات التدمير والتهجير الممنهجين، إضافة لتشديد الحصار على حلب، التي أضحت بين فكي كماشة النصرة وداعش.
تمدد الدولة الإسلامية و النصرة، على الرغم من خلافهما الظاهري، أخطبوطي، امتد الى حقل الشاعرجنوباً وعين العرب/كوباني شمالاً، باتجاه ريف حلب، ومع استيلاء النصرة على جبل الزاوية ومناطق أخرى، تبدو الصورة واضحة مع تغلغل مجموعات داعش، مما يحقق سيطرة كاملة على الشمال، تبقى فيه حلب المدينة تحت رحمة النظام الذي يعمل على استعادتها. يبقى أمام النصرة إما تحالفاً استراتيجياً أو انضماماً للدولة الإسلامية تجنباً لأي اقتتال محتمل على مواقع النفوذ.
مرة جديدة، تبدو فيها هيئة الأركان والمجلس العسكري، في حالة الضعف والعجز عن القيام بدور فعّال يجنّب قواها تبديد قدراتها في غير مواجهة النظام. وهو العجز ذاته الذي أصيبت به من قبل مرتين في الرقة: الأولى ترك الرقة مع التحرير دون أي دعم ومساندة لملئ الفراغ، فاستباحتها احرار الشام والنصرة، والثانية التقاعس عن تقديم الدعم والمساندة لقوى " الجيش الحر " في مواجهة تنظيم داعش، ما أدى لاستيلاء الدولة على كامل المحافظة، ومن ثم دير الزور وريف حلب.
المعارضة السورية بمؤسساتها الأساسية: الائتلاف الوطني، الأركان والحكومة المؤقتة، تتحمل مسؤولياتها عما آلت إليه الامور في جبل الزاوية، وتبدو هزيمة جبهة ثوار سوريا بمثابة طلقة الرحمة على ماتبقى من " الجيش الحر" الذي لم يستطع حماية نفسه وتراجعت مواجهاته مع النظام لصالح انغماسه في إدارة المناطق التي يسيطير عليها، بعد إقصاء قوى العمل المدني. ومع هزيمة معروف وما يجري في كوباني/عين العرب تبدو أحلام المعارضة السورية في إنشاء منطقة آمنة، بعيدة المنال، فالوضع على الأرض شديد التعقيد، والمصالح الدولية والإقليمية في وادٍ، والمطمح الوطني لقوى الثورة السورية في وادٍ آخر.
طوال ثلاث سنوات بقي الجيش الحر مفتتاً وهزيلاً، ثم تمت تصفية أحرار الشام، واليوم جبهة ثوار سوريا، فما هو القادم إذن؟
____________________
كاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية