الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذا اليوم

برهان المفتي

2014 / 11 / 6
الادب والفن


هنا نشتري الأخبار الجاهزة من مكاتب بيع الأخبار المنتشرة ، نفعل ذلك كل يوم. أنا أشتري الخبر صباح كل يوم قبل أي شيء أفعله، ثم أرجع إلى البيت ، أفتح الخبر على الطاولة التي أحلق عليها وجهي، فتتساقط شعرات على الخبر، وتتشكل صورتي مع كل خبر. وحين أنتهي من حلاقة وجهي تكون صحيفتي جاهزة، الخبر والصورة، فأخرج إلى صالة البيت وأقرأ صحيفتي على الجميع وهم يرون تلك الصور ذات الرغوة الكثيفة مع كل خبر ! وفي الخبر الرئيسي، حيث هناك أضع ما يسقط من وجهي حين الإنتهاء من الحلاقة ورش المرطب و عطر ما بعد الحلاقة لتفادي تهيج الوجه، تكون صورتي معطرة ذات لمعة
جميلة ! الكل في المدينة يفعلون ذلك.
ولكن، حين ضرب فيروس غريب المدينة، إنتشرت حساسية مرضية تصيب بشرة الوجه، لم أحلق وجهي أياماً نسيت عدها، لم أخرج لأجلب أخباري ، ستتراكم تلك الاخبار بحسب سياسة محلات بيع الاخبار، فلا يجوز رمي الأخبار القديمة، ولا التصرف بها، بل أن لكل شخص رقمه الخاص يستلم به أخباره من أي محل، فقط يعطي رقمه للموظف الذي في المحل، ليستلم رزمة أخباره الخاصة. طالت لحيتي، وتداخل فيها الشعر الأبيض مع الأسود، وخوفاً من أن تكون لحيتي مأوى للقمل، قررت الحلاقة رغم الحساسية التي أصابت بشرة وجهي. ولكني قبل ذلك، سأخرج لأستلم أخباري المتراكمة.
الكل في الشارع بلحى طويلة، الفيروس ضرب الجميع حتى النساء، أرى نساءاً بلحى ، الفيروس لا يعرف الفرق، لحى على الوجوه جميعها. أصل إلى محلي المفضل لشراء الخبر، إزدحام أمام المحل، الكل يريد أن يرجع بخبره ويبدأ بحلاقة لحيته خوفاً من القمل، ربما تحمّل تهيج البشرة أفضل من غزو القمل ! في ذلك الأزدحام، تشابكت اللحى، صارت الوجوه متداخلة، يعلو الصياح، هستيريا اللحى المتشابكة، جميعاً ننتف ما في وجوهنا من شعر غريب ونحاول فك التشابك، بل أن البعض قد أخرج شفرة الحلاقة وبدأ يحلق وجهه أو وجه غيره في هذا التداخل، كما أرى سيدة تحف وجهها، وشابة قد أخرجت علبة إزالة الشعر من جيبها ، وبدأت تزيل الشعر من وجهها. بعد حين، كانت الوجوه لا شعر فيها، متهيجة بسبب النتف والحلاقة المستعجلة ، وفي تلك الهستيريا، سقطت رزم الأخبار وأمتزجت كل رزمة مع غيرها ، صارت رزمة أخبار إمتزج فيها الجميع، والشعر قد إنتشر عليها وعلى كل خبر فيها.
صور عديدة قد تشكلت على هذه الرزمة صور لا تشبهنا رغم أنها تشبهنا...نعم هي كذلك، لا تشبهنا في التفاصيل وتشبهنا في الأجزاء....وبالنتيجة صور ليست نحن، الأجزاء لا قيمة لها، الناس يرون مع كل خبر الصورة الكاملة، هذه الصور ليست لي وليست لأي أحد في المدينة، والأخبار هنا، أراها، أخبار لا أعرفها ، تتكلم عن أشياء ليست هنا ، حروف تحركت من أماكنها، نقاط سقطت، نقاط أرتفعت...فقرة زادت كلماتها، فقرة إختفت في سطور أخرى.... وتستمر الهستيريا...حتى بدأ التهيج في البشرة يحدث تشققات، تسارعت لتصبح جروحاً تنز دماءاً.
تحت أقدامنا الضاربة الآن صحيفة أخبارها ليست أخبارنا، صورها ليست نحن، فقط دمائنا هي دمائنا من جروح نعرفها....هذا هو الخبر لهذا اليوم...والفيروس يفتك بوجوهنا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا