الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في قباء الكوابيس

عبدالكريم الساعدي

2014 / 11 / 8
الادب والفن


عند منتصف الفراغ يهبط الليل بصمته، اقترب أكثر من فانوس شحيح ضوئه ، لاشيء سوى صفير يعبث برأسي ،وموجة برد تراقص أطرافي النحيلة ، أحرك أشياءً مهملة ، أفتعل ضجة ،أدس جبيني بين يدي كي اتسربل ذاكرتي ، أو أحلّق في عوالم يخيل إليّ أنها موجودة . أصحو على وقع أقدام خلف الباب ، أترقبه بحذر شديد،رائحة مخاوف تهزمني ، تقلقني ، ( يا ترى من خلف الباب في مثل هذه الساعة المتأخره ) ، أستجير بخطواتي ، أمدّ بصري من خلف النافذة ، لاشيء يدعو للريبة . صوت الصراصير يتحسس صمتي دون استئذان يختلط مع الصفير العابث بمسمعي ، ماكان منّي إلا أن أحرك رأسي ذات اليمين والشمال ، أطوي وسادتي وأحلم بوهم امرأة تمنحي بعض خصلات شعرها وطرف من أحلامها ، أغيب في ضباب كثيف ،أهتز طرباً،فتراني ثملاً طوحته أول نشوة عند طرف سريرها المتدثّر بعطر أنفاسها الملتهبة ، أستلقي على شهقة عناق تندلق من أعماقي . أناملي المرتعشة بصدى الأحلام تعبث بأوراقي المتناثرة فوق سجادة مزركشة بظلّ عقيم ،أرتدي رائحة الخيال وأحلّق عالياً في سمائي وأنا أتلو نشيد الندامى ،ندامى غادروا مبكرين نحو عوالم منسيّة ،اتبعثر كحفنة رماد في فراغٍ من قلق حين فرّ الضوء الشحيح من فانوسي الصدأ ، أشيّع صمتي في موكب الليل المحنّط بالعتمة، الفراغ مزدحم بخليط من أصوات لاأعرف مصدرها ، تهب من جميع الجهات . حشد من السحالي والحشرات تحتفي بموت كائن غريب ، تقترب أكثر منّي، تهبط من سقف الغرفة دمية تنبش بأظفارها ما تبقى من الكائن الغريب بعدما هربت جموع السحالي والحشرات، ينشقّ الجدار ، هوة عميقة تبتلع الدمية ، كوابيس تعتلي رعشتي وارتجافي ، ارتمي وسط موجة من هذيان كجثة هامدة وسط أسمالي المبتلّة بالرعب. سلالم من وجع تدثر بقاياي المرمية على أسفلت الطريق ، ألملم أشلائي فزعاً أبحث عن طرفي ، أزحف خلف بعض أناملي ،أتمرّغ في دمي المسفوح على أطراف الرصيف ، تتلمظ عاهاتي وسط صراخ يصرعني عند طرف شجرة يابسة اتخذت شكل صندوق من خشب ، مليء بديدان غريبة بدأت تترك آثارها على جسدي المختنق بروائح كريهة . ما كان مني إلّا أن أستعين بموسيقى جنائزية تنبثق من صدى زوبعة أدعية وتكبير ، لا أشك في الأمر أنه ذات التكبير البارع ببعثرة ضوء فانوسي الشحيح على بلاط سكون ليلتي ، ولمّا تجف أحلامي بعد . ألعق الفراغ المتّشح بالأهوال وأختزن المجهول في قراطيس صغاري الذين لم أمنحهم وداعاً ، وأستعجل دموعي الهاطلة على ضفة وديعة مرصّعة بالنسيان ، كلّ شيء هجرني ، أمسيت مطوياً تحت رداء وحدتي ، مركوناً في جحيم الأنتظار ، أتوضأ بكوابيس مفعمة بالفزع ،أشمّ رائحة أهازيج ذات خريف ،يحملني قرباناً لآلهة مقنّعة بالتجهم تتلوا سيرة كفري، تطقطق بعبث متسوّل يتهدّج بالهرج ، وقبل أن يمسّ صراخي ،خلعتني وقع الأقدام خلف الباب مرة أخرى وسط جلبة تتأمل سخف الهذيان على جبيني المندسّ بين يدي ، لأصحو على مواء قطة يعبث ذيلها بوجهي ،تمنحني بعض الدفء ، ابتسم لها أمسح على رأسها، تندسّ بهدوء شديد تحت فراشي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال