الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا الوقوف على الربوة أسلم و لا الصلاة وراء المرزوقي أقوم و لا اللقمة مع السبسي أدسم

محمد ذويب

2014 / 11 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


لا الوقوف على الربوة أسلم و لا الصلاة وراء المرزوقي أقوم و لا اللقمة مع السبسي أدسم
في زمن إحتدام الصراع فيما يعرف بالفتنة الكبرى أول صراع سياسي و أديولوجي في الإسلام أواخر العقد الرابع و بداية العقد الخامس في القرن الأول للهجرة إنقسم المسلمون إلى أنصار كل لأحد شقي الصراع فمنهم من ناصر معاوية بن أبي سفيان سليل البرجوازية القريشية التي خسرت البعض من نفوذها مع قدوم الإسلام إلى مكة ومنهم من وقف في صف علي بن أبي طالب رمز التقوى و الورع و الزهد و كان من المعاصرين لتلك الأحداث و في أحد حلقات الصراع الأكثر تقدما معركة صفين 37 للهجرة الصحابي الجليل أبو هريرة الذي نأ بنفسه عن هذا الصراع المرير و رفض الإصطفاف خلف أحد شقي الصراع و عندما سؤل عن موقفه قال قال : اللقمة مع معاوية أدسم والصلاة خلف على أقوم و الوقوف على الربوة أسلم ، فحين يأتى موعد الصلاة يذهب ويصلى خلف سيدنا على كرم الله وجه وحين يحين موعد الطعام يذهب ويأكل مع سيدنا معاوية لأن مائدته تحتوى على كل ما لذ وطاب من الثريد والأرز وسيدنا على طعامه لايتعدى الأسودين (التمر والماء ) و إن كان موقف أبو هريرة هو تفادي المشاركة في هذه الفتنة و هو موقف مبدئي و رائع لكن ما لا يعرفه الرجل أن الفتنة واقعة لا محالة و أن السيف قد سبق العذل و لكنه من ناحية أخرى يمكن إعتباره موقف موغل في الإنتهازية جعل العرب تتحدث عنه حتى اليوم .
إن ما جرني إلى العودة بالتاريخ إلى الوراء إلى ما يقرب الثلاثة عشر قرنا هو حالة التشرذم السياسي التي تعيشها تونس اليوم و التي إنعكست بصفة مباشرة على الشارع التونسي الذي إنقسم و تفرق رأيه بين المترشحين للإنتخابات الرآسية لكن السواد الأعظم من هذا الشعب قد إصطف خلف مرشحين إثنين يبدو أنهما يتقدمان على بقية المنافسين و هما الباجي قايد السبسي مرشح نداء تونس و محمد المنصف المرزوقي مرشح حركة النهضة و هذان الحزبان هما الأغلبيين من حيث عدد النواب في البرلمان القادم حسب مع أفرزته إنتخابات 26 أكتوبر الفارط و بطبيعة الحال هما الأكثر أنصارا في تونس .
لكن بالعودة إلى تاريخ الرجلين خاصة بعد 14 جانفي 2011 نرى أنهما لا يمكن أن يمكونا أو يمثلا خيارا وطنيا أو ثوريا لعدة إعتبارات فالباجي قايد السبسي هو حصان طروادة الذي نجح في إعادة التجمع للحياة السياسية من جديد و هو يقدم نفسه على أساس أنه حامل للنموذج البورقيبي في تونس و هذا النموذج لا يمت أيضا للوطنية بصلة لأن الجميع يعرف أن بورقيبة له إنجازات و لكن تحسب عليه جملة من المآخذ فالرجل كان دكتاتورا مسك البلاد بيد من حديد و حصر تاريخ البلاد في شخصه فكرس نموذج الرجل الواحد و الحزب الواحد و حابى السواحل و همش الدواخل و صادر كل نفس حر منافس له فضرب المعارضين سواء كانوا سياسيين أو نقابيين ( الإعتداءات التي طالت الإتحاد العام التونسي للشغل 26 جانفي 1978 و التنكيل بمناضلي الإتحاد العام لطلبة تونس 1972 ) وفي كل هذه المراحل تواجد الباجي قائد السبسي و كان أحد أعوان بورقيبة و رجال صفه الأوائل . بالإظافة إلى كل ذلك و في علاقة بالمشهد السياسي الحالي الباجي قائد السبسي هو زعيم حزب نداء تونس حزب ليبرالي مرتبط بإقتصاد السوق معتمد لنموذج تدايني قائم على إرتهان البلاد للخارج و التفريط في الثروات الوطنية وهو نظام تستفيد منه أقلية معينة تكون مرتبطة ضرورة بالنظام و مستثنية للسواد الأعظم من الشعب هو نفس نموذج بورقيبة و بن علي و نفس منهج الترويكا التي تدعم اليوم الحصان الثاني محمد منصف المرزوقي .
المرزوقي أحد المعارضين لبن علي من الخارج و هو حقوقي وقع إختياره رئيسا لتونس زمن حكم الترويكا متبني لنفس المنهج الإقتصادي الليبرالي المتحدث عنه سلفا و بنفس الخيارات و الإرتباطات و رغم الإجماع الشعبي الذي كان حوله قبل إنتخابات 23 أكتوبر 2011 فإنه إرتكب عديد الهفوات الفادحة في فترة حكمه إذ يبدو أن الرجل لم يتمكن من ملأ المنصب كما يقال و كانت قرارته يغلب عليها الإرتجال خاصة في مستوى العلاقات الخارجية خاصة موقفه من سوريا و إشرافه على منتدى الناتو و أعوانه في تونس و مطالبته في المنتظم الأممي بنزع السلاح النووي الكوري الشمالي و الإيراني و غض الطرف عن النووي الإسرائيلي الذي يعني فلسطين و تونس بالأساس و موقف أمير قطر منه و إحتقاره له و لمنصب رآسة الجمهورية و هو موقف إستفز عامة الشعب التونسي و موقفه من القضية المصرية ووقوفه في صف النهضة المتواطئة مع الإرهاب الذي ساهم في توتير العلاقات مع الشقيقة الجزائر و ساهم في عزل تونس دوليا أما على المستوى الوطني فأن الرجل كان شاهد زور على جرائم النهضة في حق التونسيين ففي عهده عشش الإرهاب و فرخ في تونس و شهدت البلاد الإغتيالات السياسية و أزمة إقتصادية حادة أدت إلى إنهيار كبير حمل تبعاته المواطن البسيط في عهده أيضا بيع البغدادي المحمودي للميليشيات الليبية كما تباع النوق أو كما يباع العبيد في سوق النخاسة كما قام الرئيس السابق بإطلاق سراح ألاف المجرمين تحت يافطة العفو التشريعي العام مما أدى إلى إنتشار الجريمة . في عهده أيضا كتب دستور لا يمت للثورة بصلة لا يحاسب فيه رئيس الجمهورية بعد إنتهاء مهامه و لم يتم التنصيص فيه على حق الشغل و تجريم التطبيع و إعادة جدولة العقود التي بمقتضاها تسلب الشركات العالمية تونس ثرواتها المتنوعة و الوفيرة .
يبدو أن الإمبريالية العالمية و أحصنتها في الداخل خاصة الإعلام قد وجه المعركة و جعلها ثنائية بين خيارين أحلاهما مر و ترك الشعب بين سندان المرزوقي و مطرقة السبسي و غيب الرموز الوطنية المناضلة الغير متنفذة في الإعلام و التي لا أموال و لا رجال أعمال وراءها على غرار حمة الهمامي و الصافي سعيد و كلثوم كنو و هم مناضلوا عارضوا بورقيبة و بن علي و الترويكا لذلك أقول أن موقف أبو هريرة لا يصلح ليوم 23 نوفمبر كما لم يصلح ليوم صفين و أقول " لا الوقوف على الربوة أسلم و لا الصلاة وراء المرزوقي أقوم و لا اللقمة مع السبسي أدسم " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تدخلت أمريكا عسكريًا في عملية إسرائيل لإعادة 4 رهائن؟


.. مراسلنا: قتلى وجرحى من جراء استهداف الجيش الإسرائيلي مبنى سك




.. حزب الله يعلن استهداف مبنيين يتمركز فيهما جنود إسرائيليون في


.. الاتفاق الدفاعي بين الرياض وواشنطن يلزم السعودية بتطبيع العل




.. رئيس معهد أبحاث الأمن القومي: الضغط العسكري سيؤدي إلى مقتل ا