الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعهد الوطني للإدارة العامة و الإصلاح المنتظر

أشواق عباس

2005 / 8 / 28
الادارة و الاقتصاد


لقد بات الإصلاح هذه الأيام العنوان العريض الذي يُستخدم اليوم من قبل العارفين به و بمتطلباته ، بل وحتى من قبل الراغبين فقط في الاستفادة منه ،ومحاولة تحقيق ما يريدون تحت شعار أنهم من دعاة الإصلاح و القادرين فقط على انجازه . و عندما يتم تناول هذا الموضوع يتم بالضرورة الحديث عن الجهات التي أنشئت من قبل الدولة لتتولى هذه العملية أو على الأقل لتساهم في تحقيق الإصلاح و التطوير .
و المعهد الوطني للإدارة العامة (INA) هو من أكثر الجهات التي تناولتها وسائل الإعلام المرئية و المكتوبة ، سواء عبر عمل مؤسسي أو عبر جهد فردي من قبل البعض .فبعضها كان موضوعيا فيما كتب ،وبعضها الآخر ذهب في طرحه إلى حدود المثالية فَحمل المعهد ما لا يمكنه أن يتحمل ، أو علق عليه مالا يمكن أن يقوم به على الأقل خلال المرحلة الراهنة ، و التي تعتبر فترة انطلاقته الأولى ، و البعض الآخر ذهب منذ الآن إلى إلقاء اللوم و النقد الذي خلى في أكثر الحالات من الموضوعية ، مع العلم أن المعهد عمليا لم يقلع بعد ( من حيث إعطاءه النتائج المطلوبة منه و هي تخريج دفعته الأولى التي تحتاج إلى ما يقارب الأربعة أشعر حتى تخرج للحياة ) .
لقد غفل الكثيرون عند تناولهم المعهد أنه لا زال في بداية تجربته الأولى و أنه لا زال حديث العهد ، و كل تجربة في بدايتها تكون مفتوحة على مختلف الاحتمالات ، سواء في النجاح (بتدرجاته المختلفة ) أو الفشل (بتدرجاته المختلفة أيضا) ،و نحن هنا لا نقصد أبدا من هذا الكلام أن نقدم تبريرا مسبقا في حال فشل المعهد في إتيان النتائج المرجوة منه ، لكننا نريد أن نكون موضوعيين فقط .
المعهد الوطني يَعُدّ سنويا ما يقارب الخمسين شخصا من حملة الإجازة الجامعية كحد أدني ، يتم تأهيلهم و تدريبهم لأربع و عشرين شهرا متواصلا ، يتم التركيز خلالها على دراسة أسس الإدارة الحديثة بخلفياتها الاقتصادية و القانونية و الإدارية ، إضافة إلى تدريب عملي ، و حالات عملية تركز على مواضيع هامة يتم انتقاءها من قبل المدرسين و الطلاب ، عدا عن اللغات (الانكليزية و الفرنسية ) و علوم الكمبيوتر و المعلوماتية .
مراحل الدراسة تختلف من مرحلة إلى أخرى ، ففي حين تكثف أحيانا المواد النظرية و العلمية ( مراحل التأطير النظري ) ، يتم التركيز في مراحل أخرى على حالات البحث و الدراسات العملية بحيث يعطى المتدرب أقصى قدر ممكن من المهارات النظرية و العملية المطلوبة .
لقد حاولت إدارة المعهد الحالية و من خلفها الجهات المعنية به أن تقدم إمكانياتها ( رغم ضعفها في حالات كثيرة ) كي ترتقي بالمعهد إلى المستوى الذي طرحت به الفكرة و الغاية من إنشائه ، و عملت جاهدة أن تضع طلابه في ظرف قريبة للظروف التي سيعملون بها عند تخرجهم ، وذلك من خلال الزيارات الميدانية إلى مواقع العمل الحكومي ،ومن خلال فترات التدريب العملي التي يقوم بها الطالب في إحدى الجهات الرسمية في الدولة و لفترة تصل إلى الثمانية أشهر
تقسم إلى أربعة أشهر خلال كل عام .
خلال مدة الدراسة التي تبلغ أربعة و عشرين شهرا كما أسلفنا ، وهي فترة جيدة نسبيا حتى يطلع خلالها المتدرب على الواقع الفعلي في المؤسسات ،وبالتالي تتكون لديه صورة أولية عن واجباته و عن الآلية التي يمكن من خلالها أن ينفذ ما أخذه نظريا أثناء دراسته في المعهد من نظريات ووسائل الإدارة الحديثة ، لاسيما و أن المتدرب سيكلف بإعداد دراسات خلال تدريبه ، تستند إليها الإدارة في معرفة درجة التطور و الخبرات التي حصل عليها المتدرب .
ما نود أن نؤكد عليه أن إدارة المعهد تحاول جاهدة أن تقدم أقصى ما تستطيع ضمن إمكانياتها المتاحة لطلابها ، لكن هذه الإمكانات بالأصل ضعيفة و قليلة جدا . و هو ما دفع الكثير من الطلاب الدارسين في هذا المعهد (و حتى نكون
موضوعيين ) إلى عدم اقتصارهم على ما تقدمهم لهم إدارة المعهد ، بل عملوا على تطوير أنفسهم و بذلوا الكثير من الجهد الشخصي حتى ترتقي سوياتهم و يكونون أهلا ، فعليهم يعقد الكثير من جهة ، إضافة إلى كونهم محط أنظار الآخرين ومراقبتهم بحكم أنهم من ينتظر أن يقوموا بدور مهم في الفترة القادمة . بل أننا نستطيع القول أن المعهد يضم بين طلابه من هم فعلا أهلا و ذوو خبرة جيدة .
الفكرة السائدة لدى الكثيرين و حتى عند بعض طلاب المعهد نفسه أن المعهد سيعد مديرين جاهزين ليتسلموا مناصب عليا في الإدارة ،وإنه سيقدم مسئولين جاهزين لتقديم حلول سحرية من شأنها إزالة كل جوانب الخطأ ، و تطوير الإدارات . و هو أمر غير صحيح أولا من ناحية أهداف المعهد ، و غير ممكن من الناحية العلمية و الواقعية ثانيا . فالمعهد يقوم بإعداد المتخصصين من مجالات مختلفة ( أطباء ، مهندسين ، حقوقيين ......... إلخ ) ليكونوا إداريين جيدين ، قادرين على
الإدارة وفق أسس تؤسس للتطوير و الإصلاح ، قابلين مع الوقت و مع اكتسابهم الخبرات و بعد اختبارهم عمليا وعلى ارض الواقع أن يكون مسئولين أكفاء في حال تم انتقاءهم للعمل في المناصب العليا .
من حق الكثيرين أن يعولا على المعهد الكثير الكثير ، و من الموضوعية ان نقر بذلك ، لكن من واجبنا ان نمنح طلابه ودارسوه الكثير الكثير من الاهتمام ، و أن نعمل على تحسين ظروفهم وتوفر لهم الإمكانات اللازمة كي يكونوا قادرين على مواجهة ما يرجى و يؤمل منهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 3-5-2024 بالصاغة


.. بلومبرغ: تركيا تعلق التبادل التجاري مع إسرائيل




.. أبو راقية حقق الذهبية.. وحش مصر اللي حدد مصير المنتخب ?? قده


.. مين هو البطل الذهبي عبد الرحمن اللي شرفنا كلنا بالميدالية ال




.. العالم الليلة | -فض الاعتصامات- رفض للعنف واستمتاع بالتفريق.