الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بان كي مون و أحمد إبن داود

منعم زيدان صويص

2014 / 11 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


تختلف الشعوب حول الطريقة التي تسمي بها أطفالها. طريقتنا نحن هي بإعطاء المولود إسمه الأول، ونُتبع ذلك بإسم ابيه ثم جده ثم عائلته، وتصر الدوائر الرسمية الآن على أربعة مقاطع على الأقل. وفي كثير من الدول الغربية يختار الأهل إسم الطفل ويضيفون إليه إسم عائلة أبيه، وهذا السائد تقريبا، أما الإسم أو الأسماء الوسطى فيمكن أن تضُم إسم جده لأمه، فيصبح الإسم خليطا من أسماء العائلتين. ومن الحالات الغريبة التي لا يمكن أن نستسيغها نحن الأردنيين، هي المتعلقة بإسم الرئيس الأمريكي الأسبق بل كلنتون. إسمه الأول، "بل"، هو الشكل المصغر للإسم وليم، وهذا ينطبق على أسماء كثيرة مثل دك لريتشارد وتشك لتشارلز. أما إسم العائله، كلنتون، فليس له أية علاقة بأبيه الذي توفي وويليم طفل، بل هو إسم عائلة زوج أمه، روجر كلينتون، الذي كان نكرة قبل أن يتزوجها، والذي أعطى إسمه، قبل أن يموت، لزوجته ولويليم، وحتى لزوجة وليم، هيلارى، لأنها أصبحت زوجة ويليم كلينتون، فأصبح إسمها هيلارى كلنتون.

تصور لو أن عائلة أو عشيرة عربية "ضرب الحظ" معها بهذه الطريقة لدرجه أن إسمها أُعطي، وبدون وجه حق، لرئيس دولة ولوزير خارجيتها، على حساب عشيرة أخرى. هل كانت العشيرة الأخري ستقبل بهذا الترتيب؟ أشك في ذلك وأظن أن حربا كحرب داحس والغبراء ستقوم بين العشيرتين بعد أن ترفعا شعار: لنا الصدرُ دون العالمين أو القبرُ.

في كوريا والصين يُعطى المولود إسمان: الإسم الأول هو إسم العائلة، والإسم الثانى في العادة إسم مركب من مقطعين صغيرين. فزعيم ومؤسس الصين الحديثة إسمه ماو تسي تونغ، ويلقب رسميا بالرئيس ماو، وهو إسم العائلة، وكذلك زملاؤه تشو إن لاي وليو تشاو تشي، فهم تشو وليو. وجرت العادة في كل دول العالم أن يسمى الشخص، رسميا واختصارا، وخاصة في الإعلام، بإسم عائلته، فالإسم الرسمي المختصر لرئيس الوزراء الأردني الحالي هو النسور وليس عبد الله، والرؤسا السابقون هم: البخيت، والخصاونة، والرفاعي، وهكذا، وليس معروف وعون وسمير.

والشعب الكوري يطبق نفس النظام الصيني. العائلة التي تحكم كوريا الشماليه هي عائلة كيم (Kim)، فمؤسس كوريا الشمالية كيم إل-سونغ، وإسم إبنه كيم جونغ- إل، واسم حفيده، الرئيس الحالي، كيم جونغ-أون، فلا يمكن أن يسمى الإعلام هذا الرئيس أون أو جونغ-أون، فإما أن يكتب إسمه كاملا، أو ببساطة الرئيس كيم. أما الرئيسة الكورية الجنوبيه فاسمها: بارك غوي- هاي. وإسمها المختصر في الإعلام هو بارك، وهو إسم عائلتها. الإمين العام للأمم المتحدة إسمه بان كي-مون، ولذلك فاسمه الرسمي المختصرهو بان وليس "كي-مون،" أو "مون" كما يظهر في عناوين صحفنا. ليس هناك وسيلة إعلام عالمية واحدة تتحدث عن "السيد مون" أو "كي- مون،" بل عن السيد بان، وهي بالمناسبة كلمة قصيرة تساعد كتاب عناوين الصحف. وإذا لم يعجبنا هذا الجزء من الأسم، فلنستعمل إذن بان كي-مون كاملا. ومن المفترض أن نسمي الصينيين والكوريين حسب تقاليدهم، فهذا إحترام لهم ولتقاليدهم. هل نرضى أن يستعمل الإعلام الأجنيى أسماءنا بطريقة مضحكة، كأن يسمي الزعيم الجزائري السابق أحمد بن بيلا بالسيد بن أو السيد بيلا؟ إسم مؤسس بنغلا ديش هو: شيخ مجيب الرحمن، وشيخ هو إسمه الأول وليس لقبه. ولكن البعض في جنوب آسيا، الذين يجهلون الأسماء في اللغة العربية، كانوا يطلقون عليه الإسم العجيب شيخ مجيبور، لأن إسمه بالإنجليزية كان يكتب (Sheikh Mujibur Rahman)، ولكن الصحف المحترمة كانت دائما تسميه: (Sheikh Mujib)، لأنها تعرف أن الإسم مجيبور غير صحيح ولا معنى له.

بعض الدول تغير إسمها لدواعي قومية، فبورما غيرت إسمها إلى ميانمار، وفولتا العليا سمت نفسها بوركينا فاسو. وقبلت دول العالم هذه الأسماء واستعملتها. قبل عقود، وقبل أن تسيطر الألفاظ الإنجليزية علينا، كنا نلفظ إسم المدينة الكبيرة في غرب الهند بومباي (Bumbai)، وهو في الحقيقة يشبه الأسم الأصلي للمدينة قبل أن يحوله الإنجليز إلى: (Bombay). ولكن المتنغلزين منا حرفوا طريقة لفظها تدريجيا حتى أصبحنا نقول (Bombay)، بالضبط مثل الإنغليز. وقبل سنوات قرر الهنود تصحيح بعض أسماء مدن هندية كبرى بإرجاع أسمائها القديمة التي كانت تستعمل قبل الإستعمار الإنجليزي، فإسم (Bombay) أصبح (Mumbai). ووُضعت الأسماء الجديدة على الخرائط الهندية والدولية، واعترف العالمُ، وقبلَ، بهذه الأسماء. ولما بدأء العالم يسمي المدينة بأسمها الحقيقي، عند رغبة الهنود، حاولناإستعمال هذا الإسم، ولكن مذيعي الراديو والتلفزيون عندنا لفظوها بالطريقة التي تذكرنا ب (Bombay) فقالوا (Mumbay) بدل أن يقولوا (Mumbai).

بعض وسائل الإعلام العربية تسمي رئيس الوزراء التركي الجديد، الذي كان وزيرا للخارجية، "السيد أغلو." وهذا مثير للضحك. كلمة أغلو ليست إسما ولكنها موجودة كجزء لا يتجزأ من أسماء آلاف الأتراك، ومعناها "إبن." فإسم هذا السياسي هو أحمد "داود أغلو،" أي: أحمد إبن داود. فكيف نسمي شخصية مهمه، بكل بساطه، "إبن؟" إن الإطلاع على ثقافة الآخرين ومراعاة عاداتهم وتقاليدهم دليل على إتساع الثقافة والمعرفة، ومن المفترض أن نكون جزءا من العالم ونستوعب بعض تقاليد غيرنا. ويحسن بنا تصحيح الطريقة التي نتعامل بها مع الأسماء الأجنبية، ومن المناسب أن تُعمِّم كل وسيلة إعلام على موظفيها أفضل طريقة لكتابة ولفظ أي إسم جديد يحتاج إلى توضيح ومعاملة خاصة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: فكرة وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة غير مطروحة ق


.. استقبال حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة




.. أسرى غزة يقتلون في سجون الاحتلال وانتهاكات غير مسبوقة بحقهم


.. سرايا القدس تبث مشاهد لإعداد وتجهيز قذائف صاروخية




.. الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يترشح لانتخابات الرئ