الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا من ارهاب السلطان الى ارهاب اردوغان

صلاح اميدي

2014 / 11 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


عندما انهى ما يقال عنه بمؤسس تركيا الحديثة (كمال اتاتوك ) سلطة الخلافة العثمانية رسميا في 1924 ، وضع مكانها بديلا مضادا مئة في المئة ... تركيا كانت في عهد الخلافة مؤسسة تدارعلى شاكلة ولاية الفقيه الحالية في ايران , تحكم من الالف الى الياء من قبل السلطة الدينية , تحولت الى (مؤسسة عسكرية ذات توجهات علمانية " على الطريقة التركية") ...
منع لبس الحجاب في المدارس وفي الدوائر الرسمية والوظائف الحكومية ومنع الجيش من ممارسة الطقوس الدينية وكذلك منع العسكر والضباط من اعفاء اللحى وحفي الشوارب وامروا " بحفي الاثنين معا" , استبدل العديد من الكلمات ذات الاصول العربية والفارسية الى كلمات من جذور انكليزية وفرنسية وشجع على مظاهر عديدة اخرى مضادة لما كان مالوفا من قبل , وفي العديد من المجالات ..
كان ذلك بمثابة تطعيم شجرة استوائية اونبتة صحراوية ببلوط جبلى! ....فلم يحدث التطعيم ..

كان الامرمرادفا لتطعيم المجتمع اليمني الجنوبي القبلي والغارق في الولاء الديني والبدائي اجتماعيا الى العظم بافكار الشيوعية و"دكتاتورية البروليتاريا الصناعية الماركسية" , واطروحات ماركس التي كانت تتنبأ باستحالة عدم حصولها , كنتيجة جدلية حتمية تاريخية تتمخض عن تطور الامبريالية الصناعية في اوربا .. اي ما كان يعرف بان "عشية ارأسمالية هي الشيوعية"... الكلام هذا ولو انه لم يتحقق, لكنه كان تصورا لاوربا المستقبلية , ليس اليمن ! ...
الحال نفسه رايناه عندما تصورالسوفييت انهم يستطيعون تبديل النظام في افغانستان بالشيوعية , في اواخر سبعينات القرن الماضي, فاتى محله في النهاية اول نظام ارهابي على شكل دولة , وهوالطالبان ..

تركيا اتاتورك واردوغان كانت وريثة 620 سنة من حكم الخلافة والسلطة الدينية .. كيف يمكنها ان تتحول في ليلة وضحاها الى دولة علمانية! ؟ .. وبالرغم من محاولة الجيش احكام الغطاء على ما كان يشبه قارورة الضغط , فانها لم تفلح في تغيير الشارع التركي البسيط الى هيئة منفتحة متمدنة ديمقراطية كحال جواره في اوربا وظل هذا الشعب متمسكا بولائه الديني و ليس العلماني , وظل العسكر في نهجه العدواني ضد بقية الاقليات التي سلبت ارضها من قبل الاتراك كالكورد والارمن واليونانيين والقبارصة ...
و كماان في اليمن وافغانستان و بعد حوالي نصف قرن من فشل زرع الاعضاء الشيوعية فيها ..ارتد الوتر عكسيا وتحولا الى بؤر ارهاب دينية .. كذلك هوالحال مع تركيا اردوغان ..

جريدة التايمز The Times تايمز في عنوان نشر في (الديلي زمان التركية) :"جهادي يكشف اسرار صفقة تبادل اسرى داعش مع تركيا " فيها قابلت احد قادة (داعش ) المقداد الشهروري الذي يعتقد انه الان في العراق مع ( داعش ) ، من اصول يمنية و نشاته سعودية، و الذي سجنه الجيش الحر في سوريا ، ثم سلم لاسباب غير قابلة للتفسير ، عدا ان الجيش الحر هو ليس الا جناحا(داعش) في سوريا و تركيا ، سلم الى تركيا و كان قد وضع في السجن في بلدة (اورفا الكوردية) ..
يقول هذا الارهابي ان الاتراك كانوا في غاية الاحترام و المودة معهم وان اكثر من 180 من هؤلاء ، اي اعضاء داعش" نقلوا في ليلة اواسط ايلول المنصرم الى الطرف الثاني عبر الحدود ,للالتحاق ثانية بداعش مقابل الرهائن ال49 من القنصلية التركية في الموصل ..
وقتها اعلن اردوغان ان الرهائن حرروا بواسطة عملية استخباراتية ..
داعش من جهتها في 20 من الشهر نفسه اي بعد 5 ايام, احتفلت على مواقع التواصل الاجتماعي بالافراج عن الشهروري .. فكان ذلك محل شك الاتحاد الاوربي في امكانية حصول الصفقة التركية فعلا وصدق الشبهات عن الموضوع ..

هنا تبرز حقيقة مفادها هي انه ليس بالامكان تطيعم دولة خرجت من احضان الارث الديني لقرون من الزمن بافكار العلمانية التي تاخذ قوتها الفعلية ليس من الاشخاص بل من المؤسساتية والقانون والتشريع المدني و ليس ايضا من تعاليم الدين ..
لا يمكن تطعيم الشوفان بالرمان ..
لا يمكن زرع اعضاء بشرية غير متطابقة مناعيا في الجسد المضيف, والا سوف تجابه بالرفض و يودي ذلك الى الموت .

تركيا و بعد قرن من التحول , اوالمفترض ان يكون تحولا ,عن طريق مؤسسها اتاتورك .. ارتدت الى الفكر السلفي الوهابي واصبحت تسيطرعلى سياستها في العقدين الاخيرين شخصيات متزمتة دينيا امثال اردوغان وولي عهده "ابن داود - او داود اوغلو و عبدااله غول"..

الدرس المستخلص هوان المؤسسات العلمانية لا تخرج من بطن سلطات غير ديمقراطية سواء اكانت دينية كما في تركيا الخلافة والسلطان ,ام دكتاتورية كما في توركيا بعد اتاتورك .. بل بانعدام الحريات الديمقراطية فان ما ستورثه من الارهاب هو الارهاب .. من ارهاب السلطان الى ارهاب اردوغان ..
لا بديل ابدا عن الحريات الديمقراطية, في اي مكان او زمان ، لتحويل نضام او شعب من اتجاهاته التعصبية , دينية كانت او قومية او سياسية ، نحو المدنية وحكم القانون والمواطنة الفعلية .. ليس هناك ما يسمى " بالطفرة النوعية " لمجتمع من حالة الركود الى حالة القوة والازدهار , بمجرد تحويل انظمة الحكم او اسمائها , كما راينا في افغانستان واليمن وتركيا التي تمارس الارهاب مع حليفها داعش في القرن الواحد و العشرين ..

التغيير انما يحصل بتغيير انظمة التشريع .. ولك ان تسمي حكمك انواع من المسميات كما فعلها اتاتوك :علمانية ,ديمقراطية ام ليبرالية , محافظة ..الخ . لكن في الاخير يبقى ان ما يغيير المجتمع هو فقط تفعيل الحريات الديمقراطية التي هي وحدها كفيلة الانتقال نحو الافضل و لكن بمرورالوقت ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة