الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب الفضائيات الى اين ؟

حسن محمد طوالبة

2014 / 11 / 9
الصحافة والاعلام



قبل عقدين من الزمن كان مواطنو معظم البلدان العربية تشاهد محطة تلفزيون رسمية تبث باللونين الابيض والاسود , وعن طريق شبكة سلكية تنصب فوق الاسطح العالية . وكانوا راضين بما تجود عليهم من برامج سياسية وثقافية وصحية ودينية . وكانت وسائل الاعلام المحدودة ( اذاعة وتلفزيون وصحف ) تخلق توجهات سياسية معينة وثقافة موجهة وفق العقيدة التي يعتنقها الحاكم او الحزب الذي يحكم . ورغم ما قيل عن هذا النهج الاعلامي الا انه حافظ على الهوية الوطنية والقومية , وظل الانتماء للوطن انتماء صميما .
اما الثورة الاعلامية وثورة الاتصالات احدثت نقلة جديدة في التاثير على عقلية المتلقين وخاصة متلقي الفضائيات . اذ طغت الثقافة الاممية على الثقافة الوطنية , وصار المواطن العربي يتلقى ثقافات من العالم كله , ونظرا لان الوطن العربي ملئ بالثروات الطبيعية وخاصة النفط , فقد توجهت معظم الدول لانشاء فضائية ناطقة باللغة العربية , وحتى كوريا الجنوبية وجهت فضائية باللغة العربية , ودبلجت العديد من مسلسلاتها الى اللغة العربية بهدف الترويج لمنتجاتها الصناعية التي غزت الاسواق العربية .
انتشار الفضائيات ينسجم مع التطور التقني الذي ابدعه العقل البشري , وهو شيئ حسن , وايجابياته اكثر من سلبياته . ولكن اصحاب الايديولوجيات الدينية والمذهبية اسثمروا هذا الفضاء الاعلامي , وتسابقوا في فتح فضائيات تنهج نهجا خاصا يروج لدين معين ويطعن بالاديان الاخرى . وعلى سبيل المثال هناك فضائية ناطقة باسم الدين المسيحي , وهذا لا ضير فيه ضمن حرية الاديان , ولكن المؤلم ان هذه الفضائية ليس لها هم الا الطعن بالدين الاسلامي والتشكيك بالقران وصحة نبؤة الرسول محمد ( صلى الله عليه وسلم ) , وتبيان التعارض بين الايات المتشابهات وغيرها من الدس الذي لايقود في النهاية الا الاحتراب بين الاديان , في حين قلما تجد فضائية اسلامية تطعن بالسيد المسيح عليه السلام , وانما قد تجيب على اسئلة خاصة بشأن المسيح نبيا ام الها كما انه واحدا من اقنوم ثلاثي . وحسب ما ورد في القران الكريم . المشاهد لمثل هذه الفضائيات الدينية يستشعر الحرب المشابهة لما سبق من حروب شنها الغرب على العرب باسم المسيح , اولها حروب الفرنجة التي سماها الكتاب الغربيون بالحروب الصليبية ودامت حوالي مئتي سنه ما بين القرن الحادي عشر والقرن الثاني عشر , ثم الحرب التي شنها بوش الابن على العراق واسماها بالحرب الصليبية , او الحرب على " يأجوج ومأجوج " .
اما الحرب الطائفية التي يشنها نظام الملالي في ايران على اهل السنة والجماعة , باسم الحرب على النواصب – كما يسمونها – فهي اخطر وابشع , لان هذه الحرب اخذت طابع الهجوم على الطائفة المقابلة من خلال الهجوم على اصحاب الرسول محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وعلى زوجه عائشة ام المؤمنين , بل ظهر على هذه الفضائيات خزعبلات توحي بان هؤلاء الدعاة يبشرون بدين جديد ليس له علاقة بالاسلام . من خلال التشكيك بالوحي الذي نزل على الرسول , والتشكيك بالقران وكونه منزل من الله تعالى . اضف الى النهج التضليلي الذي يغيب العقل ويستنفر الحس من خلال اللطم والبكاء والتطبير والهيجان العاطفي الذي يعيد هؤلاء الى عقلية القرون الوسطى , بحيث تصير معظم ايام السنة اعيادا ومناسبات لممارسة هذه الطقوس .
مقابل هذه الفضائيات ظهرت فضائيات من الطائفة المقابلة اخذت منهج الدفاع وتفنيد الطروحات التي يبثها الطرف الايراني او التابعين له . والامر المثير في هذه الفضائيات انها تبنت عشرات الدعاة الجدد الذين ادعوا انهم مجددون في المنهج والاسلوب , وقد تمكنوا من جذب اعداد من المشاهدين وصارت لهم شعبية كبيرة . المؤسف ان هؤلاء تضاربوا في الاجتهادات والتحليلات , وصاروا يتبادلون الاتهامات والفذف فيما بينهم , وصار المواطن حائرا يصدق من هؤلاء الدعاة .
اما الفضائيات التي اخذت جانب الشعوذة تحت غطاء ديني فهي تسهم في تعويم العقل وسوق الناس الى طريق الشعوذة والدجل والسحر والخرافات , وارجاع الناس الى القرون الوسطى . ويلتقي مع هذه الفضائيات تلك التي تدعى امتلاكلها الحلول لكل الامراض الطارئة والمستعصية بحيث لا يكاد يعسر عليهم مرض الا وله علاج من الاعشاب او بالسحر والشعوذة . والاخطر من ذلك ان هذه الفضائيات وصلت حد الاسفاف لانها تريد ان تحول البشر الى حيوانات ناطقة فقط , لا هم لهم الا الحياة الجنسية وارشاد الرجال الى كيف يصبحون احصنة قوية في ممارسة الجنس , وكيف يكبرون اعضائهم ويطيلون مدة شهوتهم , وكيف تكبر المراة ثديها او اردافها او شفاهها . والادهى من كل ذلك ان هذه الدعايات تعلن تحت اصوات احسن مقرئ القران الكريم .
مقابل هذه الفضائيات الدعائية الدينية والمشعوذة , فضائيات اعلانية سخرت جسد المراة لترويج صناعاتهم الخاصة بشعر المراة وتزينها وتقليم اضافرها وتنعيم كعوبها وغيرها ممن يعرفه كل الناس . نعم لقد سفهوا حقوق المراة وجعلوها دمية ليس فيها غير الجسد الممشوق الوجه الفاتن واللباس العاري .
اما الفضائيات السياسية فهي ابواق للبلدان التي تمولها وتنطق باسمها بصورة غير مباشرة لتكون مقبولة للبعض ممن لا يجيدون لعبة السياسة , وصار نهج هذه الفضائيات الكذب والاستقواء مستغلة التقنيات العالية التي تقلب الحقائق من خلال دبلجة الصور وتركيبها , فما ينشر عن داعش اليوم هو جزء من هذه الحرفة التقنية التي تجيدها استوديوهات الغرب وخاصة هوليود .
اما الفضائيات الخاصة بالاطفال فهي ايضا ذات نهج تعبوي يتبع دينا او مذهبا او طائفة او دولة بهدف ادخال عقلية خاصة في اذهانهم , وتلك اخطر من الفضائيات السياسية , لانها تزرع عقلية دينية او طائفية فيهم يصعب تحويلها .
ان المواطن العربي بات حائرا وصار لقمة سائغة لهذه الفضائيات تحاول حرفه بالاتجاه الذي تريده , ولم يفلت منها الا الذين يتمسكون بعقيدة ثابتة وعزم على معرفة الحقيقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 11 / 9 - 21:48 )
بالنسبه لقناة (الحياة) المسيحية , فتوجد ردود علميه عليها من قبل قناة (مكافح الشبهات) , و هذه الردود مقسمه إلى 3 أقسام , هي :
- ردود على (رشيد) :
http://antishubohat.com/watch/category/rachid
- ردود على (زكريا بطرس) :
http://antishubohat.com/watch/category/zakaria-botros
- ردود على (وحيد) :
http://antishubohat.com/watch/category/waheed


2 - تعليق الى حرب الفضائيات
ايدن حسين ( 2014 / 11 / 10 - 17:29 )

اخ حسن محمد

و هناك قناة اهل البيت التي تبث من اميركا

و لم يكفهم الخمس من اموال المساكين .. بل يطلبون تبرعات اخرى

و ليس فيها الا اللعنات

و تقبل تحياتي

اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة