الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة.. والثورة الاشتراكية

عادل احمد

2014 / 11 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


ربما لم يكن هناك شيئا شوه محتواه في يومنا هذا اكثر من معنى "الثورة" و"الثوريين"! ان من يرى بوجوب تغير الوضع القائم بصورة سلمية وفورية يتحدث عن الثورة ويعتبر نفسه ثوريا. وحتى اكثر التيارات السياسية الغارقة في مستنقع الرجعية تعتبر نفسها ثورية وتعتبر سير قتالها وحروبها ثورة. لا يعتبر كل هيجان او انتفاضة او نزول الجماهير الى الميدان بـ"الثورة"، كما وان عملية التغير في الانظمة والحكومات بحد ذاتها لا تعتبر ثورة. وان كثير من هذه الانتفاضات رجعية حتى النخاع مثل ما يحدث في سورية وليبيا واليمن وايران قبل سنوات.. مثال حي امام أعيننا، الثورة تتحدد بافقها السياسي ومطاليبها.
ان شرائح من الطبقة البرجوازية والبرجوازية الصغيرة وحتى قسم من محرومي المجتمع يقومون بثورة ضد الحكومة، ولا تتعدى حركتهم بأستبدال حكومة مكان حكومة اخرى مع بقاء اسس النظام الاقتصادي وركائزه في مكانها. اي لا يتعدى التغير الا تغيرا طفيفا ويكون في وجوه السلطة وبعض المسائل السياسية, ان هذه الثورات في احسن حالاتها ما هي الا حركات ديمقراطية ومطالبها لا تتجاوز مطالب الديمقراطية. ويسمى هذه الانواع من الثورات بالثورات العامة، مثل الثورة في ايران عام 1979 وفي تونس ومصر قبل عدة سنوات. وان هذه الثورات لا تذهب بعيدا ولا تمس شيئا من البنية السياسية والاقتصادية للنظام الرأسمالي الحالي، ولا تصل يدها الى الغاء الملكية الخاصة وألغاء العمل المأجور. صحيح بأن في هذه الثورات العامة تنزل الطبقة العاملة الى الساحة مع باقي طبقات المجتمع وتخلط مطالبها مع مطالب بعض الطبقات الغير عمالية وتكون رؤيتها غير دقيقة وغير واضحة، ولكن قوتها ونزولها الى الساحة السياسية يغير كفة الميزان على الفور.. مثل نزول العمال في قناة السويس لأسقاط حسني مبارك في مصر او نزول عمال النفط في ايران لأسقاط الشاه وقتها. ان في مثل هذه الثورات العامة تتداخل فيها مصالح ومطالب الطبقات مع بعضهما البعض، ويكون التمييز بينهما في اول وهلة صعبا، ولكن يشتركون في شيء واحد وهو زوال النظام الحاكم ووجوب استبداله. ولكن لكل طبقة لها رؤية مختلفة ولها مصالح مختلفة عن بعضها البعض حول سبل التغير وكيفية التغير والية التغير. فكل طبقة تجد في الثورة ما يجب القيام به لترسيخ افقها وتحقيق مطالبها. والثورة بالمعنى العمالي يمكن تعريفها بالتغيير الجذري في كل علاقات واسس النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وليس التغير الطفيف وتجميل النظام نفسه.
اما في حالة تطوير وترسيخ الثورات العامة سيكون الشيء مختلف كليا. تتوقف جميع الطبقات الغير العمالية عن أكمال الثورة بسبب تحقيق قسم من مطالبها الديمقراطية. وحيث يستقطب المجتمع الى افقي طبقيتين مختلفتين ومتصارعتين، الطبقة العاملة والطبقة البرجوازية. فكلا الطبقتين تحاولان جاهدتين بسط سيطرتهما الطبقية على المجتمع. ففي زمن الثورة وفي حال حضور الطبقة العاملة بشكل صف مستقل طبقيا، وبأفق مستقل وتنظيم مستقل ومطالب مستقلة ستكون قوة الثورة اكثر راديكالية واكثر جذرية من اجل التغيير. مثال على ذلك كومونة باريس عام 1871 في فرنسا. حيث أسقط العمال الباريسيين الامبراطورية الفرنسية الثانية وشكلوا اول حكومة عمالية بالضد من طبقة الرأسماليين. وعلى الرغم من كون هذه الحكومة لم تكن اشتراكية وكان االميل الشيوعي ضعيفا داخل الكومونة ولكن كانت عماليا بمعنى الكلمة.
وفي زمن الثورات العمالية ايضا هناك ميول واتجاهات مختلفة داخل الطبقة العاملة لتحقيق اهدافها وان احدى اهم الميول الثورية والراديكالية هو الميل الشيوعي العمالي. وان هذا الميل يحاول بكل امكانياته تحقيق الثورة الى نهايتها وهي الثورة الاشتراكية. ان الميل الاشتراكي داخل الطبقة العاملة يكون دائما في صراع مستمر مع باقي الميول العمالية من اجل قيادة الطبقة العاملة بالضد من النظام الرأسمالي. ان الميل الاشتراكي يتميز عن باقي الميول الاجتماعية الاخرى كونه صارما في انهاء عبودية العمل المأجور، وله رؤية واضحة وشاملة لمجمل حركة الطبقة العاملة ويشكل في افقها مصالح كل الميول العمالية، ويرسخ الامل من اجل اقامة البديل العمالي. امثلة على ذلك ثورة اكتوبر الروسية عام 1917. استطاعت الثورة البلشفية ترسيخ الثورة الديمقراطية (ثورة فبراير) وتمكنت من توحيد الميل الاشتراكي داخل الطبقة العاملة واستطاعت أن توجه كل الطبقة العاملة صوب مصالحها الطبقية ورفع الوعي الطبقي لدى العامل الروسي من اجل القيام بالثورة الاجتماعية. واستطاعت في النهاية ترسيخ الارادة العمالية لاستلام السلطة السياسية.
ان الثورة الاجتماعية في زمننا هذا تقف على عاتق الميل الشيوعي داخل الطبقة العاملة. وان كل تغير في نمط حياة الناس ومعاناتها وانهائها، وان وضع كل السلام والامان، وكل السعادة للبشرية وان انهاء كل الظلم القومي والديني والجنسي وعدم المساواة بين البشر، وانهاء وباء عدم مساواة المرأة، وانهاء عداء واستغلال الانسان للانسان، كله يتوقف على الثورة العمالية ويتوقف على استعداد الميل الشيوعي داخل هذه الطبقة وقادتها، وكذلك على تحزب هذا الميل في حزب اجتماعي مقتدر ومتجذر وشامل لتوحيد كل صفوف الطبقة العاملة من اجل انهاء نظام عبودية العمل المأجور والملكية الخاصة، والتي تشكل اساس كل معاناة البشرية في الوقت الحاضر عن طريق الثورة الاجتماعية العمالية الاشتراكية. وان الوسيلة المهمة لهذه الثورة الاجتماعية هي حزب شيوعي عمالي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر: وزيران جديدان للدفاع والخارجية في تغييرات الحكومة


.. والدة ضابط إسرائيلي قُتل في غزة تستلم جثمان ابنها




.. الناخبون الإيرانيون يبدأون التصويت في الجولة الثانية من الان


.. مسؤول بالجيش الإسرائيلي: قيادة الجيش مستعدة لقبول أي صفقة مع




.. ما هو فيلق أفريقيا الذى يرث مجموعة فاغنر الروسية؟