الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجنيد الإلزامي يوحّد الصفوف !

مهند البراك

2014 / 11 / 10
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يلعب الجيش ادواراً كبيرة في حياة البلدان النامية في اتجاهات و اهداف متنوعة، الأمر الذي يعتمد على الغاية من انشائه و طبيعة نظام الحكم او انظمة الحكم في البلد المعني . . و قد لعب الجيش العراقي ادواراً هامة في قيام الدولة الحديثة في البلاد بعد الحرب العالمية الأولى، و في توحيد البلاد و لحمة ابنائها بغض النظر عن القومية و الدين و المذهب و الطائفة . . رغم نواقص و اخطاء و ادوار عزّزت افكار الحرب و العنف و الروح الشوفينية للقومية الأكبر التي يتحمّل مسؤوليتها الحكّام المستبدون و توالي الأنظمة العسكرية و الدكتاتورية التي كانت السمة الغالبة لها، و التي كان آخرها و اقساها نظام الدكتاتور صدام،.
حيث ان سوء استخدام الجيش من قبل السلطات الحاكمة و قوانينها العسكرية الجائرة و احكامها القاسية التي كانت تنصب على عقوبة الإعدام للمخالفين، و خاصة للسياسيين بشتىّ التّهم العسكرية، هو الذي اساء الى سمعة الجيش و الى ادواره، اضافة الى تنوّع التشكيلات المسلحة في زمان الدكتاتورية التي كانت اضافة الى الجيش . . الجيش الشعبي ، جيش القدس، قوات المهمات الخاصة، قوات فدائيي صدامّ . . و قوات الحرس الجمهوري التي صارت جيوشاً و غيرها، اضافة الى اشعال و تواصل الحروب حيث عاش البلد من حرب الى حرب، طيلة ما قارب الثلاثين عاماً راح فيها مئات آلاف الشباب ضحايا لها . . هي التي ادّت الى عسكرة المجتمع، و ادّت الى ان تنفق اجيال كلّ شبابها في الجيش قسراً لاطوعاً و بلا طائل . .
و يرى متخصصون بان اعلان الدستور عن رفض العنف و عسكرة المجتمع لايعني الغاء الجيش، و لا انهاء الخدمة العسكرية الالزامية الى الابد، بل يعني مراعاة سير العملية السياسية بعيداً عن العنف و يعني الخدمة لمدد معقولة، كما انه يتلخص بوجود جيش للبلاد يحميها من الطامعين و يحرر اراضيها منهم، جيش تُبنى عقيدته على اساس الدفاع عن الوطن الإتحادي و سلامة مسيرته السياسية من اجل التقدم و الإزدهار على اساس الدفاع عن الشرعية الدستورية . .
و يعني الإبتعاد عن السياسة المخططة للسلطة الحاكمة، لفرض التأييد لفرد او لحزب بعينه كما اقترفت الدكتاتورية، بشعارات و اهداف نافقت الأماني و الطموحات التي محظتها شعوب المنطقة تأييدها و تعاطفها و منها شعبنا الذي سيق ابناؤه بالخديعة و بالحديد و فرق الاعدام، حين كانت السلطة تملأ الشارع و وسائل الإعلام بتلك الشعارات لستر اهدافها الحقيقية، الأمر الذي تحوّل بعد سقوطها الى فوضى دموية خطيرة بإسم الطوائف و صراعها الذي أُشعٍلْ بفعل فاعل و صارت تسعّره الميليشيات المسلحة التي لايجمعها اطار و لا نظام يخدم الوطن او يخدم المذهب . . قياساً بما يمكن ان يحققه الجيش الواحد ان تربّى على مبادئ الوطنية الإنسانية، و الدفاع عن الوطن و عن جميع مواطنيه بالوان مكوّناتهم و وفق الدستور . .
في منطقة صارت مرتعاً للإرهاب و للعنف الوحشي بإسم الرايات المنافقة للدين و الطائفة . .
و في دولة لم يؤسسها انتصار حركة ثورية شعبية في كلّ اجزائها، حيث ناضلت معارضة الدكتاتورية بكل قواها و قدّمت آيات الضحايا الاّ انها لم تستطع اسقاط الدكتاتورية . . و انما دولة قامت على انقاض دكتاتورية اسقطتها حرب خارجية و احتلال في حينه . .
و يرى كثيرون الآن ، ان وجود جيش موحد بقوانين عصرية هو الأداة الضرورية لإنهاء الميليشيات المسلحة و لكسر الفتن . . بقوة جذب الانتصارات التي تتحقق، و بقوة قانون الدولة، ببلورته تدريجياً و ليس بقرار فوقي فوري، و بعد اصلاح القوانين العسكرية و سنّ جديدة بدلها . . ببلورته و تطبيقه عملياً بمراحل من خلال العمليات العسكرية الجارية الآن و تصعيدها ضد داعش الإجرامية النتنة. علماً بأن التجنيد الإلزامي لايتناقض مع قوانين التطوّع و عقود العمل بين الافراد الراغبين بالتطوّع سواء كان ذلك دائماً او محدود الزمن ، كما في جيوش حديثة عديدة في العالم . . و على اساس ان يشمل الذكور بكل الوان اديانهم و مذاهبهم و مللهم ـ و تثبيت حق الإناث بالتطوّع ـ . . و تحسين ذلك بنقاشات البرلمان . .
من جانب آخر يرى خبراء و مهنيون في التجنيد الإلزامي في بلد نامي كبلدنا، بكونه ضرورة ملحة لوقف التصدع الاخلاقي عند الأجيال اللاحقة والضياع، ومدرسة لتعليم الشباب الالتزام واحترام القانون والضبط ، و بكونه ضروري لكل فئات المجتمع الأمية منها والمتعلمة، اضافة الى جمعه لفئات المجتمع العرقية والمذهبية في تفاعل ايجابي يقف بوجه المحاصصة المقيتة، و كونه فرصة لتعلّم المهن لمن لا مهنة لهم من الطبقات و الفئات الأكثر فقراً، و تهيئة الاحتياط الذي يُستدعى عند المهمات في ظروف المنطقة . . بشرط الاعتماد على وتأسيس مدارس حقيقية وليست مزيفة للتدريب في شتى صنوف الجيش والاستفادة من خبرات الجيش السابق والدول المتقدمة ـ راجع اسباب تبنيّ دولة الإمارات العربية قانون التجنيد الإلزامي الآن ـ
ليكون كلّ ذلك في اطار سعي وطني كبير تساهم فيه كل قوى التغيير داخل و خارج البرلمان اضافة الى المرجعيات الدينية الكبرى بتعدد مذاهبها . . لحلّ الخلل و النواقص الكبيرة في بناء و تأهيل القوات المسلحة التي تسببت بخسارتها المريرة السابقة، و حلول للانقسامات و الصراعات الطائفية، و في اطار عملية اصلاح كبرى ضد الفساد و من اجل حشد كل الطاقات الوطنية في الحرب ضد الإرهاب و تعزيز قدرات القوات المسلحة وتوثيق اواصر التعاون والتنسيق بينها وبين قوات الحشد الشعبي وقوات البيشمركة . . لمواجهة داعش على اسس وطنية وليس طائفية أو قومية ضيقة، لتهديدها كلّ العراقيين ، كما اثبتت و تثبت مجازرها و جرائمها التي ارتكبتها بحق العراقيين من جميع الأديان والمذاهب والقوميات و الملل.
و ينبّه سياسيون و مجربون بأن طريقة مواجهة الإرهاب ـ و في مقدمته داعش ـ و الإنتصار عليه، سيلعب دوراً كبيراً في التأثير على الأوضاع الناشئة فيما بعد . . فأما أن تساهم هذه المعارك في تعزيز اللحمة الوطنية وتقوية الدولة ومؤسساتها الوطنية على اسس الكفاءة و الديمقراطية الحقيقية، او على العكس ان جرت على اسس طائفية ومذهبية واثنية ضيقة، فإنها تكرّس الانقسامات وعناصر التجزئة والتشظي . .

10 / 11 / 2014 ، مهند البراك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل