الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجزائر , هل من فرصة لتحقيق السلم والمصالحة الوطنية ؟

احمد مصارع

2005 / 8 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


ما إن يمضي عقد من الزمن إلا ونجد الجزائر تواجه منعطفا جديدا , ويكون لزاما عليها أن تطوي صفحة العقد الماضي وتشرع صفحة عقد جديد يعيد وبروح متجددة وتاريخية .
في الخمسينات كان عقد الجهاد الوطني التحرري , والتضحيات الخرافية , من اجل الاستقلال الوطني , وفي الستينيات وقعت الصدام الوطني الداخلي لتثبت أركان الدولة والحكم , وفي السبعينيات حول الراحل بومدين المعركة نحو الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي لتحويل الأنظار نحو حلم الاعمار والبناء , لتصنيع الثقيل ولإنتاج وسائل الإنتاج كما كان يقال عن عصر رأسمالية الدولة ( التحول الاشتراكي ) , فلم يتحقق الحلم البومديني في جعل الجزائر يابان أفريقيا , رغم أن جزائريا هتف في يوم من تلك الحقبة , الجزائر يخدمها اثنان النفط وبومدين , ولكن عقد الثمانينيات سار باتجاه معاكس , حاملا ممحاة عريضة , لإيقاف المسار الاجتماعي ألمتنام لرأسمالية الدولة , مستعجلا البحث عن قيم الرفاهية والقيم الليبرالية بشكل متسرع ووحشي , مما عجل بالمسائلة عن جدوى الاستمرار على النهج التاريخي والثوري معا , بل وفتح الباب واسعا عن معان جديدة وغرائبية أحيانا , ومتناقضة , من خارج المعطيات الداخلية للأمة الجزائرية , وراح البعض يصور عقد التسعينيات كما لوكان بحثا عن ( الاستقلال ) من جديد , رغم ارتفاع الأصوات الشعبية بما يشبه الشعار : عشر سنوات من التضحيات كفاية الكفايات , بتصرف عن ( سبع سنوات بركات ).
إنني أصف العقدين الأخيرين من تطور الجزائر بفترة اللامعنى في البحث عن المعنى , لأن العنف الذي صاحبها لم يكن مفهوما , ولا مبررا , بل وغير ضروري , وكان مفتعلا مصاحبا لغريزة منفعلة , لإحداث تغيير ومجرد تغيير كيفما كان , بل ومهما كان , لغايات ما قبل تاريخية , وبوسائل ما بعد تاريخية .
لقد كان رحيل بومدين في فترة غير ملائمة من مراحل التنمية الانفجارية في الجزائر , وعلى المستوى الدولي , وبالأخص غياب الديغوليين عن الحكم في فرنسا , ونجاح الرئيس ميتراند في زحلقة حكام البلدان النفطية بإقناعهم بضرورة استخدام عائدات نفطهم لتحقيق الرفاهية والاستهلاك العالي في بلدانهم , والابتعاد عن البرامج الإنتاجية الطويلة الأمد , وذلك بإتباع التوافق الماليزي بين الاقتصاد والهوية المحلية بل وعلى نهج دول ما يسمى بالخليج العربي .
وكان ماكان من الفوضى التي لم تكن بناءة أبدا , كما يقال , والأهم أن العقد الأول من القرن الواحد والعشرين بتساؤل ؟ هل سيكون عقد ميثاق جديد للسلم والمصالحة الوطنية , أم أن ماهو فرصة تاريخية ليست بالضرورة كذلك ؟!..
إن عمليات الهتك بوحشية بالغة في لحمة النسيج القومي والاجتماعي ,لأي طرف كان , ولأية ذريعة كانت , لن تؤدي مستقبلا إلا نحو تقطيع الأوصال , وهذا ما لاتقبله الغالبية الساحقة للأمة الجزائرية , ولذلك لابد من تحمل آلام العقد السابق , وتحمل مسؤولياته بجرأة تامة , بالصبر والتحلي بالقدرة على التسامح , وابتلاع حبة التضحيات المريرة , برغم فقدانها للمعنى والضرورة , واعتبار العقد السابق منفلت عن القانون , شأنه شأن الكوارث والمصائب التي يسوقها قدر أعمى .
عن جريدة الخبر العدد4479 , بوتفليقة يخير الإرهابيين : إما وضع السلاح أو الانتحار , كماعن أسبوعية السفير العدد 273 , مصالحة بالتدرج وخطوط حمراء أمام الرئيس .
المهم والأهم هو وضع السلاح جانبا ووقف نزيف الدماء الطاهرة , دماء الرهائن , فقد أنتج العصر الحديث سياسة جديدة , وهي سياسة للعنف المجنون , والقتل بدم بارد للأبرياء , بوصفهم رهائن ودروع بشرية , بل وسائط مجردة , بريدية ؟! لإيصال رسائل دموية يتم من خلالها تبيان القوة , وهي امتداد غير طبيعي , لمبدأ الصدمة والترويع , وع الأسف للناس البسطاء , والآمنين , وهي سياسة كافرة , لا أحد يستطيع فهمها , سوى تحديها لله رب عباده الفقراء , وتلك بدعة فاقت كل أنماط الغزو , والنهب والسلب , وكل حروب حرق الضرع والنسل والزرع , بل عودة مرتكسة , لحروب الابادة الشاملة .
النجاح كل النجاح , في وقف العنف وإحقاق السلم المدني , وهذا يتمثل ليس في إلقاء السلاح فحسب , بل وإقناع الطرف المتطرف بلا جدوى العنف , والانتحار يأسا من رحمة الله , وفقا لنفس طويل يعيد الأمة والوطن نحو السياق الطبيعي , والمتوافق مع المعطيات التقليدية لأمة عريقة , لا يليق بها أن تخرج من هالتها , وأن لا تمارس وجودها وفقا لوزنها التاريخي , الإقليمي والقاري ... , وعلى موعد مع الاستفتاء , يكمن تحدي العقد القادم , وهو عقد الألفية الثالثة الذي ينبغي أن يكون متآلفا مع الحياة المعاصرة , والمفعمة بالإنسانية , وروح المسؤولية الدولية , من أجل عالم جديد .
ومن وحي الخطوط الحمراء , فحين كتبت في بداية التسعينيات , من أجل جزائر بعيدة عن نفق العنف , ملتحمة , متماسكة بقوة الوحدة الوطنية , ولمقالات متعددة , تلقيت تهديدا باردا عبر الهاتف , ولم أصدق , وكان التهديد جادا للغاية , وفجأة وجدت نفسي , من صدمة سيارة في حالة طيران , لا يقل قوة عن قفزات كابتن ماجد البهلوانية الكارتونية , وفي وسط سوق شعبي ,وحكاية أشهر الألم والسير مع العكاز , موضوع للمقالة القادمة في تجاوز الخطوط الحمر , وهي خطوط وهمية لمن لم يتلق تهديدا عابرا ..!!؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البريك العنابي.. طبق شعبي من رموز مدينة عنَّابة الجزائرية |


.. بايدن يعلن عن خطة إسرائيلية في إطار المساعي الأميركية لوقف ا




.. ارتفاع حصيلة الضحايا الفلسطينيين إثر العمليات الإسرائيلية في


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات بالمحافظة الوسطى بقطاع غزة




.. توسيع عمليات القصف الإسرائيلي على مناطق مختلفة برفح