الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حدث في جوازات الاعظميه !

ناديه كاظم شبيل

2014 / 11 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


!
عندما يغادر الانسان وطنه الام ، يبيع اشياء عزيزة عليه ويهدي اشياء يعز عليه بيعها ، ويودع اشياءا غاية في الاهميه عند بعض الخلّص . من جملة مااودعت شهادة الجنسيه العراقيه وصور عائليه واوراق اخر تخص عملي كمعلمه من تعيين ومباشره وانفكاك وماشابه ذلك .
شاءت الضروف ان افقد هذه الاوراق والمستمسكات المهمه ، وبقيت اسأل الجميع عنها لكن دون جدوى . وعلمت من جهينة الخبر اليقين ، وذلك بأن اوراقي ابتلعتها نيران احد التنانير كيف ولم ، هذا مايحتبس في صدري ولا اتمكن من الاجابة عنه .
وعند سقوط الطاغيه ، قرر زوجي السفر الى العراق للحصول على بدل فاقد لشهادة جنسيتي ، وبما ان الامور بعد السقوط كانت فوضى عارمه ومعظم الدوائر مغلقه ، قرر زوجي كما اضطر عادل امام في مسلسله الشهير ( فرقة ناجي عطا الله ) ان يشتري جواز سفر من سوق مريدي ، قرر زوجي ان يشتري لي شهادة جنسيه ولكن ليست من سوق مريدي وانما من احد الضباط الاصدقاء ، حيث دفع مبلغا قدره 700 دولار لشراء شهادة جنسيه حقيقيه ، واقسم له الضابط بشرفه العسكري ان شهادة الجنسيه حقيقيه مائه في المائه . بعد يومين استلم زوجي شهادة الجنسيه باختام فسفوريه وكل شئ يوحي له ولكل من شاهدها انها حقيقيه بما لا يقبل ادنى مجالا للشك . و بما ان هوية الاحوال المدينه قديمه ولا تحمل الختم الفسفوري دفع مبلغا ثانيا لاحد القضاة ، اكرر ثانية لاحد القضاة لاصدار هوية الاحوال المدنيه .
عاد الى السويد ليزف لي البشرى : لقد حصلت على الجنسيه وشهادة الجنسية بمبلغ 1000 دولار ، قلت له بعتاب : لقد حصلت على الجنسية السويديه وانا في بيتي ، وصلت الى عنواني في البريد العادي ثم اسرعت في اليوم التالي الى مركز الشرطه لاصدار الجواز السويدي ، الذي لا يختلف عن جواز اي مواطن سويدي ، قال لي بأنه لا توجد مقارنه بين السويد وبلد محتل ، والدوائر معطّله والكل تذهب الى سوق مريدي لشراء كل المستمسكات بما فيها الجوازات . نظرت الى الجنسيه وشهادة الجنسيه بفتور لانني كنت واثقه بأن زوجي قد وقع ضحية النصب والاحتيال .
مرت بضع سنوات وسافرت الى العراق ، كانت فرحتي بلقاء الاهل والاحبه لا توصف ، كانت عيناي تقبلان كل شئ ببغداد الحبيبه ، كان فرح ممزوج بالحزن ، كان شوق وخجل من حبيبتي بغداد ان اتركها تعاني السقوط والذل والهوان ، كانت بغداد حزينه كأمرأة ثكلى ، ولكنها رغم كل شئ كانت جميله وطيبة وحنونة ، انها ام ودودة رغم الجراح التي لا زالت تنزف منها بقوه .
ذهبت الى قسم الجوازات للحصول على جواز عراقي ، نظر الضابط الشاب الى الهويه وصاح كأنه وجد كنزا كان يتمنى الحصول عليه : هويتك مزوره ! سرت قشعريرة في بدني ونظرت الى زوجي مذعوره ، كان هو الاخر في وضع لا يحسد عليه ، قال للضابط : مستحيل انظر اليها جيدا ، قال له الضابط اعطني شهادة الجنسيه ، قد تكون هي الاخرى مزوره : ماان نظر اليها حتى صاح مستبشرا : هي الاخرى مزوره ، ثم نظر الينا مستفهما : الا تخجلون من هذا العمل ، بالتأكيد دفعتم رشوه ثم استرسل قائلا الم تسمعوا الحديث الشريف الذي يقول لعن الله الراشي والمرتشي ، لن اترككما تخرجان بسلام من هنا ، سآمر بتوقيفكما ، نظرت اليه بتحد وسرت بثقة الى الاستعلامات ، استلمت تلفوني وتلفون زوجي واتصلت بالضابط الذي اصدر لي شهادة الجنسيه واخبرته بكل ماجرى ، كما طلب مني زوجي ، وقفلت راجعة الى البيت ، في فروع الاعظميه الحبيبه ، وبينما انا احث الخطى وأنا في غاية الانفعال والالم مما جرى لي في احضان وطني الحبيب ، واذا بي التقي بسيدة كريمة من اهالي الاعظميه الكرام ، يبدو انها قرأت ملامحي وأدركت خيبتي وذهولي ، حييتها وسألتها ان كان بأمكانها الى ارشادي الى شارع المغرب ، هللت بي المرأه بحراره ودعتني الى تناول الغداء وهي تشير الى باب بيتها المجاور، كانت تلك الدعوه الكريمه بمثابة ماء بارد لتائه في الصحراء ، لقد مسحت بهذا الكرم غيمة مثقلة بالحسره واليأس شعرت بأن يدا حنونة امتدت الى عيني لتمسح دموع مرثية الوطن ، نعم لم يمث العراق وفيه ولد الاباء والكرم فانجبا مكارم الاخلاق ، واصلت طريقي كما اشارت لي اختي الكريمه ، وماهي الا دقائق الا وزوجي يسير خلفي ويناديني ، سألته كيف سمح لك بالخروج ، قال ذكرت له اسم الضابط الذي اصدر شهادة الجنسيه وطلبت منه الاتصال به فما كان منه الا ان اعتذر وتركني اخرج بسلام !
قصصنا على الضابط الذي اصدر لنا شهادة الجنسيه (المزوره ) مامر بنا في دائرة الجوازات فأقسم بان شهادة الجنسيه غير مزوره ثم ذكر لنا ان والدة صديقه الدكتور اغمى عليها عندما واجهها ضابط الجوازات بأن شهادة جنسيتها مزوره ولم تستفق من غيبوبتها الا بشق الانفس وبعد ان اقسم لها بأنه لن يمسها بسوء ، ذهبنا الى الجنسيه لاصدار شهادة الجنسيه ، كنت احمل معي شهادة جنسية شقيقتي الكبرى ولكن عندما ارسلني الضابط الى الارشيف للتدقيق حاول موظف الارشيف ان يعرقل الموضوع بكل وسيله ، واخذ يشكو من ضيق ذات يده وانه بحاجة الى مساعدة المراجع والا سيقتله الجوع ، لم ابه له وقررت ان لا ادفع دينارا واحدا (فالراشي والمرتشي) الى النار كما يقول موظف الجوازات ، صعدنا الطابق الاخير ونزلنا الى المدير عدة مرات وموظف الارشيف يرفض ان يكتب رقم ملف شقيقتي الى ان نقلت له كلام الضابط بأنه سيصعد اليه للبحث عن ملف شقيقتي بنفسه ، عندها فقط خاف وكتب لنا رقم الملف . نلت هوية الاحوال المدنيه والجنسيه في اسبوع واحد ، لكن التعب والاجهاد الذي حل بنا لا يمكن وصفه ، صعود وهبوط لطوابق عدة وبنايات قديمة قذره ، كانت فضلات الطيور تغطي ساحة دائرة الجنسيه بشكل مقرف ومخجل ، تمنيت وقتها ان انظف المكان بنفسي لو سمح لي بذلك .
الان احمل شهادة الجنسية العراقيه واحمل هوية الاحوال المدنيه ، واحمل الجواز العراقي ، واحمل حزنا دفينا على ما آل عليه الوضع في نفوس بعض الموظفين للاسف الشديد ، ولكن مايدخل الى القلب الامل و المواساة ان رؤساء الاقسام في الاحوال المدنيه في الاعظميه و شهادة الجنسيه كانوا لا يزالون يحملون النقاء والكرم والادب الجم ، لا انسى كلام احدهم عندما يقول بكل صدق : انا خادم لكل المراجعين . دمت ياعراق ابيا شريفا رغم الام المخاض الصعب الذي تمر به .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز