الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يرفع أسعار الغذاء؟

عصام شعبان حسن

2014 / 11 / 11
الصناعة والزراعة


من يرفع أسعار الغذاء؟
عصام شعبان
تمثل قضية ارتفاع أسعار الغذاء في مصر أزمة مستمرة، تعبر عنها الشكوى الدائمة من ارتفاع أسعار ‏الخضر واللحوم. وتتعمق تلك الأزمة فى ظل انخفاض معدلات الدخل وارتفاع معدلات التضخم. كما يؤدي ‏ارتفاع الأسعار إلى زيادة الخلل القائم ما بين تلبية احتياجات الأسر ومستوى دخولهم. خاصة أنّ ‏مؤشرات الإنفاق الشهري تشير إلى أن بند الصرف على الأغذية من أكبر بنود الإنفاق الأسري. وهذا يعني ‏أن كلّ ارتفاع في سعر الأغذية يعنى ارتفاعاً فى مستوى أزمات المعيشة‎ .‎

غياب الانتاج
تتّخذ أزمة الغذاء مظهَريْن أوّلهما، عدم تغطية الإنتاج المحلّي لمتطلبات المجتمع الاستهلاكي (السّوق)، ‏والثّاني، عدم قدرة الدّولة على توفير الغذاء في حالة عدم كفاية الإنتاج. والحال في مصر أنّ هذه ‏الأزمة تتّخذ المظهرين معاً‎.‎
ترجع أهم أسباب أزمة الغذاء إلى غياب رؤية تؤمن بأن أولى مهامّ الدولة توفير الغذاء لمواطنيها ‏كجزء أساسي من عمليّة تلبية احتياجات المجتمع. كما كانت السياسات الاقتصادية التي طبّقتها الدولة ‏‏(وأهملت الإنتاج الزراعي بموجبها) ذات تأثير بالغ فى أزمة الغذاء.‏
حيث اعتبرت الدولة أنّ الإنتاج الزراعي ليس مسؤوليتها وأنّ قِوى السّوق قادرة على توفير السّلع. بل إنّها ‏اعتبرت أنّ القطاع الخاص هو قاطرة التنمية ـ وبالتّالي فتحت الباب لتحكّم قوى السوق في الإنتاج ‏الزراعي‎.‎
كانت الدولة قد شرعت في تطبيق سياسات التّحرير الاقتصادي فى مجال الزّراعة منذ منتصف سبعينيّات ‏القرن الماضي، وتخلّت عبر تطبيق هذه السياسات عن تنمية الإنتاج الزراعي.‏
‏ تُرْجـِمَ هذا التّوجه الاقتصادي في قرارات عدّة، كان أبرزها رفع الدّعم عن بعض المستلزمات. إضافة إلى تقليص ‏الدّعم الفني والبحثي الموجّه للغرض نفسه. كما تعاملت المصارف الزّراعية مع الفلّاحين بشروط مجحفة ‏أدّت إلى مديونيّة ما يقرب من مليون فلاح‎ .‎
أدّى تطبيق السياسات الاقتصادية المسمّاة بإجراءات التكيف الهيكلي والتحرير الاقتصادي إلى تغوّل رجال ‏الأعمال، وقد عمّق هذا الوضع غيابُ ‏الدولة عن المنافسة‎ .‎
لم ينته حتّى الآن ما يمكن تسميتُه بـ "سياسة تخريب الزّراعة و إفقار الفلّاحين" حيث اتّخذت الحكومة ‏المصرية أخيراً قرارات كان من ضمنها رفع أسعار الأسمدة ومشتقّات الطّاقة. ولا شكّ في أنّ هذه القرارات ‏سوف تؤثّر سلْبا على معدّلات الإنتاج الزراعي، خاصة مع انخفاض جودة الأراضي الزّراعية وتناقص ‏المساحات المخصصة للمحاصيل الغذائية‎ .‎
سيؤدّي هذا التّراجع في إنتاج السّلع الغذائية محليّاً إلى الاعتماد على الاستيراد والشّركات الخاصة. الأمر الذي ‏سيفتح الباب بشكل أوسع لتكوّن مافيا من المحتكرين الّذين يتحكّمون في أسعار الغذاء ويُراكمون الأرباح ‏على حساب المستهلكين‎ .‎
وفي هذا السّياق، لا يمكن أن تكون هناك حلول لهذه الأزمة إلّا عبر اتّباع سياسات تنمية اقتصاديّة وطنيّة ‏تؤمن بأنّ دعم الزّراعة وتوفير مستلزماتها هو ضمانة لتوفير الغذاء‎ . ‎
و من جهة أخرى، فإنّ قضيّة تحقيق الاكتفاء الذّاتي من الغذاء ليست قضيّة تعكس مدى إيمان دولة ‏بتوفير متطلّبات المجتمع فقط، و إنّما تتجاوز ذلك لتعبّر أيضاً عن مدى انحياز الحكم لمصالح الشّعب و‏إيمان الدّولة بأهميّة خلق تنمية اقتصاديّة حقيقيّة وتحقيق الاستقلال السياسي‎.‎








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار