الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لاتلوموني .. فانا انفخ في قربة مزروفة

نوري جاسم المياحي

2014 / 11 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ليس جديدا على العرب او العراقيين الخلافات والصراعات بين الاطراف المتنازعة وقد تصل بينهم الى درجة الاقتتال فيما بين الاخوة بافتعال اسباب للخصومات وقد تكون تافهة وغير منطقية او مهمة تستحق الاقتتال ..ولهذا ينطبق عليهم قول (اتفقوا على ان لايتفقوا )
وكمثل لا على سبيل الحصر ما يحدث اليوم على الساحة الفلسطينية بين فتح وحماس من اتهامات متبادلة ...كلنا نعرف ان لا نصر يتحقق ولاقوة مؤثرة لهذا الشعب المظلوم دون ان تتحقق وحدة الصف الوطني والنضال والمواقف الموحدة بين الحركتين تجاه عدوهم المشترك الذي يتربص بهم الفرص لتهويد القدس وكل الارض الفلسطينية ..علما وكلنا يعلم ان اسرائيل وامريكا وحلفاءهم من خونة العرب والغرب يعملون المستحيل لمحاربة وافشال اي اتفاق مصالحة بين الحركتين وللاسف قادة الفلسطينين يعرفون ذلك جيدا ويعرفون ارادة ورغبة شعبهم في المصالحة والاتفاق ومع هذا نجد (بعض من ضعاف النفوس ) من قادة الحركتين يتسابقون لفركشة اي تقارب او مصالحة بين الحركتين ..وكما يحدث الان ..وبعد ماحدث من تفجيرات مؤخرا في غزة ..وهم يعلمون جيدا ان المستفيد الوحيد هي اسرائيل ..
ان الامثلة على العداوات والخلافات المفتعلة بين ابناء الشعب الواحد كثيرة الى درجة لاتحصى على ما مرت به هذه الامة وشعبنا العراقي المنكوب من فرقة وصراعات وعبر عقود من الزمن وبالنتيجة أضرت بالمصلحة الوطنية والقومية والانسانية العليا سواء بالنسبة للشعب او الامة .. والتذكير بها ينفع من لم يسمع بها سابقا
وسأورد لكم مثلا ولنرجع به للتاريخ القريب ..نجد نفس الحزب (حزب البعث العربي الاشتراكي ) استلم الحكم في سوريا وفي العراق في ان واحد وطيلة عقود من الزمن ...ويعلم الجميع ان من اهم اهداف هذا الحزب كان تحقيق حلم الوحدة العربية بين الاقطار العربية ..وفعلا نجد ان فرع سوريا نجح عندما استجاب لرغبة الشعب في تحقيق الوحدة بين سوريا ومصر في الخمسينات وللاسف وبعد فترة قصيرة قام الحزب نفسه واستجاب بشكل مقصود او عفوي لمؤامرة اعداء الوحدة ففركش هذه الوحدة التي كانت حلم الجماهير العربية ..وعنوان عزتها ..
واتذكر اليوم جيدا كم فرحت الجماهير العربية من المحيط للخليج باستلام الحزب الحكم في سوريا والعراق وفي ان واحد ليس حبا بالحزب وانما حبا بالامة العربية كلها ..واعتبروها فرصة تاريخية لتحقيق الحلم العربي بالوحدة العربية ..ولكن ( يا فرحة الما دامت ) وخابت امالهم و لم تطل الفرحة بل واصابت هذه الجماهير نكسة في ايمانها وقناعاتها العقائدة لان الحلم تبخر ولم يتحقق لان قيادات الحزب في القطرين بدأت تتامر بعضها ضد بعض ووصل بهم الحال الى التصفية لبعض القيادات نفسها بحجة الخيانة ..والاسباب معروفة وانا اعزوها للسلوكية الفردية والشخصية عند الزعماء انذاك ولاعلاقة لها بمصلحة الامة القومية ..ومن هنا تراجع المد القومي ...وبسبب سقوط وانهيار المعسكر الاشتراكي ... نجد ان الساحة خلت من المتنافسين التقليديين ليصفو الجو للتيارات الدينية الاسلامية ولاسيما الجهادية والمتعصبة للنمو والانتشار والوصول الى ما وصلت اليه الحال في الوقت الحاضر ..وهذا ايضا موضوع متشعب ومعقد يحتاج الى تفصيل مستفيض ...
واليوم تتكرر نفس المأساة والغريب نحو هدفين متعاكسين لايهضمها عقلي او المنطق السياسي والعقائدي ..ففي سوريا اليوم نجد ان البعثيين يقاتلون ضد مقاتلي اعداء الشعب العربي السوري وليس (كما يشاع اعلاميا واسرائيليا ) ضد بشار الاسد او العلويين او كما يحاول البعض تصويرها .. وفي مقدمتهم التكفيريين من ( داعش ) ..والغريب العجيب 0(طبيعي من وجهة نظري الشخصية ) نجد ان البعثيين يناصرون ويباركون بل حتى ويقاتلون( وكما سمعته في خطاب الامين العام للحزب عزة الدوري ) الى جانب اعداء الشعب العراقي وفي مقدمتهم التكفيريين من (داعش) ..والادهى من هذا والغريب الاغرب نجدهم يرفعون ويتبنون شعارات طائفية اججها الاستعمار واسرائيل واعداء الامة من الطائفيين ومن كلا الطائفتين .. وفي حين انا اعلم وسبق ان قرأت ان ادبيات الحزب قومية عربية وعلمانية صرفة ومن المعروف وليس خافيا على احد ان الرئيس الراحل صدام حسين كان لايميل وليس على وفاق مع القاعدة والاسلاميين ..مما يثير اليوم عند امثالي التساؤل عن سبب التغيير المفاجيء في المواقف ؟؟
وانا اليوم لن اتحدث عما يحدث في سوريا فاهل سوريا اعرف مني بمصيبتهم ..والعراقيون اليوم يمرون بمصيبة امر وادهى وهي الحرب الاهلية وشعاراتها الطائفية الصرفة و الملعونة وحتى لو تبرأ منها الطائفيون اعلاميا وكلاميا ومن كلا الطائفتين للاسف ... ونجد ان كل من يشارك في العملية الحالية يرفع عقيرته ( كذبا وزورا) يدعي التبرؤ من الطائفية ويطالب بالمصالحة الوطنية ..فنراهم يطلقون التصريحات ويعقدون الندوات والمؤتمرات وينصبون الولائم والعزائم ويصرفون المليارات من الدنانير وبلا فائدة تلمس فلا مصالحة ولا هم يحزنون ... ونجدهم في الختام يصدرون البيانات الرنانة والتي تبقى كالعادة حبر على ورق ...والسبب بسيط لان كل الاطراف لاتريد المصالحة الحقيقية على الارض ...لانهم اتفقوا على ان لايتفقوا ..وان لم يعترفوا بذلك ..
فمن يصدق ان العميل او المرتزق او الطائفي او تاجر الحرب اوتاجر السياسة عنده الاستعداد ان يقطع مورد رزقه ووسيله عيشه وعزته وابهته من اجل المصالحة الوطنية .. وكما تعلمون من مات حسه الوطني مستحيل عليه ان يعمل من اجل الوطن (لان فاقد الشيء لايعطيه )...ولهذا فشلت كل الجهود السابقة لتحقيق المصالحة الوطنية فعلا ؟؟؟
لايختلف اثنان على ان المصالحة تتم بين متنازعين متخاصمين يقتتلان و ليس بين شريكين في نفس العملية السياسية ؟؟ وكلنا يعرف ان بعض السياسين والحزبيين نصب نفسه ممثلا عن الشيعة والاخر نصب نفسه ممثلا عن السنة والاثنان مشتركان في نفس العملية السياسية (وكما تعلمون بناءعلى توجيهات ايران وتركيا والسعودية ووفقا لرغبات العمة امريكا والخالة بريطانيا وسكوت الدب الروسي ) ويدعون انهم يعملون من اجل المصالحة الوطنية ...
وانا كمواطن عراقي مستقل اصف هذا العمل استهزاء وضحك على المواطن والذقون فالكل مشاركة في اذلال وتدمير الشعب العراقي ممن يتقاتلون بحجة الدفاع عن الشعب ( وبالحقيقة حتى الجسور خربوها وابراج الكهرباء سرقوها ) وبكل مكوناته بلا استثناء والمستفيد الوحيد هم واحزابهم المشاركين في العملية السياسية وكذلك اؤلئك الذين يسمون نفسهم خصوم العملية السياسية والذين يطلق عليهم اسم الارهاب والارهابيين والضحية فقراء شعبنا العراقي المسكين ....فهل من المعقول ان يتجرأ احد بتدخل الاجنبي لقتل شعبه او تخريب وطنه ؟؟؟
من منا لم يلاحظ ان الحضور في مؤتمر اربيل الاخير والذي رعته مؤسسة الشرق الاوسط للبحوث (الاجنبية )...حضرته نفس الرموز والشخصيات المعروفة وكلنا شاهدناهم يتصدرون الجالسين في مقدمة الحضور ؟؟ فالى متى يستمر فقراء شعبنا يدفعون الثمن بدماءهم وحياتهم ؟؟؟ وهؤلاء يتناقشون ويصرحون وبارقى الفنادق ينامون وياكلون ؟؟وعلينا يضحكون ؟؟
كلنا نتذكر قادة الاعتصامات امثال زيد وعبيد وجلرار الخيط وينتصبون على منصات الاعتصام ويحرضون الفقراء على التمرد والقتال والكل يعرفهم في الفلوجة والرمادي والموصل وحتى الذين كانوا يصولون ويجولون في العاصمة بغداد الجريحة وملئوا الدنيا تحريضا ..اين هم وعوائلهم واطفالهم الان ؟؟ كلهم و(ثقوا بالله) يعيشون وباموالكم ولقمة عيشكم في اربيل او عمان او دبي او ربما بالعواصم التي جاؤوا منها كلندن وباريس وواشنطن ...فهم وعوائلهم يعيشون مترفين وامنين سالمين وفي ارقى وارقى الفلل والبيوت والفنادق والمنتجعات ..اما اهالي هذه المدن والمناطق ويعدون بالملايين من الفقراء والمساكين من النازحين والمهجرين والباقين المرعوبين الخائفين يلتحفون السماء وتقشعر ابدانهم من البرد وامعاءهم خاوية من الجوع ...فوقعوا بين نارين ..نار الهروب بجلودهم ومعاناة الذل والمهانة والحاجة ..وخسارة كل مايمت للعزة والكرامة والحياة الانسانية ...او البقاء في دورهم والتعرض للقصف والقتل اما من قبل قوات الحكومة وحلفاءها او قوات المعارضة المسلحة اوداعش ووحوشها ..
اذن اليوم في العراق نجد الخصمين المتقاتلين والمختلفين فيما بينهم معروفين ويمكن مصالحتهم وطنيا ومن اجل الحفاظ على الوطن فيما لو توفرت النوايا الحسنة والثقة المتبادلة بينهما (أما التكفيريين ممن يذبحون الابرياء باسم الاسلام والردة والرفض فهؤلاء قوم لايمكن التفاهم معهم الا بالاسلوب الذي يفهموه ويعيدهم الى جادة العقل والصواب )... فليجلسوا هؤلاء الخصوم العقلاء على مائدة التفاوض والحوار البناء المخلص والوطني وليتحاوروا وليتفقوا على ما يقبله الله ورسوله والمؤمنون والعقل والمنطق ويخدم الشعب ..لا ان يأتوا وكل منهم يحمل شروطا وعبوة ناسفة لينسف خصمه قبل ان يتحاوروا ..او شروط تعجيزية وكما عهدناه سابقا .. ومللناها ..
فليس مستحيلا عليهم الوصول الى حلول وتفاهم وبالاستفادة من تجارب الشعوب المماثلة ...ولنأخذ كمثل على ذلك قانون اجتثاث البعث او المساءلة والعدالة ..فهذا القانون وضعه اعداء الشعب العراقي للانتقام منه وخلق الفتنة بين ابناءه ...فلقد استعدى هذا القانون من خلال اساءة البعض المغرض عند تطبيقه الى عشرات الالاف من العوائل العراقية بحجة انهم بعثيون وقطعت ارزاقهم واذلوهم ودفعوهم عنوة الى صفوف الاعداء ...وفي الوقت نفسه الذي نجى من القانون وسلم من العقوبة ممن تلطخت اياديهم بدماء العراقيين وهم ايضا معروفين للمواطنين ..وبالوثائق ..فلم لا يحال هؤلاء للقضاء لينالوا جزاءهم العادل بدلا من حرمان الاف مؤلفة من العسكريين (ممن لم يؤذوا احدا ولم يعتدوا على احد او يسرقوا مال احد ) وغيرهم من الرواتب والحياة الكريمة والذي هو حقهم كبقية المواطنين ..وهذا موضوع طويل ومعقد ويثير الشجن ..وربما يعتبرني البعض ويتهمني (ممن لايخاف الله ) انني متضرر من هذا القانون وليعلم الجميع انني ولا احد من اهلي قد شمل او تضرر بهذا القانون ..وانما هي القتاعة فقط
والموضوع الاخطر وهو موضوع الشحن الطائفي وانا احد المتضررين فقد فقدت اثنين من اولادي في الفتنة الاولى وبلا سبب او مبرر وكما يحدث اليوم لكثير من الابرياء ...الا يوجد اناس عقلاء وحكماء من العراقيين ليتصدوا الى وباء الطائفية الذي اصبح يحرق الاخضر واليابس واقتلاعه من جذورة ..وهي جذور استجدت واستشرت مؤخرا وبعد الاحتلال في المجتمع العراقي فهذه الظاهرة والتي يقتل فيها العراقي لانه سني او شيعي او مسيحي او يزيدي فلم تكن هذه الظاهرة معروفة نهائيا بين العراقيين بتاتا ...
نعم ان الاوان لمن يريد انتشال العراق من محنته الانتباه الى مخططات الاعداء والمسارعة الى تحقيق المصالحة الحقيقية وبين الخصوم الحقيقين ونشر العدل والمساواة بين كل مكونات الشعب العراقي وبلا تمييز ...العراق ليس بحاجة الى مستشارين وتجويع وتشريد الشعب كي نحارب داعش ...فكل التقديرات لاعداد الدواعش لايزيد عن 19000 مقاتل في سوريا والعراق معا...فليس من المعقول ان عدد القوات المسلحة العراقية يقدر عددهم بمليون ونص مقاتل والصحوات غير محسوبة والحشد الشعبي غير محسوب ... والكل تريد رواتب وسلاح .. ميزانية البلد تستنزف سلاح ورواتب وبشكل غير علمي والحرب ستطول عقود كما مخطط لها والى ان يباد شعبنا .. فهل هذا معقول ومقبول ؟؟
وكلنا نعرف ان الدواعش رفعوا سلاح الطائفية واستغلوه احسن استغلال وللاسف وبدواعي طائفية حاقدة خدعوا البعض من المواطنين ووفروا لهم الحاضنة ..وبنفس الوقت وللاسف الحكومة والمليشيات وفرت للدواعش البيئة المناسبة لانتشارهم ايضا ورفعت سلاح الطائفية وبين هذا وذاك ضاع شعبنا ..وتكالبت عليه كل قوى الشر المخابراتية ( ويقال ان عددهم 28 جهاز مخابرات همهم الوحيد اثارة الفتنة الطائفية واشعال الحرب الاهلية وتمزيق العراق واضعافه ) ..فالساحة العراقية اصبحت مرتعا خصبا لتفجيراتهم ...وعلى كل عراقي وطني وشريف ان يفهم وينتبه ويعي لمن وراء هذه الجرائم الطائفية الحقيرة ...ولا ينجر خلفها ..
فمن يريد الانتصار على الارهاب والارهابين والظلم والظالمين ...عليه اولا ان يحارب الطائفية والطائفيين في عقر دارهم وعليه نشر العدل والانصاف والمساواة بين المواطنين ..وعندها وبلا قتال سيختفي وسينتهي الداعشيين ..
للاسف وكما يقول المثل الشعبي (انا انفخ في قربة مثقوبة ) فلا حياة لمن انادي ..
اللهم احفظ العراق واهله اينما حلوا او ارتحلوا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ