الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في الوضع المغربي على ضوء تقرير مركز -بوي-

لحويمد المحجوب

2014 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


قراءة في الوضع المغربي على ضوء تقرير مركز "بوي"
بقلم: لحويمد المحجوب
كشف تقرير للمركز البريطاني للأبحاث "بوي" أن المغرب جاء في المرتبة الثالثة عالميا من حيث عدد المقاتلين في سوريا، بعد كل من السعودية التي احتلت المرتبة الأولى و تونس التي احتلت المرتبة الثانية، وتفيد الأرقام التي نشرها المركز المذكور بأن عدد المقاتلين المغاربة يصل إلى حوالي ألف و خمسمائة مقاتل في سوريا.
هذا التقرير وكما هو معلوم و الذي صنف المغرب في المرتبة الثالثة، يجعلنا نجدد التفكير عن سبب تبوء مجتمعاتنا لمثل هذه المراتب المتقدمة في الهجرة نحو المجهول، و لعلها كثيرة هي العوامل المتحكمة في انتشار الفكر التكفيري بين صفوف الشباب، إلا أننا سنحاول عبر هذه المحاولة البسيطة، إلى التطرق هنا إلى حالة المغرب كنموذج لهذه الظاهرة الخطيرة.
أولا يجب الاتفاق على أن التنظيمات الجهادية قد راكمت من التجارب ما يجعلها قادرة على استقطاب أكبر عدد من الشباب، إما عبر شبكاتها المنتشرة عبر العالم، أو عن طريق التواصل معهم عبر شبكة الانترنيت، فهذا التطور في أساليب الاستقطاب و البحث عن أكبر عدد من الكفاءات في مختلف المجالات التي تحتاجها هذه التنظيمات، دليل على أن التنظيمات الجهادية تجاوزت مرحلة الجماعات البسيطة المتواضعة الأهداف و الوسائل، إلى مرحلة التنظيم السياسي و العسكري في ما يشبه الجيوش النظامية على جميع المستويات، ولعل ذلك قد انطلق بشكل فعلي مع تنظيم القاعدة، الذي أبان عن قدرات تنظيمية عالية جعلته على الأقل يضمن استمراريته إلى الآن رغم الحرب الشاملة التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية و حلفائها عبر العالم، فرغم هذا المجهود العسكري و السياسي الهائل الذي بدل، والذي أدى إلى احتلال افغانستان و العراق و مكن الولايات المتحدة من وضع يدها على مجموعة من المراكز الإستراتيجية بدعوى محاربة الإرهاب، مما جعل الكثيرين أنا ذاك يفكرون في أن الإرهاب ما هو إلا صناعة أمريكية، فكل هذا لم يمكن من القضاء على هذا التنظيم الجهادي العالمي، بل استطاع الانتقال إلى مجموعة من المناطق، كالعراق و المغرب الإسلامي، ومؤخرا بشبه القارة الهندية.
هكذا إذا يمكن القول بأن هذه التنظيمات أصبحت بمثابة قوى يصعب على الدول الضعيفة أو ما يطلق عليه بالدول الفاشلة مواجهتها كما هو الشأن في اليمن على سبيل المثال، وبالتالي فإن جميع دول العالم هي عرضة لهذا الخطر، أي على الأقل خطر الاستقطاب و جعل مواطنيها وقود حرب مستعرة لا يبدو أنها ستضع أوزارها، وهذا بدليل استمرار سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق شاسعة في كل من العراق و سوريا، مع استمرار خشية دول التحالف في الاستعانة بالقوات البرية مما ينذر باستمرار هذه الطاحونة في قضم ملايين الضحايا في المستقبل القريب.
من هنا يتضح جليا بأن حرب الاستقطاب بين تنظيم الدولة الاسلامية و باقي فصائل التنظيمات التكفيرية في سوريا ستظل مستمرة مع جل الأنظمة العربية التي أعلنت غالبها الانضمام إلى التحالف الذي شكلته الولايات المتحدة من أجل القضاء على تنظيم الدولة الاسلامية، هنا نعود لنعرج على حالة المغرب الذي قلنا بأنه من بين أكثر الدول المصدرة للمقاتلين إلى سوريا، هذا بالرغم المجهود الحثيث الذي تبدله السلطات الأمنية في تفكيك الخلايا التي تعمل على تجنيد المقاتلين و تسهل عملية سفرهم إلى خارج المغرب، فهنا نجد أنفسنا أمام عديد التساؤلات الملحة التي علينا محاولة الإجابة عنها من أجل وقف هذا الزحف التكفيري المتنامي بمجتمعاتنا العربية، لذلك وجب رصد مجموعة من الأخطاء السلطوية التي قد تكون ربما ساهمت في تنامي هذا التفكير الهدام، فلعل المتتبع للشأن المغربي على مستوى التعاطي مع هذه الظاهرة، وذلك أعقاب التفجيرات الانتحارية التي شهدها المغرب في السادس عشر من ماي من سنة 2013، و ما تلاها من متابعات لعدد كبير من أتباع السلفية الجهادية، الذين تم التنكيل بهم و تعريضهم لشتى صنوف التعذيب و إبقاءهم لفترات طويلة من دون محاكمات، لقد ناصبت الدولة المغربية هذه الفئة العداء المطلق إلى حدود ألان مما جعل الكثيرين منهم من الذين تم إلقاء القبض عليهم في الخارج عدم تفضيل العودة للمغرب، نظرا لإدراك ما ينتظره من جحيم، فهذا المنهج في التعامل مع معتقلي السلفية الجهادية هو سبب من أسباب عدة وراء رغبة هوؤلاء في الثأر من جديد لأنفسهم، فجميع تلك المعاملات الحاطة من الكرامة الإنسانية تعطي لهم انطباع بأن طموحاتهم الفكرية و المجتمع الذي ينشدونه هو خلاصهم من ما يسمونه " أنظمة الطاغوت"، هذا على مستوى الخطأ المنهجي في التعامل الجهنمي الذي تعاملت به الدولة المغربية مع هذه الفئة، أما على مستوى ثاني و لعله يندرج ضمن أزمة ما يمكن أن نسميه بعملية "الإصلاح المتعثر" فالنظام التعليمي بالمغرب يشكو من مشاكل خطيرة، فالتعليم يمكنه أن يشكل أحد أهم الأدوات التي يمكننا من خلالها الحد من انتشار الفكر التكفيري الهدام، و لعل إشكالية التنمية التي لم تعرف طريقها للمغرب رغم كل المحاولات الحكومية التي تصطدم بالفساد المالي و الإداري الذي ينخر المجتمع المغربي، مما يزيد من مشاكل التعليم تفاقما نظرا للعجز المادي الذي تعاني منه أغلب الأسر المغربية، مما يضطرها لإنهاء مسار أبناءها التعليمي من أجل مساعدتها على مصاريف الحياة اليومية التي يزداد لهيبها سيما خلال في الآونة الأخيرة، مع وصول حزب العدالة و التنمية الذي جعل من الزيادة في الأسعار جل اهتماماته، إلى جانب معاداته لقطاع عريض من التنظيمات الحقوقية المغربية المشهود بالنزاهة كالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي أصبحت مؤخرا ممنوعة من ممارسة أنشطتها الحقوقية خاصة من خلال منعها من استعمال الفضاءات العمومية، مما يفقد الدولة شريكا هاما في التصدي للفكر التكفيري بحكم خط الجمعية التقدمي، دون أن ننسى تزايد قمع الحركة الجماهيرية بمختلف المناطق، و الحديث مؤخرا عن محاولة الحكومة سن قانون يجرم العمل الطلابي بالجامعات المغربية، مما يشكل مسا خطيرا بالحق في التعبير و التنظيم في أبسط أشكاله.
إذا فكثيرة هي العوامل التي تجعل من المغرب يحتل مثل هكذا مراتب في هجرة أبنائه نحو طاحونة الحرب الدائرة على الأرض السورية و التي تجمع بين مختلف التناقضات بحكم تشعب المصالح بين القوى العالمية و تركيز جل الجهد الاستخباراتي لدول العالم بهذه المنطقة المشتعلة، مما يجعل الدولة المغربية أمام محك حقيقي في المستقبل المنظور، لا سيما مع توالي الحكومة المغربية في سياستها الحكومية اللاديمقراطية اللااجتماعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما شكل المقاربة الأمريكية للدفع باتفاق سياسي لإنهاء الحرب في


.. خلافات معلنة بين بايدن ونتنياهو.. ما تأثيرها على الانتخابات




.. واحات جنوب المغرب -الساحرة- مهددة بالزوال!! • فرانس 24 / FRA


.. السفينة الأميركية -ساغامور- تحمل أولى شحنات المساعدات من قبر




.. #متداول.. مستوطنون يقطعون الطريق بالحجارة أمام شاحنات المساع