الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفق التسوية السياسية في سورية

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2014 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


تشهد التطورات الميدانية، تواتراً متصاعداً في عمليات النظام السوري، في مختلف المناطق، في الوقت الذي يتقلص فيه تقدم المعارضة المسلحة، وانكفائها ليس فقط عن صد هجمات النظام، بل إنها سجلت تراجعات عدّة خلال الفترة الأخيرة، بالتزامن مع اشتداد المواجهات داخل عين العرب/كوباني، مع داعش التي لم تتاثر – كما يفترض – بعمليات التحالف الدولي حتى اليوم، ما يجعل من الوضع أكثر تعقيداً، مع استمرار سقوط المدنيين واستهدافهم، من طرف القوى المسلحة: النظام، والدولة الإسلامية، والتحالف الدولي.
ما يزيد على ربع مليون ضحية قضت نتيجة الصراع المسلح، أو قتلوا تحت التعذيب في السجون. يضاف الى ذلك مائتي ألف معتقل ومختطف ومغيّب في سجون النظام السوري، أما أعداد الجرحى، وذوي الإعاقات الدائمة يتجاوز نصف مليون، وهي في ازدياد ملفت، مع افتقار لأي من مقومات العيش والخدمات العامة، بما في ذلك التعليم في أكثر من ثلثي سورية. يكتمل المشهد بظاهرة النزوح واللجوء داخل وخارج البلاد، هرباً من الموت والدمار والإعتقال، كما تدل عليها أرقام الأمم المتحدة التي تقترب من 10 ملايين سوري، مع نهاية العام الجاري 2014.
انسداد آفاق الحلّ
لم يكن النظام السوري، منذ آذار 2011 وحتى اليوم، على استعداد للأخذ بأي حلّ سياسي في سورية. واعتماده على الحلّ الأمني أدخل البلاد في نفق العنف، والعنف المتبادل، في اتون حرب تسبب بها، وقد تعددت اوجهها بعد قرابة أربع سنوات، بين المعارضة والنظام من جهة، والمعارضة مع الجماعات والتنظيمات المتشددة، والإقتتال بين قوى الثورة المسلحة ذاتها.
تعنت النظام جاء على خلفية الدعم السياسي والعسكري، الذي يتلقاه من روسيا و إيران. لكنه أيضاً نجح في أسلَحة الثورة على يد من أسلَمَها، مع أخذه في الاعتبار عجز المعارضة السورية على إدارة الصراع مع النظام، نتيجة للتشرذم الذي تعانيه صفوفها على المستويين السياسي والعسكري من جهة، وضعف الأداء الناجم عن تركيبة المعارضة، مما أفقدها المصداقية، وتبددت إمكانية الحصول على دعم دولي حقيقي.
والواقع أن المعارضة السورية، أيضاً لم تمتلك رؤية بيّنة، ومستقلة لإدارة الحراك الوطني، وبالتالي لا قدرة لديها على وضع استراتيجيات وأواليات الصراع مع نظام الأسد. يمكننا ان نضيف أمرين هما تدخل القوى الإقليمية المباشر في الثورة السورية، والموالاة لها. والثاني يتصل بضعف مصداقية القوى الدولية ( أصدقاء سورية ) في تقديم دعم حقيقي مؤثر يتنبنى بشكل واضح أهداف الثورة وغاياتها. على النقيض تماماً فإن المجتمع الدولي – حتى اليوم – لا يرى فيما يحدث في سورية أنه ثورة أو انتفاضة على الاستبداد. بالنسبة إليه هو صراع على السلطة، وحرب أهلية. ولم يتبنى الغرب فكرة اسقاط نظام الأسد.
الفجوات واسعة وممتدة، بين فهم المجتمع الدولي لما يريده السوريون، وواقع استغلال النظام لتغاضي امجتمع الدولي عن جرائمه وسياساته، في الوقت الذي تتقدم فيها مصالحه على اولويات السوريين وتطلعاتهم.
المعارضة ايضاً فشلت في ان تكون معبّراً حقيقياً عن قوى الثورة ومجتمعاتها المحلية المحركة في الداخل، ولم تكن في الوقت نفسه معنية بالذهاب إلى تسوية سياسية جديدة، تعويلاً على وهم انتصار عاجل يطيح بنظام الأسد، دون استفادة من دروس الربيع العربي التي سبقت سوريا.
مبادرات: من جنيف الى موسكو
ناتجاً لسببين هما تعنت وإجرام النظام، وفوضى المعارضةن فإن جهود مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الابراهيمي، وصلت الى طريق مسدود، في مبادرة جنيف 1و2، والتي تشكل قاعدة موضوعية للحل السياسي الذي تبنته كافة الأطراف الدولية، كمخرج وحيد لحلّ الصراع وإشكالياته وتداعياته في سورية والمنطقة.
الاختلاف على تفسير بنود المبادرة، وفرض التفاوض على الطرفين على الرغم من عدم جهوزيتهما و عدم إيمانهما بذلك، قاد على توقف التفاوض دون إحراز اية نتائج تذكر في جنيف2. بل إن الوضع تطور استمرارية وتصاعد وتيرة ارتكاب المجازر والقتل، مع تعزيز فكرة لا أفق لأي تسوية، لدى المجتمع السورين على طرفي الصراع، ونمو روح الانتقام.
في الغالب، مهمة دي ميستورا، قد تواجه المصير نفسه، سوى العمل على انجاز المصالحات المحلية في بعض المناطق والبلدات السورية، التي يشدد النظام حصاره عليها وتدميره الممنهج لها، بهدف إعادة السيطرة عليها وإخضاعها، مقابل إخراج المقاتلين منها، وإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة اليها.
الساحة السورية مغرقة بالخلافات والتجاذبات بين الأطراف الداعمة، ثمة اختناق في عنق الزجاجة، يعطل قوى المعارضة من المبادرة الى إيجاد حلّ، يمكن أن تحظى بقبول الأطراف الدولية. ولا زالت وثيقة جنيف 1 تمثل المبادئ الأساسية التي تدور من حولها جميع الأطراف، في حالة انتقائية لتدوير الزوايا الحادة، مع التبني الدولي لها كصيغة للتسوية ، بمثابة إيقاف مؤقت للقتل. لقد تركت القوى الاقليمية والدولية السوريين، كي تدفعهم الفوضى الدامية، الى تفاهمات حول مرحلة انتقالية، في الحدّ الأدنى. تريد المعارضة التفاوض مع النظام، على شئ واحد، هو رحيله. بالمقابل لا يقبل النظام التفاوض سوى على هيئة حكم انتقالي، ويضيف شروطاً تعجيزية أخرى تقود الى المستحيل. ولا شك ان تفاهم موسكو الأخير مع الخطيب، بشأن تمثيل " معارضة الخارج" في وفد تفاوضي، يعتبر تجاوزاً لشرط النظام في " الحوار" مع اطراف داخلية فقط، وهو تطور مهم، أيدته واشنطن، ما يعزز تجاوزاً مؤقتاً دور مؤسسات المعارضة القائمة اليوم بالنسبة لمسألة إعادة إطلاق العملية التفاوضية.
يتزامن ذلك مع تواصل جهود التفاوض والمصالحات، في الداخل بين النظام، وقادة المجتمعات المحلية، تدعمها مؤسسات دولية بصورة غير مباشرة. يضاف الى ذلك مبادرة دي ميستورا لتجميد الوضع في حلب، وهو يحمل مؤشرات مأزق النظام، في الوقت الذي تقترب فيه داعش والنصرة باتجاه حلب، مع فشل قوات التحالف في وضع نهاية لمعركة كوباني/عين العرب.
___________
• كاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة