الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيلم القصير ,, بين البناء الدرامي والاحساس الزمني

دريد خضير الموسوي

2014 / 11 / 13
الادب والفن


سأعود بذاكرتي الى المرحلة الجامعية وتحديدا في المرحلة الثالثة حين طلب منا الأستاذ الدكتور جاسم الصافي استاذ مادة الاخراج في قسم السمعية والبصرية في كلية الفنون الجميلة عمل فيلم قصير مقتبس من قصيدة ( عند بائعة الزهر ) للشاعر الفرنسي جاك بريفير , وعند عرض تلك الافلام المنجزة من قبل طلاب القسم لاحظت ان 90 % يفضلون اخراج الاحداث كما وردت في النص وبتسلسل احداثها مع مراعاة تغيير بيئة النص الى البيئة العراقية
و8 % فقط يفضلون اخراج العمل بتسلسل مغاير لما ورد في النص كالبدء من النهاية او البدء من وسط النص اما 2% هم من حاول اخذ الفكرة من النص واضافة احداث من خياله فكنت انا وزميل لي من اخذ فكرة النص فقط واضاف احداث من خياله على الفيلم
فالفيلم القصير هو نوع من انواع الافلام السنمائية والذي يتميز بقصر وقته الذي يتراوح بحسب التصنيفات من دقيقة إلى 30 دقيقة وما زاد على ذلك يعتبر من الافلام المتوسطة او الطويلة او مايطلق عليها بالروائية او الملحمية
ينطبق على الفيلم القصير نفس المميزات والخصائص التي تنطبق على انواع الافلام الاخرى من فكرة وسيناريو وحبكة ودراما وذروة ونهاية وهذا النوع يمتاز بصعوبته لأنه عليك ان تشد المتلقي وتطرح فكرتك وتؤثر بالمشاهد بتواتر الاحداث وحبكتها الدرامية وذروتها وحل الحبكة ونهايتها بعدد قليل من الدقائق .
هناك فكرة خاطئة شائعة في الاوساط الفنية تقول على المخرج ان يبتدأ بأخراج الافلام القصيرة كبداية له ليتمكن من اخراج الافلام الطويلة وفي الحقيقة هذه الفكرة خاطئة جدا وسأثبت لكم ذلك بسهولة بالغة , لابد انك قرأت يوما ما قصة او رواية او ملحمة او مسرحية من مسرحيات وليام شكسبير لنفترض مثلا مسرحية ماكبث لوليام شكسبير فكيف تقوم بأخذ فكرة المسرحية وتجسيدها بفيلم مدته 20 دقيقة عليك ان تكون مدرك تماما لماهية صناعة الفيلم بكل جوانبه الفنية والتقنية لأخراج الفيلم بينما لو كان فيلما طويلا يكون سرد القصة كما هو متواتر في نص المسرحية الاصلية مع تصرف بسيط
يمكن اعتبار الفيلم القصير كبطاقة تعريف للمخرج.
ولا يمكن اعتبار سيناريوالفيلم القصير حكيا سينمائيا مختصرا أو مصغرا، في حقيقة الأمر كتابة هذا النوع من السيناريوهات تتطلب نفس الحرفية و الفنيات ولكن بشكل أصغر.
رغم أن التلفزيون والقنوات الفضائية ليستا مفتوحتين بما فيه الكفاية لهذا النوع من الأفلام ، الا انه بدأت تظهر طرق جديدة و متعددة لعرض و مشاهدة هذا النوع من الإبداع عبر الوسائط الإعلامية و على الشبكة العنكبوتية، والمهرجانات الثقافية كتب أحد النقاد (من السائد سابقا أن الأفلام القصيرة عبارة عن مأمورية أو مهمة تحت الطلب)، الآن و مع تطور التكنولوجيات الجديدة، أصبح الفيلم القصير شيئا قيما و مهما في الفن السابع ، و أصبح له متبعوه و عشاقه من الناس العاديين، أصبح الكثيرون يصورون هذه النوعية و يضعونها على الإنترنت، و لم نعد في حاجة لأن نشرح للناس عن ظاهرة إسمها الفيلم القصير، الكل أصبح يشاهده
بعد كل ماتقدم وجدت ان هناك 7 قواعد لكتابة سيناريو لفيلم قصير:


اولا : إجعل فيلمك أقصر
إجعل فيلمك أقصر، سيخفض ذلك تكاليف الإنتاج، تمنحك الكاميرا الرقمية حرية أكبر بمصاريف أقل، ولكن الزمن يبقى ثمينا، ولا تتسرع في تنفيذ مشروعك فسيبدو فيلمك هاويا ورخيصا، وإذا كنت ترغب في إرسال عملك إلى المهرجانات حاول أن تكون مدته 10 دقائق، و يكون أفضل إذا لم تتعد 7- 8 دقائق ..لماذا ؟ تحاول المهرجانات عادة عرض أكبر عدد من الأفلام في الفترة المخصصة لذلك، عموما بإمكانك أن تنال رضى و استحسان المتفرجين عن عمل لا يتعدى الدقيقتين فقد حضرت يوما مهرجانا للأفلام القصيرة في المنتدى الفرنسي وفاز وقتها فيلما كرتونيا كانت مدته دقيقتين تحكي عن دبابة تحمل العلم الاسرائيلي تسير فوق زهرة جذورها تشكل كلمة فلسطين حينما تمرالدبابة تقف الزهرة مرة اخرى تعود الدبابة لسحق الزهرة مرة اخرى ولكن الزهرة تبقى واقفة شامخة وينتهي الفيلم
ثانيا : لاتنسى القواعد الأساسية في كتابة السيناريو
من مميزات كتابة سيناريو الفيلم القصير أنك تستطيع أن تكتب ما تشاء، وكيف تشاء، فأنت معفى من صداع الرأس الذي تفرضه شركات الإنتاج، لا أحد يفرض عليك ما تقوم به، عادة مايقوم المبتدئون بتأليف مشاهد مطاردات وإنفجار سيارات، وكثيرمن المبتدئين لا يأخذون في الحسبان ما تحتاجه تلك المشاهد من مال وجهد ، عليك أن تحسب كم سيكلفك كل سطر مما تكتبه ، بإمكانك طبعا أن تكتب مشهدا فيه دبابة تسير في مدن دمرتها الحرب اسأل نفسك اولا هل تستطيع تنفيذ هذا المشهد على الواقع ، او هل انت بارع في تنفيذ الخدع الرقمية ، أكتب حسب ما هو ممكن و متاح.
ثالثا : عبر بالصورة
الفيلم هو الصورة لا تحك للناس القصة أرهم صورا هذه هي القاعدة الأساسية في كتابة السيناريو، هكذا يكتب الراسخون في هذا الفن، السينما هي وسيلة تعبير و حكي بالصورة و اللوحات ،و هي أكثر الطرق إقتصادية في إيصال ما تريد التعبيرعنه للمتلقي، حاول إبراز خصائص شخصياتهم ، أحاسيسهم ، مكانتهم الإجتماعية ، عملهم ، أفعالهم بالصورة
رابعا : إبحث عن مواقف مشوقة
أفضل الأفلام القصيرة هي تلك التي تعبر عن موقف معين ، يجب أن يخفي ذلك الموقف في طياته قصة بأكملها، ماذا نقصد بالقصة هنا؟ هوذلك الموقف أو تلك المشكلة التي تقف في طريق الشخصية الرئيسية ، حاول أن تجعل الموقف مرتبطا بزمن محدد ، إجعل ذلك مرتبطا بدقات الساعة مثلا ، طبعا التقيد بهذا المثل ليس ضروريا ولكن إضفاء طابع التشويق يبقى مهما بالنسبة لأي فيلم
خامسا : إحك قصة
عليك دائما أن تحكي قصة مشوقة، إحذر من القصص ذات المواضيع أو الرؤى العامة ، أو تلك التي تبنى على مبدأ خالف تعرف ، الفيلم القصير طريقة رائعة و مهمة لتوسيع آفاق الحكي السينمائي ، يجب أن تحمل القصة شيئا يشد المتفرج باختصار إذا لم يكن فيلمك قصيرا جدا للغاية فيجب أن تكون فيه شخصية البطل الذي يحاول حل معضلة ما تقف في طريقه و شخصية أو شيئ ما يحول بينه وبين تحقيق ذلك

سادسا : حاول إثارة إنتباه المتفرج
عندك قليل من الوقت فقط لتكسب الجمهور و تثير إهتمامه، صفحة من سيناريو فيلم قصير تعادل 10 صفحات من آخر طويل، ماهو المحيط الذي تدور فيه الأحداث ؟ هل علينا أن نتعاطف مع البطل ؟ هل تبدو القصة واقعية ؟ نهاية الفيلم بالغة الأهمية ، ويصعب على المتفرج تقبل تلك النهايات العادية ، لذلك حاول أن تعمل على النهاية فعادة هي التي تبقى راسخة في ذهن المتفرج
سابعا : إبتعد عن الكليشيهات الجاهزة
لماذا تتكر الكليشيهات والمواضيع المستهلكة في الأشرطة القصيرة ؟ لماذا يحاول أغلبية المخرجين تناول قصص القتلة المأجورين واللصوص، ومواضيع الموت و الخيانة الزوجية و الإغتصاب إلخ إلخ، إبتعد عن المواضيع الشائعة و المكررة ما لم تكن قادرا على معالجتها بشكل جديد أو لك رؤية سينمائية طرية . فمن المواضيع الشيقة التي رأيتها كان فيلما قصيرا بعنوان (حذائي) للمخرج الشاب الإيراني نيما رؤوفي الحائز على جائزة افضل فيلم قصير بالعالم لا يتجاوز 3 دقائق يحكي قصة طفل فقير يرتدي ملابس ممزقة وحذاء ممزق ايضا.
ويشاهد بجانبه طفل يرتدي ملابس انيقة وحذاء جديد يغلق الطفل الفقير عينيه ويتمنى ان يكون مكان ذلك الطفل وان يكون الطفل الاخر مكانه وفعلا تتحقق امنيته ولكن يجد مفاجأة بأنتظاره الا وهي ان الطفل الانيق الغني هو مقعد ولايستطيع المشي وبذلك يفرح الغني بتبادل الادوار كونه اصبح يستطيع السير بينما الفقير اصبح غنيا لكنه مقعد فكرة الفيلم تتجسد بالرضى بما قسمه لك الله سبحانه وتعالى ولاتنظر الى الغير
وأخير اود ان اقول
أكتب عن الأشياء القريبة إليك، أكتب عن الأشياء التي تثير شيئا في أحاسيسك، لا تحاول تقليد أفلام رأيتها، ولا تبتعد عن الإطار القصير الذي يحكم هذا النوع من الأفلام، حاول أن تحكي قصصك كسينمائي محترف، حاول أن تشاهد أكبر قدر ممكن من الأفلام القصيرة كمتفرج، سيساعدك ذلك على العمل كمبدع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع