الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدية العمل

دروست عزت

2014 / 11 / 15
مواضيع وابحاث سياسية



الجدية في العمل والإيمان به وقدسية الوقت ..
هذه هي الحياة من بداية تكوينها وحتى يومنا هذا وستبقى هكذا .. يبقى الإنسان ككرة بين أمواج القدر وحظوظه .. وكما تبقى بعض الأمم هي أيضاً بين حظوظها ومواجهتها لقدرها حسب المرحلة والظروف والإمكانيات الذاتية والموضوعية ..
كم من فاشلٍ أنقذته صدف الحياة إلى الأعالي بدون تعب .. وكم من أهل الشيَّم قذفتهم تيارات القدر إلى حيث لا يستحقونها وهم يسعون ويحاولون بالرغم من الجهد والتعب ..
وكم من الأرواح طارت وسارت في السعي للجمال وللمحبة وأُقتُنصَت بغدر القدر والقذرين .. وكم من قاماتٍ ماتت محرومة من لقمة العيش وهي ومليئة و غنية بالعطاء ..
وكثيرون أبتعدوا عن ترابهم وأُقتلعوا من جذورهم بدون عودة ٍ ولم يُثبتوا ولم يستقروا في الجديد كما كانوا يشتهون .. فأكلهم العمر والزمن .. وتغيرت كل ملامحهم وكأنهم غير من كانوا من ذي قبل .. غزتهم الشيبة بالبياض .. وتتبخر فيهم رطوبة الحياة ونشاطها .. وجفت فيهم كل الأطراف .. ورسمت تجاعيد الوجه بأثلام الهم والتعب .. وإذ بأيام عمرهم تتساقط كأوراق الخريف أمام عواصف الحياة وزوابعها .. وهم ينتظرون ساعة المعاد والرحيل .. ويكونوا كما لم يكونوا ..
وكم منهم عادوا إلى الجذور وإذ بهم لا ينسجمون بقديمهم .. ولا القديم يقبل منهم جديدهم فيبقون غرباء عن القديم والجديد .. فتتعطل فيهم الأفكار وينشلون أمام إتجهات السير .. فيعيشون في ضبابية مراحلهم الأخيرة .. ولهذا علينا أن نعرف كيف نتعامل مع الوقت إن كنا حقاً نؤمن بالرسالة التي نحملها للبناء وللجمال حتى ننجح و تستق نفوسنا في مأمن ٍ من الصعوبات والأخطار والفشل ..
فعلى كل فردٍ أن يعرف بأن عامل الوقت هو المهم والأهم .. وعليه أن يعلم بأن كل ما يخسره هو جزء من عمره وثروته الحياتية .. وكل يوم يخسره يقترب به من أجله المحتوم الذي لا بد منه .. فعليه أن يستفيد ويفيد .. وإلا سيكون كما لم يخلق وسيرحل دون أية معنى لوجوده الخالي من العطاء ..

فكل ثانية من العمر هي مكلفة على كل إنسان ٍ من الذين يؤمنون بالنضال والعمل لتحقيق أهدافهم السامية وما يصبوا إليها من تغيرات نحو الأفضل لمجتمعاتهم .. فتجارب الحياة هي لتصقيل الإنسان ... فمنها ما فادت وعلمت , ومنها ما دمرت وقتلت ..
فالشعوب التي ناضلت وأنتصرت كانت تعمل وتجتهد لبناء ذاتها لتصل إلى تحقيق أهدافها .. بالرغم من إن الكثير منها أستخدمت التحايل والخداع في سبيل أن تصل لغاياتها والكثير الأخريات أستخدمت القوة لترضخ غيرها وكانت تبيح لنفسها كل المبررات لتحقق أهدافها وغاياتها من أجل مصلحتها التي هي مكمونة فيها ذاك التحايل وتلك القوة والتي كانت خالية من الإنسانية والروح الحضارة ..

أما نحن الكورد بالرغم من إننا ندفع الدماء ونناضل من أجل حقوقنا وأرضنا وعلى أرضنا فمازلنا نترنح تحت نير الجهل السياسي والنزعات الشخصية .. ونتعامل في عصرنا الجديد بعقلية قديمة مستهترين بأنفسنا وبالوقت والواقع والعدو معاً .. فيرى كل منا كأنه المنقذ الوحيد والقاهر العدو .. وهو الذي يملك الحقيقة ولا غيره .. وهو المفكر وداهية زمانه .. فإذا تحزب فلم يرى أحد غير حزبه . . وإذا كان مستقلاً فيتهم الكل ممن يحيطونه من الحزبيين والمستقلين .. ويرى بأنه هو بوصلة الطريق هذا على مستوى الفرد .. أما على مستوى الأحزاب فتراها تهمش حليفها الكوردي عند أية سيطرة أو مجال للتحكم بالأمر أو بالوضع ويقصيه من العمل والحرية في التفكير إلا إذا كان ذاك من ضمن تفكيره هو فقط وتحت سلطته وتسلطه.. دون أن يدركوا بأن ما يفعلونه هو مرض يستعمرهم للعدو قبل أن يستعمرهم العدو .. وهو مرض الدونية .. مرض يمسخ الروح للأخرين وتتوحش على ذاتها ...

لو كان هنالك وعي ٌ قومي حقيقي لدى تلك الجهات ومعافية من الأنا المريضة .. لكانت فكرت بذلك ولأحترمت نفسها وأحترمت عامل الوقت والواقع لمواجهة عدوها الذي يهتك عرضه ويفتك به .. ولكانت قد أحتضنت بعضها البعض من الحزبيين والمستقلين معاً وإن أختلفت مع بعضها .. لأن الصراعات والنضال لتحقيق دول تحتاج إلى جهود الكل وبحرية الحركة للكل وبروح تفاني الكل من أجل القضية .. وبعيدة عن روح التحزب الأعمى الخاسر بالتأكيد ..
أما ما نراه اليوم .. إن روح الفردية والتحزب هي فوق القضية عند البعض .. وبدلاً من أن تخدم وتربي الأجيال وأنصارها من أجل القضية نراها تستخدمهم من أجل قهر جزءه الأخر من القوى الموجودة حتى لتتمكن من السيطرة على المجتمع و على أن تعمل على صهره في بوتقة روح التحزب الضيقة والمريضة المتخلفة ...
هنا علينا أن نعرف كم أخطأنا في حق شعبنا الذي هو الوحيد الخاسر من عملية التجاذبات والنزعات بين الأحزاب الموجودة .. دون أن تهتم تلك الأحزاب بقيمة الوقت وتربية الجيل وخطورة العدو عسكرياً وفكرياً وإقتصاديا ً على شعبنا الذي لم يرى يوما نفسه حراً من عدوه .. واليوم لا يرى من أحزابه نفسها .. بسبب روح التحزب لديها والتي زرعت الكره والحقد لدى الجماهير ..

دروست عزت / السويد
14/11/2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فريق تركي ينجح في صناعة طائرات مسيرة لأغراض مدنية | #مراسلو_


.. انتخابات الرئاسة الأميركية..في انتظار مناظرة بايدن وترامب ال




.. المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين يزور إسرائيل لتجنب التصعيد مع


.. صاروخ استطلاع يستهدف مدنيين في رفح




.. ما أبرز ما تناولته الصحف العالمية بشأن الحرب في قطاع غزة؟