الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحزاب الدينية السياسية وفشل المشروع الديمقراطي العربي

فهد احمد ابو شمعه

2014 / 11 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


هل نحن العرب مؤهلين ثقافيا وناضجين سياسيا لممارسة الحياة الديمقراطية ؟ واقع الحال يقول لا .. بدليل انه مازالت التجربة الديموقراطية فى العالم العربي فاشلة , والبحث في اسباب فشلها يطول , فالديمقراطية ليست مجرد اسلوب حكم انما هي نهج وثقافة واستحقاق تراكمي مرتبط بتطور الوعي ان فشل الدول العربية جميعها باقامة اي نظام ديمقراطي حتى الان , هو امر مثير للاحباط , كما ان تقاعص الشعوب العربية عن المطالبة الجادة بالديمقراطية هو دليل على ان المجتمع لم ينضج كفاية للدرجة التي تؤهله لان يدرك ان الديمقراطية هي ضروره ملحة في هذا العصر الذي نعيش فيه .
ونحن في العالم العربي واقعين بين امرين خيرهما مر اما القبول بانظمة حكم شمولية و دكتاتورية في الغالب او ديمقراطية - في حال تحققت - ستجلب لنا احزابا دينية سياسية , ففي ظل الثقافة السلفية الملقنة والسائدة اليوم في المجتمعات العربية فان الاحتكام للديمقراطية ولصناديق الاقتراع على الاغلب سيجلب لنا احزابا دينية يكون اعتمادها في وصولها الى السلطة على اصوات العامه والاميين والمغيبين والذين تم ادلجتهم واستقطابهم عبر المساجد وفضائيات الاعلام السلفي , بل وصل الامر الى اصدار فتاوي بتكفير من يعطي صوتة لغير الحزب الديني , كما حدث في حملة الاخوان الانتخابية في مصر .. اذن فما جدوى اي ديمقراطية ان كانت ستأتي لنا باحزاب دينية الى سدة الحكم والتي بالتالي ستخضع المجتمع لاملاءات فقهية اجتهادية بحسب مزاج ابن تيمية وابن حزم .
لا يمكن للديمقراطية ان تتحق على اكمل وجه الا بتحقق وجهها الاخر وهو العلمانية اي بفصل الدين تماما عن الحياة السياسية كما لايمكن تحقيق العلمانية بشكل حقيقي وباكمل وجه الا بتحقق الديمقراطية فهما مفهومان متلازمان , تطبيق احدهما مشروط بتطبيق الاخر .
فالدين كجزء من البنية النفسية لنسبة كبيرة من الناس لا يمكن الغاءه من حياة البشر , وليس مطلوبا ذلك , ولكنه كشأن شخصي تتحقق استقلاليته بشكل افضل في ابعاد السياسة عنه بحيث لا تستخدمه طوائف او مذاهب او فئآت معينة وتحكم به بحسب فقهها الخاص وبحسب عقليتها وفهمها الخاص لنصوصه , وتتحكم في صياغته وادلجته على هواها , ناهيك عن الخلافات الذاتية العميقة بين الطوائف والمذاهب المتعددة في الدين الواحد حيث تدعي كل واحده منها بانها وحدها التي تمتلك الحقيقة الالهيه والدينية المطلقة الصالحة للحكم .
لا تضمر الاحزاب الدينية اي احترام للديمقراطية ولا تؤمن بها وهي ليست ضمن ثقافتها او مرجعيتها ولكنها تستغلها كبوابة للوصول الى سدة الحكم - اي ان قبولهم بمبدأ الديمقراطية ليس الا مناورة للوصول للحكم - ومن ثم محاولة العمل على تقويضها , وهم ايضا يعتبرون ان فوزهم في الانتخابات هو تفويض مطلق لهم لابتلاع الدولة , واعادة تشكيلها بحسب رؤياهم ومصالحهم وهذا مافعله الرئيس المصري الاخواني محمد مرسي حيث بمجرد وصوله الى السلطة بدأ بالعبث بالدستور وبطرح المشاريع التى من شأنها تمكين الاخوان من بسط كامل السيطرة على مؤسسات الدوله وعلى مجمل النواحي الحيوية في الدولة ( ولايعني هذا اني اؤيد الانقلاب العسكري الذي حدث ضد مرسي فان كان مرسي قد حاول قطع ايدي وارجل الديمقراطية فالانقلاب كان بمثابة اعدام تام لها ).
كذلك فعلت حماس كحزب ديني سياسي حين وصلت الى الحكم متسلقة على سلم الديمقراطية ولكنها سرعان ماضاقت ذرعا بالديمقراطية فقامت بانقلابها الدموي الذي احدث انقساما وشرخا في وحدة الصف الوطني الفلسطيني ونتج عنه آثارا سلبية خطيره على القضية الفلسطينية وما زال هذا الانقسام قائما ويعاني منه الشعب الفلسطيني وسيحول دون انجاز اي مشروع وطني تحرري مستقبلي متكامل .
كذلك فان مشكلة الاحزاب الدينية السياسية انها لا تمتلك برامج حقيقية لحل مشاكل المجتمع وتلبية احتياجات الناس , ولا تمتلك رؤيا او مشروع سياسي وطني مستقل بل في الغالب تنفذ اجندات خارجية مما يخضعها لاعتبارات متعدده , فلاتكون مصلحة الوطن بالضرورة على رأس اولوياتها , لذلك ستشكل الاحزاب الدينية السياسية باستمرار عقبة كأداء في طريق اي مشروع ديمقراطي عربي حقيقي .
بالاضافة الى ذلك فقد اجتمعت عدة عوامل عملت على عرقلة اي توجه نحو الديمقراطية في الوطن العربي :
قيام انظمة الحكم الشمولية على امتداد الوطن العربي طوال الوقت بعرقلة اي توجه نحو الديمقراطية كما قامت باضطهاد احزاب المعارضة ذات التوجه الديمقراطي العلماني متهمه اياها بالكفر حينا وبالعمالة لدول اجنبية حينا اخر وقد ساندها في ذلك رجال دين ممن اطلق عليهم لقب (وعاظ السلاطين ).
وعامل اخر هو نسبة الامية المرتفعة في دول الوطن العربي والامية تعني فيما تعنيه الجهل اي غياب الوعي , فلن يطالب بالديمقراطية شخص لايعي حقوقه جيدا .
وعامل الفقر ايضا الذي جعل من الديمقراطيه مطلبا غير ملح بالنسبة للانسان العربي الذي يكابد من اجل توفير لقمة العيش وادنى متطلبات الحياة فالبحث عن الديموقراطبة والمطالبة بها هو بالنسبة له ترف لايعنيه كثيرا وليس لديه الوقت ليرفع ظهره مطالبا به .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم