الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-كاترينا- المتنية أو سوريا كما تصورها الشعر

محمد هالي

2014 / 11 / 16
الادب والفن


توطئة:
عندما قرأت القصيدة لأول مرة علقت"إنها كاترينا"، ثم استدركت أن التعليق لم يف بالغرض، حاولت أن أرفع القصيدة في ذهني، لكن كلماتها و معناها لم تحمل كاملة ، خانني التأويل، بل أصبح المؤول فوضى من المعاني، و الدلالات، شاركت ما هو مؤول مع بعض الأصدقاء، علق سعيد بصوت عال ، رائعة رددت مثله رائعة، و صببت داء الروعة بـأن تنطق القصيدة، وأن تتحول إلى نثر ليفهما العامة قبل الخاصة، كيف سأبلغ مضمون لغوي خارق إلى نثر؟ كيف أصرخ مع الشاعر بنفس الحب، و الوصف؟ لم أجد جوابا شافيا، لكوني لم أستطع أن أبلغ ما هو متضمن في النص الشعري من صور بليغة، أدركت أن الشعر هو الوحيد الذي له سلطة التبليغ، و بهذا يتحدى قوة النثر، ، تساءلنا سويا من كاترينا إذن؟ قال مرغادي: سفينة، قلت: سوريا، قال: كاترينا لا لون لها، قلت: كاترينا أمة عربية تتفرج على فرجها، بل تغتصب بكارتها، قال: كاترينا لا يفهمها إلا شاعرها ، مبدعها، قد تكون شمعة .. سفينة .. سوريا.. امرأة ...قلت: كاترينا كلام موزون بقافية الشعر ، تأمل كاترينا في قلب الشاعر و ستفهم المتني يخرج شاعرا من رحمها ليصف أمه، حبيبته عشيقته، و بلغة التشريح: سيلان الدم، و الغربة، و التشرد... كل هذه المعاني صنعت كاترينا، لم أستطع أن أحول كاترينا من الكلام الرمزي، إلى الكلام الواضح، ربما أخفقت في القراءة، بل أكثر من هذا مرعوب من القصيدة نفسها، إنها مخيفة، تبدو كشبح يخرج من وسط اللغة يعج بالكلمات،هذا الشبح يختصر المشهد ككل ب"كاترينا"، و رغم هذا فإن هذا الشبح سوف لن يمنع إرادتي في البوح من خلال التأويل فمنه انطلقت القراءة، و منه ستكون النهاية .
1 – فلسفة التقديم:
بلغة الفلسفة تنطلق القصيدة كإضاءة لفهم ما هو غير مفهوم:
" أرغب في إشعال المدينة بشمعة
يوقفني رجل أعمى
يكسر الشمعة نصفين , يغنّي
هكذا يُضاء العقل يا مبصرين"
لتتوقف الرغبة بين الظلام و الإضاءة، بين ثنائية الشمعة و الأعمى، بين الضوء الباهت الذي يتوخى أن ترسله الشمعة، و بين الظلام الدامس الذي يحبده الأعمى، تنهزم الشمعة أمام الأعمى، فيغيب الضوء سواء من طرف الشمعة، أو من طرف الأعمى، فقط إضاءة وحيدة ينتصر بها الأعمى أمام الشمعة، هي إضاءة العقل، فتبرز قوة الأعمى بأنه يملك قوة أقوى من أي نور( العيون و الشمعة) له قوة الفعل بتكسير الشمعة، و له قوة النصح بكون أية إضاءة لا بد لها من أن تكون نابعة من العقل.
ما العقل إذن؟ يجب المتني :" العقل حالة جنون مراوغة" أو هو " شمعة أمام الشمس" إنه " كالإيمان أفيون الفلاسفة"، لنضيف أن العقل هو الذي أنتج كاترينا، و قسمها إلى شطرين: شطر ظل في جوف كاترينا(نصف شمعة الأول) و شطر آخر أرغم على النزوح (الشطر الثاني من الشمعة). و هذا ما سنلاحظه في المقطع الموالي:



2 – كاترينا المنفى و التشرد و اللجوء:


"امرأة تهرب من جسد المدينة نحو البحر
يلحق بها رهط من السكارى المنشدين
خذينا إلى البحر
إلى جسد سفينة مثقوب من الحب لنغرق
خذينا وارمينا في قاع الصمت أشجار ليمون
لم نُزهر كالمصابيح
لم تلفخنا شمس بظلها
تحملهم كاترينا في رحمها أجنة للموت
تركل خطاها وتتقيأ منياّ يشبه ماء البحر"
هناك تموج فكري عميق تتداخل فيه النسوة بالمياه، فتنغرس الصخور بالرمال، و المياه، و تتوالد النسوة من النسوة، وتتحول النسوة إلى أشياء، وتتحول الدلالات بين البقاء في كاترينا، و الهروب منها عبر كاترينا، الى كاترينا، لهذا فالمرأة الهاربة من المدينة الجسد، لم تكن سوى سفينة خرجت من جوف سوريا قاصدة الغربة و الهروب، و هي تحمل في جوفها مهجرين إلى المجهول. بلغة العقل المراوغ يسبح بنا المتني في فضاءات العقل المتخيلة، مما يفتح إيديولوجيا التأويل للقصيدة بربط الفكر بالواقع، لأن الشاعر لا يمكن فصله عن واقعه المعاش مهما ادعى البعض بأن لغة الفن لا ينطبق عليها هذا التأويل، من خلال رفض سمو التفكير أمام دناءة الحس، و رفضا لهذا الطرح، أرى أن الالتحاق بالمرأة ما هو سوى بشر أسكرتهم الدماء الحمراء السائلة في كل الشوارع، أسكرتهم جرائم الاستبداد الأسدية، فلم يجدوا سوى مرتعا للهروب إلى المجهول، بدون هدف، و لا اتجاه، لا شيء يرضي العقل سوى النجاة و الهروب، لا تهم الوسيلة المهم الوصول إلى التياهان، كل ما في الأمر سوى البحث عن ضوء شمعة باهت يصوب الاتجاه نحو البحر، لأن هو المنفذ الوحيد للنجاة.
يبدو المقطع شيقا للدخول إلى ماهية كاترينا المفصلة شعريا، و الذي سيأتي الحديث عنها فيما بعد، لأن فلسفة القصيدة تمنعك من الذهاب إلى النثر، نتيجة الطابع الفني المتموج و المتقلب المعاني، دوافع كاترينا، و السكارى للهروب كثيرة، و شعريا تظهر من كون " أشجار ليمون
لم نُزهر كالمصابيح
لم تلفخنا شمس بظلها"
و في ظل قتامة المشهد، تكون الرحلة للسكارى مثل " أجنة للموت"، يخرجون من رحم كاترينا السفينة، التي هي مجرد نصف شمعة التي كسرها الأعمى، تختلف عن كاترينا الأصل(نصف الشمعة الآخر)، التي بقيت تئن من جراء الآلام التي تكالبت عليها من كل الاتجاهات، التقى فيها الأعداء و الأصدقاء في آن واحد، فلم يعد البحر سوى بوصلة بين كاترينا اللجوء، و كاترينا الأم، عبر كاترينا السفينة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل ومواعيد حفلات مهرجان العلمين .. منير وكايروكي وعمر خي


.. «محمد أنور» من عرض فيلم «جوازة توكسيك»: سعيد بالتجربة جدًا




.. فـرنـسـا: لـمـاذا تـغـيـب ثـقـافـة الائتلاف؟ • فرانس 24 / FR


.. الفنانة نجوى فؤاد: -أنا سعيدة جدًا... هذا تكريم عظيم-




.. ستايل توك مع شيرين حمدي - عارضة الأزياء فيفيان عوض بتعمل إيه