الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاقات الانتاج في المجتمع الشيوعي

حسقيل قوجمان

2014 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


علاقات الانتاج في المجتمع الشيوعي
كتب الاخ فاضل خليفة تعليقا عى احدى مقالاتي ينصحني فيه الا اقول النظام الشيوعي فيقول "أما السيد حسقيل فيرتكب خطأً عندما يقول -النظام- الشيوعي" ويقول "لا علاقات إنتاج في الشيوعية ولا حقوقاً" ويقول "الشيوعية هي أصلاً ضد الأنظمة التي تقررها علاقات الإنتاج" وينصحني بقوله "ليقل حسقيل الحياة الشيوعية وليس النظام الشيوعي"
لكي نبحث هذا الموضوع علينا ان نبدأ في المصطلحات حسب ترتيبها التاريخي والعلمي. فلا نستطيع مناقشة علاقات الانتاج قبل الاساس الذي تنشأ بموجبه، وهو الانتاج.
الانتاج في مختلف مراحل تاريخ المجتمع البشري هو عمل الجانب الانساني على الطبيعة لتحويل بعض مظاهرها الى الشكل الذي يستطيع استخدامه في حياته. والقوى المشتركة في الانتاج، هي اولا الانسان العامل على الطبيعة وثانيا الطبيعة التي يعمل عليها واسما ذلك كارل ماركس قوى الانتاج. فقوى الانتاج هي الاساس في تكوين وتحول المجتمعات البشرية في كل مرحلة من مراحلها.
منذ نشوء الانسان كان يعمل عملا اجتماعيا. لم يكن في مقدور الانسان ان يعمل ويجابه منفردا الصعوبات التي تفرضها عليه ظروف العيش القاسية في تلك الطبيعة. فمثلا اذا كان يريد اصطياد الماموث، الحيوان الضخم كالفيل، لم يكن بمقدوره ان يعمل وحده بل كانت جماعات من البشر تعمل سويا من اجل اصطياده. ونتيجة لهذا العمل المشترك كانت تتكون علاقات معينة بين هؤلاء الصيادين تحدد كيفية امتلاك الفريسة وتقسيمها وتوزيعها. هذه العلاقات القائمة بين هؤلاء الصيادين اثناء الانتاج هي علاقات انتاج. فعلاقات الانتاج هي العلاقات التي تنشأ بين قوى المجتمع الانتاجية من حيث امتلاك واقتسام الانتاج وتوزيعه. فعلاقات الانتاج في كل مرحلة من مراحل تطور المجتمع هي العلاقات التي تنشأ بين المنتجين اثناء الانتاج في تلك المرحلة. فاذا كان هناك انتاج بشري لابد ان تكون بينهم علاقات تقرر كيفية امتلاك المواد المنتجة وتوزيعها. ليس هناك انتاج اجتماعي بدون علاقات انتاتجية.
قوى الانتاج في المجتمع في اية مرحلة من مراحله وعلاقات الانتاج الناشئة على اساس عملها تشكل معا الاساس الاقتصادي للمجتمع. وعلى هذا الاساس الاقتصادي ينشأ الصرح العلوي لهذا المجتمع. وهذا الصرح العلوي هو النظام الاجتماعي في المرحلة التي يمر بها الاساس الاقتصادي.
حين كان المنتجون يمتلكون الانتاج الاجتماعي فيما بينهم اي حين كانت علاقات الانتاج علاقات شيوعية كان النظام الاجتماعي نظام المشاعية البدائية. كانت هذه العلاقات الشيوعية البدائية مفروضة على المجتمع حين لم يكن يستطيع انتاج ما يكفي لمعيشته. فحين يكون الانتاج شحيحا لا يكفي لمعيشة المنتجين لا يمكن لاي منهم ان يستولي على الانتاج ويحرم الباقين من تناول حصتهم منه الضرورية لسد رمقهم.
ان قوى الانتاج، الانسان والطبيعة التي يعمل على تغييرها، دائمة التطور. فكل تطوير في ادوات انتاج الانسان يؤدي الى زيادة الانتاج والى تطوير جديد لادوات الانتاج. وهذا التطور لا يتوقف ولن يتوقف ما دام الانسان على الكرة الارضية. وهذا ما حصل في تطور انتاج المجتمع الشيوعي البدائي. لقد ادت زيادة انتاج المجتمع الى امكانية وجود بعضهم يحصل على معيشته من الانتاج بدون ان يشترك في عملية الانتاج لاسباب مختلفة تضطر المجتمع على توفير المواد له بدون ان يعمل في الانتاج. وتطور هذا الى نشوء الملكية الشخصية. والملكية الشخصية تعني ان انسانا يمتلك جزءا من الانتاج بدون ان ينتجه بنفسه بمختلف الاسباب. ونشوء الملكية الخاصة ادى الى وجود اشخاص يمتلكون اجزاء كبيرة من الانتاج بحيث اخذت تتميز المجتمعات الى شكلين من الناس. فئات تعمل على الانتاج وفئات تستولي على الانتاج بمختلف وسائل تحقيق ذلك. وهذا ما يسمى تاريخيا انقسام المجتمعات الى طبقات. طبقة كادحة تعمل على الانتاج وطبقة تستولي على كميات من الانتاج من دون ان تعمل على انتاجه.
وكان على هذه الطبقة التي تستولي على الانتاج بدون ان تعمل في انتاجه ان تتخذ جميع الوسائل لاجبار العاملين على الانتاج على الخضوع والاذعان فنشات الدولة. فطالما كان الانتاج الشيوعي البدائي قائما لم تكن ثمة حاجة الى وجود دولة ولكن حين انقسم المجتمع الى طبقات نشأت الحاجة الى نشوء الدول. نرى من كل ذلك ان هذه التغييرات تنشآ في الصرح العلوي للمجتمع على اساس تطور الاساس الاقتصادي، قوى الانتاج وعلاقات الانتاج المناسبة لها.
منذ بداية انتاج الانسان كانت قوى الانتاج تتكون من ثلاث اقسام. الانسان العامل على الطبيعة، والارض التي يعمل عليها والالات التي يستعملها الانسان في العمل على الطبيعة. كانت اهمية اي من هذه الاقسام الثلاثة تتغير وفقا لتطور قوى الانتاج. في البداية كانت الاهمية الكبرى لمواصلة الانتاج في المراحل الدنيا من مراحل المجتمع الطبقي هي الانسان العامل. وكان على الطبقة الحاكمة لهذا السبب ان تستولي على اداة الانتاج الاهم، الانسان، ما ادى الى استعباده. فكانت هذه المرحلة من مراحل التطور الاجتماعي مرحلة المجتمع العبودي وكانت اداة الانتاج الاساسية هي العبيد. وانتاجات هذه المرحلة التي ما زلنا نراها المسماة عجائب الدنيا ونتفاخر بها هي من انتاج ملايين العبيد بالدرجة الاولى. كانت انجازات كالاهرام والجنائن المعلقة وغيرها من عجائب الدنيا انجازات المرحلة العبودية حين كان الانسان العبد اداة الانتاج الرئيسية.
ولكن تطور قوى الانتاج مستمر ومتواصل ولن يتوقف عند اية حدود. تطورت الزراعة الى درجة كبيرة واخذت تتفوق على اعمال العبيد في اهميتها للانتاج. اصبحت الارض اداة الانتاج الهامة وتحتم انتقال ملكية الطبقة الحاكمة من طبقة اسياد عبيد الى مالكي الاراضي الزراعية. فكانت المرحلة الاقطاعية في تاريخ المجتمع البشري.
ادى تطور قوى الانتاج خلال المرحلة الاقطاعية الى ان اخذت تتطور الاهمية الكبرى في الانتاج للالات التي يستخدمها الانسان في الانتاج فاصبح مالكو ادوات الانتاج الطبقة الحاكمة الجديدة فانتقل المجتمع بالضرورة الى المجتمع الراسمالي الذي نعيشه حتى الان.
نرى ان هذا التاريخ كله كان يحصل على اساس تطور قوى الانتاج، الانسان والارض والالة التي يستعملها. وان تطور قوى الانتاج هو الذي يؤدي بالضرورة الى تغير علاقات الانتاج. وتطور قوى الانتاج وعلاقات الانتاج المناسبة لها يؤدي تحقيق ما تحقق وادى الى التحول من مرحلة اجتماعية الى المرحلة التالية. انه علم تاريخ المجتمع.
الى هنا تاريخ تطور المجتمع البشري باختصار كما وصفه كارل ماركس وفقا للمادية التاريخية، وهي تطبيق الطريقة الديالكتيكية كما سماها كارل ماركس في تذييل الطبعة الثانية لكتاب الراسمال وسماها الطريقة الديالكتيكية. في هذه الدراسة لتاريخ تطور المجتمع البشري حول كارل ماركس التاريخ من تسجيل لاحداث تجري على الصرح العلوي للمجتمع على شكل مات الملك عاش الملك الى علم حقيقي يقوم على اساس تطور الاساس الاقتصادي للمجتمع. ليس في هذا التاريخ اية فرضيات او افكار او احلام بل هي ما حدث من تطور فعلا منذ نشأ الانسان على الكرة الارضية الى ايام كارل ماركس. هذا هو علم الاقتصاد السياسي الماركسي الذي يشكل احد اركان الماركسية الثلاثة.
لكن التاريخ لن يتوقف في المكان الذي بلغه كارل ماركس بل يستمر على نفس التطور الديالكتيكي للاساس الاقتصادي والتطورات التي تجري نتيجة لذلك. وتصور كارل ماركس ما سيحصل بالضرورة في مستقبل المجتمع فتوصل الى ان المرحلة القادمة الضرورية وفقا للمسار الديالكتيكي هي المرحلة الشيوعية بمرحلتيها الاشتراكية والشيوعية. وهذا وفقا للطريقة الديالكتيكية هو ما ينبغي ان يحدث وليس حلما حلم به كارل ماركس بل هو نتاج طبيعي لتطور قوى الانتاج. وهكذا نشأ الركن الثالث من اركان الماركسية، الاشتراكية.
المرحلة الاولى من الشيوعية، المرحلة الاشتراكية، هي مرحلة ينبغي ان يتحول خلالها الاساس الاقتصادي وعلاقات الانتاج من اساس اقتصادي راسمالي وعلاقات انتاج راسمالية الى اساس اقتصادي شيوعي وعلاقات انتاج شيوعية، وتحول انسان المجتمع الراسمالي الى انسان شيوعي. وانذاك فقط يمكن ان يتحقق المجتمع الشيوعي. ويتحول النظام الاجتماعي الى نظام شيوعي.
ففي المجتمع الشيوعي كما في كل مرحلة من مراحل تطور المجتمع يقوم المجمع على اساس اقتصادي لقوى انتاج شيوعية وعلاقات انتاج شيوعية وصرح علوي شيوعي هو النظام الشيوعي. وليس هنا موضع شرح الاساس الاقتصادي الشيوعي وعلاقات الانتاج الشيوعية والنظام الشيوعي القائم على اساسهما.
الا ان الشيء الثابت تاريخيا هو ان حيث يوجد انسان عامل على الطبيعة، اي الانتاج، تكون ثمة علاقات انتاج مناسبة لها بصرف النظر عن المرحلة الاجتماعية في الصرح العلوي للمجتمع وان الفرق بين علاقات الانتاج في المجتمع الطبقي والمجتمع الشيوعي هو شكل علاقات الانتاج من علاقات انتاج طبقية الى علاقات انتاج لاطبقية، علاقات انتاج شيوعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الانتاج
‏ ‏omer ( 2014 / 11 / 16 - 10:18 )
‏‎ ‎تحياتي لك

كلام جميل ومبسط تسلم ايدك الكتبت


2 - حقوق الملكية
فاضل خليفة ( 2014 / 11 / 16 - 12:07 )
عزيزي المحترم
ولكأن الكاتب لا علاقة له بماركس
الجملة الصحيحة في مقالك اليوم هي
ـ علاقات الإنتاج تقرر كيفية امتلاك المواد المنتجة وتوزيعها ـ

ولما لم يكن في الشيوعية حقوق ملكية تقرر كيفية التوزيع
فذلك يعني إنتفاء أي علاقات للإنتاج
تحياتي


3 - مجتمع شيوعي على العين والرأس - ولكن متى؟
يعقوب ابراهامي ( 2014 / 11 / 16 - 17:16 )
يقول حسقيل قوجمان: تصور كارل ماركس ما سيحصل بالضرورة في مستقبل المجتمع فتوصل الى ان المرحلة القادمة الضرورية وفقا للمسار الديالكتيكي هي المرحلة الشيوعية بمرحلتيها الاشتراكية والشيوعية. وهذا وفقا للطريقة الديالكتيكية هو ما ينبغي ان يحدث وليس حلما حلم به كارل ماركس بل هو نتاج طبيعي لتطور قوى الانتاج
سؤالي هو: متى؟ متى سيحدث ذلك؟
مرّت 142 سنة بالضبط على البيان الشيوعي. هل سننتظر 142 سنة أخرى حتى يتحقق المجتمع الشيوعي؟ أم أن هذا أيضاً غير مؤكد؟
وكيف عرف كارل ماركس أن هذا هو ما سيحصل بالضرورة؟
أنا أعرف الجواب طبعاً: علم الماركسية لا يقل دقةً عن علم الفيزياء. ومع ذلك أنا أثق بروزيتا الحبيبة أكثر مما أثق بتنبؤات كارل ماركس
أكثر ما يعجبني هنا طبعا هي الجملة الجميلة التالية: هذا ما ينبغي أن يحدث. ينبغي؟

اخر الافلام

.. البيت الأبيض: واشنطن لم تتسلم خطة إسرائيلية شاملة تتعلق بعمل


.. اتفاق الرياض وواشنطن يواجه تعنتا إسرائيليا




.. إسرائيل وحماس تتبادلان الاتهامات بشأن تعطيل التوصل إلى اتفاق


.. خطة نتياهو لتحالف عربي يدير القطاع




.. عناصر من القسام يخوضون اشتباكات في منزل محاصر بدير الغصون في