الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخارطة السياسية الوليدة في تونس

عمر العوني

2014 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


قراءة في الخارطة السياسية التونسية الجديدة أو لماذا سحقت العائلة الديمقراطية الإجتماعية ?

توجه التونسيون للصندوق يوم 26 أكتوبر 2014 و أفضت النتائج إلى فوز حركة نداء تونس بالمرتبة الأولى لتليها حركة النهضة ثم الجبهة الشعبية فالوطني الحر ثم حركة آفاق تونس .
و لعل السمة الأبرز لهذه الإنتخابات هو السقوط المدوي لما يسمى بالعائلة الديمقرطية الإجتماعية الممثلة في خمسة أحزاب عريقة بعضها أسبق في و جوده عن الدولة نفسها و الصعود الصاروخي لقوى أخرى بعضها لا يزال في مرحلة الجنينية السياسية فكيف نقرأ هذا الزلزال الشامل الذي ضرب الساحة السياسية التونسية و حولها لما يشبه الطلسم ?
تجد في قمة مجلس نواب الشعب القادم حزبين لبرياليين لا يختلفان في شيء سوى في تبرير منوال التنمية اللبريالي المتوحش و تأصيله إما على قاعدة أنه قدر الشعب التونسي في أن تتحمل طبقاته المسحوقة فاتورة تأزم النظام الإقتصادي و الإجتماعي وهي أطروحات حركة نداء تونس أو في اعتبار حسم مسائلة الفقر و الإضطهاد و العدالة الإجتماعية و التوزيع العادل للثروات مسالة مؤجلة إلى يوم الحساب أو اختبار دنيوي للطبقات المهمشة فقط وهي أطروحات حركة النهضة إذ لا شيء بمشروع الحزبين يبشر بتغيير منهجي لمنوال التنمية و إحداث ثورة في التصور و العمل .
فيما تتصدر الأمية السياسية قاعدة المجلس القادم المتكونة من المؤلفة قلوبهم من ذوي حملة الشهائد العليا الذين فجأة إرتموا في أتون السياسة لا محدد لهم في عملهم سوى التعاطي الفكري البكر مع المعطى السياسي يصل أحيانا إلى حد السذاجة معتقدين أن المجتمع التونسي شركة كبيرة فيها بعض المشاكل و أن الحل يكمن في تعديل بعض النواقص و تغيير بعض المراكز في حين أن حياة الشعوب و تطورها أكثر تعقيدا ألف من مرة من ذلك ذاك هو حزب آفاق تونس الحزب الوليد الذي يرى في المجتمع الغربي و نمط الحياة البورجوازي أنموذجا و بوصلة .
و ينظم لقاعدة الأمية السياسية بالمجلس القادم صاحب المال الذين يريد اغتصاب السلطة بالثروة وهم لا يحمل إلا فتات أفكار متناثرة هناك و هنا لا خيط ناظم لها و لا مبرر فكري يقف عليه لكن يبقى محكوما بالتوجه الليبريالي المتعفن و الوسخ الذي يربط المال و تحصيله بالذكاء و الفطنة واقتناص الفرص وهو في النهاية في تناقض مبدئي مع الطبقات المسحوقة حال أنه لا يقدم أي بديل إقتصادي للشعب التونسي يمكن أن يمثل رافعة للنهوض الشامل .
لنجد في النهاية توليف سياسي فريد من نوعه تكون من بعض مكونات اليسار التونسي وريث الفكر الماركسي الأصيل و العائلة القومية بشقيها الفكري العصمتي و البعثي يقدم نفسه على أنه من حملة المشروع الوطني القائم على ركيزتين التحرر الوطني و فك الإرتباط مع دوائر النهب الراسمالي و تحقيق العدالة الإجتماعية على قاعدة تغيير منوال التنمية ذاته في العمق و تثبيت أن أزمة الشعب التونسي لها رواسب تاريخية و كذالك فعل استعماري من الخارج هذا التوليف أسمى نفسه الجبهة الشعبية أو المشروعية النظالية و الشرعية التاريخية .
إذا فالمجلس القادم الذي سيرسم عبر الحركة التشريعية الخطوط الكبرى و الخيارات المركزية خصوصا في الإقتصاد و الإجتماع لخمس سنوات قادمة سيكون محكوما بنزال بقفازي الصراع السياسي الليبرالي بمختلف تخريجاته و الوطني بمختلف مرجعياته و من الحتمي أن يكون الصراع ضاريا و طويلا و مستميتا و منذرا بالحدة و التصعيد إعتبارا و لكون كل طرح يقف على طرف نقيض من الآخر و لا نتوقع مطلقا أن يتفقا في نقاش القوانين و ستعلب الجبهة الشعبية دور الكاشف للعبة و السياسات القادمة فيما تلعب بقية الأحزاب دور المنشئ و الباني لمستقبل تونس السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي .
و حين يحتد الصراع بين تلك الكتلة السياسية داخل البرلمان كان لا بد أن يوجد الطرف السياسي الذي عليه أن يمتص ذلك الصراع و يقوم بدوره التعديلي بين الفرقاء السياسيين ذلك الطرف هو الأحزاب الديمقراطية الإجتماعية التي اقصيت تماما من الحياة السياسية و لن تلعب ذلك الدور من جديد الذي لعبته فعلا أيام المجلس الوطني التاسيسي و ترتيبا على ذلك يبدو المستقبل السياسي في تونس منذرا بسطوة المال على السياسة و تواصل منوال التنمية الليبرالي القائم على تفقير المفقر و التهميش المهمش وهو الأمر الذي قد ينذر بثورة جديدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي مطالب طلاب الجامعات الأمريكية بخصوص الحرب في غزة؟ | بي


.. الجيش السوداني: قواتنا تحرز تقدما في جميع المحاور




.. إدارة الأزمات والكوارث في دبي للعربية: مستعدون للتعامل مع ال


.. قال إن بعض الأكاديميات الغربية تعتبره ازدراء .. الدكتور حسام




.. ما قصة البريطاني جيمي سكوت مع لقاح كورونا كأول مطالب بتعويض