الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفردانية والشخصنة هي المدخل للاستبداد

نورالدين المباركي

2014 / 11 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


دعا السيد المنصف المرزوقي أمام الحاضرين في اجتماعه الانتخابي بمدينة قفصة ( وأغلبهم من قواعد حركة النهضة) الى "ضرورة منع الاستبداد من الوصول الى قصر قرطاج الحصن الأخير للديمقراطية" ، ويقصد بمنع الاستبداد انتخابه مجددا لخطة رئيس جمهورية ، يقول في الاجتماع ذاته :" سأكون العين الحريصة على ألا يمس الاستبداد الديمقراطية التي اصبحت مكسبا في البلاد بعد الثورة" .

تُكثِف هذه الدعوة جوهر مقاربة السيد المرزوقي للاستحقاق الرئاسي الذي ينظر اليه المراقبون في تونس وخارجها انه حلقة أخرى في سلسلة الانتقال الديمقراطي ، و لا ينظر اليه السيد المرزوقي إلا من زاوية تجديد بقائه في قصر قرطاج ،الطموح الشخصي مسالة مشروعة ، لكن عندما يتحول الى نزعة فردانية يصبح خطرا حقيقيا له تداعياته السلبية على مؤسسات الدولة وهياكلها .

عندما يقول السيد المرزوقي إن قصر قرطاج هو الحصن الاخير للديمقراطية في تونس ،فهو ينفي مسار العملية السياسية في تونس قبل الانتخابات الرئاسية ، ينفي دور الحوار الوطني في اغلب التوافقات التي جنبت البلاد منزلقات خطيرة ،و ينفي دستور جانفي 2014 وما تضمنه من مبادئ الديمقراطية والفصل بين السلطات و احترام الحريات العامة و الفردية ، وينفي الهيئات الدستورية في الاعلام والقضاء ، كل هذه الحصون سقطت من وجهة نظر السيد المرزوقي ولم يبقى إلا حصن واحد قد يسقط بدوره اذا لم يتم انتخابه رئيسا للبلاد.

هذه النزعة الفردانية لها جذورها في النظام السياسي في تونس فدستور 1959 كان النظام السياسي نظاما رئاسيا ، لكن في الممارسة كان نظاما "رئاسويا" منح سلطات مطلقة لرئيس الجمهورية كانت دائما مرفوقة بتسويق سياسي يقوم على مركزية شخصية الرئيس باعتباره ضامن كل شي وبعده الفوضى، بورقيبة حكم من الاستقلال الى 1987 لأنه " ضامن الوحدة القومية" و عُدّل الدستور من أجله ليكون رئيسا مدى الحياة ، زين العابدين حكم البلاد من 1987 الى جانفي 2011 لأنه كان " ضامن الامن و الاستقرار" .

كانت شخصية الرئيس فوق مؤسسات الدولة وهياكلها والقوانين المنظمة للحياة العامة ، وهو ما تجاوزه دستور جانفي 2014 الذي منح سلطات محدودة لرئيس الجمهورية وحدد علاقته بالسلطة التشريعية والقضائية وضبط آليات مراقبته بالإضافة الى انه تضمن هيئات دستورية تقوم بدور متقدم في المراقبة .
ومع ذلك فإن السيد المنصف المرزوقي يقول إنه وحده الضامن للحرية ووحده الضامن لعدم عودة الاستبداد و أنه اذا لم يتم انتخابه سيعود الاستبداد .هذا الخطاب بالإضافة الى انه اعتداء على دستور 2014 هو ايضا تكريس للفردانية والشخصنة ومدخل للاستبداد .

وكما لهذه النزعة الفردانية جذورها في النظام السياسي في تونس ، لها ايضا جذورها في تجربة السيد المنصف المرزوقي في رئاسة الجمهورية .
بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 ودخول حزبه في تحالف ضمن " الترويكا" ، وفيما كانت المعارضة تدفع لتوسيع صلاحيات رئاسة الجمهورية في " القانون المؤقت لتنظيم السلطات العمومية" ، كان السيد المرزوقي وهو المعني بهذا الأمر يقوم " بكل شي" من اجل الحصول على منصف رئيس الجمهورية ولو كانت صلاحياته محدودة للغاية ، لأن التحدي بالنسبة اليه هو تحدي ذاتي و شخصي .

أما في علاقة بأدائه داخل قصر قرطاج فان الارتباك الذي عرفته العلاقات الديبلوماسية لتونس مع عدد من البلدان كان مردها تعاطي السيد المنصف المرزوقي مع ملفات الدولة برؤية شخصية ، يقول انها " حقوقية" ، لكنها في الحقيقة هي ارتباطاته الشخصية . وقد دفعت تونس ثمن ذلك .


اثبت السيد المنصف المرزوقي من خلال حملته الانتخابية ان الفردية هي التي تحركه و أن الشعارات التي يرفعها والوعود التي يقدمها هي غطاء لتحقيق اهدافه الذاتية في البقاء في قصر قرطاج .
هل يمكن ان يعد بالديمقراطية وهو يضع يده مع ما يسمى "بلجان حماية الثورة" المتهمة بالاعتداء على الصحفيين والفنانين و الاعتداء على مقر الاتحاد العام التونسي للشغل والتي قال احد رموزها " اذا لم ينتصر المرزوقي ستسيل الدماء" مما دفع ادارة حملته الانتخابية لإصدار بلاغ تتبرأ فيه من هذه التصريحات ؟

نعم لأن السيد المنصف المرزوقي يبحث عن كيفية العودة الى قصر قرطاج ، لكنه لا يعرف كيف ، فالحزب الذي اسسه انقسم الى أربعة أحزاب ، والتحالفات الحزبية التي أوصلته بعد أكتوبر 2011 الى قصر قرطاج أندثرت ، ورصيده خلال سنوات الحكم ضعيف و نتائج الحزب الذي اسسه ورشحه للرئاسية حصل على نتائج ضعيفة في الانتخابات البرلمانية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها