الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سنبقى رغم مابيننا من خيط رفيع

محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)

2014 / 11 / 17
كتابات ساخرة


منذ فترة أتفقنا أنا وصديقي على أن نصحب صديقنا المشترك الى الطبيب النفسي في الكراده قرب الأورزدي القديم
وقبل أن تسألوا مَن هو الطبيب يجب أن تطمئنوا بأن (داعيكم) و لحد البارحه كان عندي عقل صاحي وبتاتاً لست بمريض , فأنا سالم مسلح وخدمت بثلاثة حروب ومتخرج من مئة دورة وبعثة وجامعتين ومتأكد بأن عقلي (فص ألماز وحيل سليم) ولم أراجع في حياتي لاصحة الطلّاب ولامركز شرحبيل , لكن كانت لدينا حالة مرضية تخص صديقنا العتيق نصحبه دورياً لهذا الطبيب من باب التضامن بتعزيز رباطة الجأش والتشجيع فنحن لم نتركه لوحده حتى أيام القصف الثلاثيني وأيام ملجأ العامرية ودخول الأمريكان الى ساحة الفردوس وماتلاها من أيام الذبح والتفخيخ , صحيح أن الطبيب من هذا النوع شكله مقلق ومخيف ولكنه يمتلك مهارة قل نظيرها وصراحة غريبة وتشخيص مباشر عجيب يفضح أكبر (شارب) ويمرغه في التراب ولاتقوم له قائمة الا (يطشّون عليه جدرية مي) , فالشهاده لله (خوش طبيب أيده والعافيه) بمعالجة المجانين , قصدي المرضى النفسيين .
سالفتنا , (طبينا أول رقم لأن من الصبح حاجزين) , سلّمنا وقدّمنا السيد أمامنا , أقصد مريضنا , كلّمه الطبيب , فقط كلمتين , تركه وطلب منا أن نتقدم نحن الأثنين المرافقين , كان ناقما علينا ( تگول ذابحين أبوه بالحرب الطائفية أيام الأخلاق سززيّة المتقاتلين) , وقال : (هذا مريضكم كولشي مابيه) , كان رفيقنا الثالث أستاذ خجول فقير , رمقه فأستدعاه و بدأ يكلمّه وهو يكتب في نفس الوقت وصفه علاج أقرب للتأنيب (بابا أنت ليش هامل نفسك , رغم أنو حالتك صعبة و عندك جنون أرتياب متقدم ومصاب بقلق مزمن وتحتاج علاج سريع) , تفاجأ صاحبنا الصاحي وأخذ الوصفة الطبية بأيدي مرتجفه دون أن ينبس بحرف , أما (آني وأعوذ بألله من كلمة آني) , أستدار نحوي وقصفني بنظرة مرعبة معها نبرة الخبير المكشوف عنه الغيب وقال (أنت عندك هوايه أمراض وحالتك مستعصيه , بيك شيزو عراقية زائداً فوبيا أنفصامية وياها تشكيلة من الأنانية والنرجسية و شغلات من قبيل المدري شنيّه .. ) وبقي يردد مصطلحات عجيبه حتى أصفر وجهي وسابت أرجلي , وكدت أطيح لولا إنقاذي من قبل (الفرّاش) الذي يشبه كثيراً عبد السلام النابلسي طاب ثراه النظيف .. حين خرجنا من غرفة الطبيب وجدنا الصالة ممتلئة , تفاجئت بوجود مديرنا العام فلما رآني غطى وجهه بحقيبة زوجته , وكيل الوزراة كان متنكراً باليشماغ والعقال محاولاً التخفي خشية أن يراه أحد يعرفه , أحبطنا خطّته وكشفناه وأعلنّا ذلك بالسلام عليه, والى جانبهم كانت تجلس مذيعة بقميص مشجّر تظهر في التلفزيون معها شاعرة متشيعرة رأيتها كثيراً على الفيس بوك , الأثنتان حزينتان على عكس ماتبدوان للناظرين , جاري التاجر أبو أيوب كان (گاعد بالوسطه) لم يراني لأنه كان منشغلاً (بالآي فون) , حسين أبو الأحذية (عنده محل أحذيه) في بغداد الجديدة كان واقفاً ولما فاجأناه أدار وجهه على وجه السرعة ودخل الحمام متوارياً كأنه طفل صغير , رأينا شخصيات لانعرفها لكننا سبق وأن شاهدناها في الأخبار وبرامج التوك شو جميعهم أتوا بالخفية ليراجعوا الطبيب , كان المشهد فضائحياً أقرب للشفقة المشوبة بالأستغراب الشديد , تركنا المكان ونزلنا الى الصيدلية في أسفل العمارة ( الأورزدي القديم) فاستلمنا (علاگتين أكس لارج) من الأدوية الأولى لصاحبنا الأستاذ والثانية لي , أما (صويحبنا أبو الحالة المرضيه) والذي تبين أن رفيقيه مريضان وهو سليم فقد أزعجنا بشدّة بعد أن أنطلق بموجة من الضحك الهستيري جعلتنا نفقد أعصابنا فصرخنا به وأطلقنا عليه سيول من الشتائم لم نطلقها منذ أيام المراهقة والعربدة في (الدرابين) , جعلت أصحاب المحلات في الكراده يغلقون دكاكينهم ويهربوا خشية أن يتحول الأمر الى حرب شوارع كما يحصل عندنا كل يوم .
ختمنا السجال بصمت لذيذ بعد أبيات أطلقتها في وجه الريح :
عشقت الصبايا
كرهت النساء دون الأربعين
أحب رائحة الفجل
أمقت عطر مطهر اليدين
غاية الخشية
أن تكون متعافياً
ولذّة الحياة جنونها
لايعرفها معشر المبتدئين
حصل أمس ولايحصل اليوم عساكم سالمين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل


.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا