الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا قد يختفي العرب!

جواد البشيتي

2014 / 11 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


كيف تستطيع "التحالف" مع خصومكَ (وأعدائكَ) ضدَّهم جميعاً؟ هذا هو سؤال السياسة الأشد تعقيداً لجهة إجابته؛ ويبدو أنَّ الولايات المتحدة قد عَرَفَت كيف تجيب عن هذا السؤال في الشرق الأوسط؛ فهي جَعَلَت لخصومها (وأعدائها) مصلحة في أنْ يَعْملوا بما تشتهي مصالحها وأهدافها الاستراتيجية في هذه المنطقة.
لقد فَعَلَت الولايات المتحدة كل ما تستطيع (بعَدَم فِعْلها كل ما تستطيع) لِحَمْلِ (خصمها) إيران على التَّصَرُّف بما يَجْعَل قسم كبير من العرب (هُمْ في غالبيتهم من المسلمين السنة) يَنْظرون إليها على أنَّها مَصْدَر تهديد (استراتيجي ووجودي) متعاظِم لهم، دولاً ومجتمعات؛ وإنَّ بعضهم بات يَنْظُر إلى "التهديد الإيراني" على أنَّه أَشَر وأعظم وأخطر من التهديد الإسرائيلي؛ فإيران اقْتَطَعَت من "الوجود الديمغرافي العربي" جزءاً، مُعْظَمُه (لا كله) من "الشيعة (وأقربائهم في العقيدة الدينية)"؛ وهؤلاء يمكن تسميتهم الآن "عَرَب إيران"؛ وكان آخرهم "الحوثيون" في اليمن؛ أمَّا "الكتلة الديمغرافية العربية الكبرى"، ومعظمها من "المسلمين السنة"، وتتموضَع، على وجه الخصوص، في السعودية ومصر، فما زال "مصيرها النهائي" قَيْد الصُّنْع (في "الفُرْن الدولي").
ومع ذلك، نرى الآن بعضاً مِمَّا يُراد لها أنْ تكون عليه مستقبلاً؛ فهي في وَضْعٍ لا يَقُودها إلاَّ إلى مزيدٍ من الضَّعْف والوَهَن؛ وتُضْرَب وتُدمَّر من الدَّاخل بقوىً مِنْ ماهية "داعش"؛ ومحظورٌ عليها التَّحَوُّل إلى "قوَّة إقليمية"، كمثل إيران وتركيا؛ ينبغي لها أنْ تتبادَل العداء، ومزيداً من العداء، مع إيران و"عَرَبِها"، وغير مسموح لها، في الوقت نفسه، بالدَّوران في فَلَك "القوَّة الإقليمية الإسلامية الأخرى"، وهي "تركيا (أو تركيا أردوغان)"؛ ولا بدَّ لها، أخيراً، من أنْ ترى نفسها محاصَرَةً بمخاطِر (وجودية، مَصْدَرها إيران، و"عَرَبها") تُشَدِّد لديها المَيْل إلى التَّحالف (الذي هو أَقْرَب ما يكون إلى "التَّبَعَيَّة" في معناه وواقعه) مع إسرائيل، التي تُعِدُّ نفسها الآن لاغتنام هذه الفرصة الذَّهبية التاريخية؛ وكأنَّ الغاية النهائية لِمَا يُعْمَل الآن هي التأسيس لمستقبلٍ، سِمَته الجوهرية هي "العداء المُتَبَادَل" بين "عَرَب إيران" و"عَرَب إسرائيل"!
وهذا "الانقسام الإقليمي الجديد" سَيَجِدُ سَنَداً له في "انقسامٍ دولي مُوازٍ"؛ فإيران و"عربها" في اصطقاف مع روسيا والصين في المقام الأوَّل؛ وإسرائيل و"عربها" في اصطفاف مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقام الأوَّل.
ورُبَّما يكون "اليمن الحوثي (الإيراني)" هو "نقطة التَّحَوُّل (الإقليمي الاستراتيجي التاريخي)"؛ فسقوط مضيق باب المندب في القبضة الإيرانية، مع سَعْيٍّ إلى ضَمِّ مناطِق سعودية إلى هذا اليمن، قد يَدْفَع إلى قيام "تَحالُف ثلاثي (في المقام الأوَّل)"، يضم السعودية ومصر (المناوئتين لإيران وتركيا معاً) وإسرائيل (المناوئة لإيران، والتي لا تريد لتركيا أنْ تظل محتفظةً بوزنها الإقليمي الحالي).
إنَّه مُسْتَقْبَلٌ (يُؤسَّس له الآن) تَظْهَر فيه إلى الوجود "إسرائيل العظمى"، مع انقسام عربي تاريخي، يُعيدنا إلى ما يشبه زمن "الغساسنة" و"المناذرة"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية طيبة
عاشق علي ( 2014 / 11 / 18 - 19:45 )
مقالة عظيمة ولكن
هل انت مدرك لما كتبته؟؟ كتابة شجاعة جدا اسئل الله لك السلامة
فانت الان قد صرحت تصريحا خطيرا مفاده
ان كل الانظمة العربية السنية ومن خلفها مكائنها الاعلامية وشيوخ الدين (شيوخ الفتنة)هم عملاء بشكل مباشر او غير مباشر لاسرائيل
وان ايران والشيعة العرب واقاربهم الدينيين والفكريين ليسوا اعداءا للعرب السنة ولا لحكوماتهم ودولهم بل هم مجبرون في التصدي للمشروع الامريكي الغربي الصهيوني في المنطقة والذي اصطفت كل الحكومات لعربية السنية الى جانبه
ان كان هذا ما تقصد
فانا احيك من القلب على صراحتك وشجاعتك


2 - ايران وعربها منطقي جدا
HAMID KIRKUKI/ SAYADI ( 2014 / 11 / 19 - 17:14 )
جملة جديدة تستحق أن تستعمل لغويا في مقالاتكم القادمة إنها {لكسيكان} جديد في سياسات العربيةالپارسية. شكرا حقا تمكنتم تحليل متقن في تشرذم الفكر القومي العربيالپارسي تحت ضغط الإسلام المدجج من قبل أمريكا وإسرائيل و تركيا الآوردغاني.
منطقي أيضا باالقول إن إيران تقدمي مع عربها ليست عدوة العرب كما تعتقد شيوخ الپترول الخليجية { مضخات البنزين الغربية } ولكن مصر لفقرها الأقتصادي وزخمها السكاني ووعيهم السياسي المتقدم نسبيا للشيوخ السنية في هذه المعادلة موقعها برأي متذبذبة غير معلومة!


3 - استفسار
نبيل السوري ( 2014 / 11 / 25 - 16:01 )
أنا من المعجبين بكتاباتك بشكل عام بكونك علماني متنور
هناك في مقالك ما يناقض حقيقة الأمور عما يحدث في سوريا مثلاً. ما هو تفسير هذا الحقد الهائل لقطعان الإيرانيين (وحزب الله) الذين ترسلهم إيران على الشعب السوري؟؟ و أنت تعلم كم قتل هؤلاء من السوريين المسالمين، أكثر بعدة مرات من المسلحين، و بحقد و كره هائل وبدون أي رحمة...الإسرائيليون لا يقتلون السوريين بهذه الوحشية (أرجو ألا يحاضر أحد علينا لهذه الجملة)، فالإسرائيليين هم عمليون ولا يهمهم القتل بقدر ما يهمهم إنجاز المهمة، لكن الإيرانيين (وحزب الله) يقتلون السوريين بتلذذ و يبالغون بالقتل ويقتلون سوريين لا علاقة لهم بأي شيء، إلا على ما يبدو لمخالفتهم بالعقيدة، ألا يدل ذلك أن إيران هي حقاً مَصْدَر تهديد (استراتيجي ووجودي) متعاظِم كما وصفت التهديد لكنك سفهته؟
تحياتي

اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة